مؤشرات متضاربة حول قرب الضربة الإسرائيلية لإيران
سلامي يستخف بـ «أنابيب ثاد» و«الحرس» يطلق تهديداً إقليمياً من الجزر الثلاث الإماراتية
• بوتين لـ«البريكس»: الشرق الأوسط على شفا حرب شاملة
تضاربت المؤشرات بشأن موعد وحجم الضربة الانتقامية التي تنوي إسرائيل توجيهها إلى إيران، رداً على القصف البالستي الذي تعرضت له مطلع أكتوبر الجاري، إذ أكدت هيئة البث العبرية، أن الجيش الإسرائيلي على وشك مهاجمة طهران رغم الضغوط الأميركية التي تدعو إلى تخفيف الضربة، فيما كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية أن حكومة بنيامين نتنياهو أرجأت ضربتها بسبب تسريب معلومات عسكرية حساسة بشأنها من الولايات المتحدة إلى الجمهورية الإسلامية الأسبوع الماضي.
وليل الأربعاء ـ الخميس، أفادت الهيئة العبرية بأن الهجوم على إيران وشيك، بناءً على ما أكده مسؤولون إسرائيليون، مشيرة إلى أن واشنطن تدرك أنه قد يحدث قريباً، لكن الضغط الأميركي يتمحور حول كيفية الرد.
وبينما ذكرت «سي إن إن» أن الضربة ستتم حالما تسمح الظروف الجوية بذلك، ذكر تقرير لـ«التايمز» أن تسريب وثائق أميركية سرية من وزارة الدفاع عن استعدادات إسرائيل المتقدمة للرد، استناداً لمعلومات استخباراتية تم تحليلها منتصف أكتوبر الجاري، كشف تحضير الدولة العبرية لشن ضرباتها بواسطة نظامين للصواريخ البالستية، التي تطلق من الجو، «غولدن هورايزن»، و«روكس».
وتكمن أهمية هذا في أنه يشير إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية تخطط لتنفيذ نسخة مماثلة، ولكنها موسعة إلى حد كبير من هجومها الصاروخي البالستي على موقع رادار إيراني بالقرب من أصفهان في أبريل الماضي.شركات طيران تتجنب التحليق في أجواء إيران والعراق
ومن خلال إطلاق هذه الأسلحة من مسافات بعيدة وبعيداً عن حدود إيران، فإن ذلك من شأنه أن يتجنب الحاجة إلى تحليق الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق بعض البلدان في المنطقة مثل الأردن أو العراق.
كما لا تشير الوثائق إلى أي مؤشر على أي استعدادات من جانب إسرائيل لتفعيل رادعها النووي، لكن كشف الوثائق التي تقر فيها الاستخبارات الأميركية بامتلاك الدولة العبرية لتلك الأسلحة تسبب في بعض الإحراج لواشنطن.
ونقلت «التايمز» عن مصدر استخباراتي قوله، إن «إسرائيل تؤخر الرد على إيران بسبب الحاجة إلى تغيير بعض الاستراتيجيات بعد تسريب الوثائق الأميركية التي منحت إيران فرصة للاستعداد بشكل أفضل والإفلات من أضرار الضربة» التي توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بأنها ستظهر قوة بلده للجميع أمس الأول.
وفي طهران، تحدث مصدر لـ «الجريدة» عن «ثقة عجيبة بالنفس» يبديها بعض المسؤولين السياسيين والعسكريين في مواجهة احتمالات الضربة الإسرائيلية.
أما في القدس، فقال مصدر مطلع، إن التأجيل الإسرائيلي المستمر منذ مطلع الشهر قد يدخل في تمديد جديد، دون أن يستبعد أن يبقى الوضع كذلك إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 نوفمبر.
تحذير وتهديد
على الجهة المقابلة، حذّر قائد «الحرس الثوري» الإيراني، حسين سلامي، إسرائيل من الاعتماد على نظام «ثاد» الدفاعي الذي نشرته واشنطن أخيراً في الدولة العبرية لصد رد الفعل الإيراني المتوقع عقب الهجوم المنتظر على طهران.
وقال سلامي مخاطباً الإسرائيليين: «لا تثقوا بأنابيب ثاد. أنتم تعتمدون على نظام دفاعي محدود».
وأضاف: «إسرائيل دولة صغيرة يعتمد اقتصادها على البحر بنسبة 98 في المئة. فلذلك عليها أن تفكر أكثر، فالقرارات غير الحكيمة يمكن أن تؤدي إلى سقوط النظام بسرعة غريبة».
وتابع: «إسرائيل تنتحر، عندما تريد قوة أن تنهار فإنها عادة ما تهيئ الأرضية لانهيارها، واليوم تحفر إسرائيل تدريجياً مقبرة لتدفن نفسها فيها». ورأى أن «الكيان الصهيوني لن يكون قادراً على الانتصار وسنهزمه».
وجاء حديث سلامي عن نظام «ثاد» بعد يوم واحد من تقارير تحدثت عن «صفقة» عرضها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، على إسرائيل لمنحها مساعدات مالية وعسكرية إضافية لتأجيل الضربة الانتقامية أو جعلها رمزية من خلال التنسيق مع طهران حول المواقع التي ستستهدف، بينما أشارت أوساط إلى أن إيران أبلغت حلفاء إقليميين خصوصاً بالعراق أنها تترقب وقوع الهجوم في غضون أسبوع.
وفي سياق خطابات بعض المسؤولين الإيرانيين التي تحمل طابعاً مزدوجاً بشأن السعي للسلام، واحتمال توسع الصراع ليشمل كل دول المنطقة، صرح قائد القوات البحرية لـ«الحرس الثوري» الأدميرال علي رضا تنغسيري، من جزيرة «أبوموسى»، بأن «الجزر الثلاث»، المتنازع عليها مع الإمارات، جزء من إيران وستبقى إيرانية.بزشكيان يندد بعدم فاعلية الأمم المتحدة في «إخماد النيران»
وقال تنغسيري أمام حشد من «قوات التعبئة»، الذين قدموا للجزيرة من محافظات إيران الجنوبية، تزامناً مع البيان الأوروبي - الخليجي المشترك الذي يؤكد أن الجزر الثلاث إماراتية ويدعو إيران إلى الحوار بشأنها: «مددنا دائماً يد السلام والصداقة لجيراننا، لكن من يريد التعدي على إيران في أي موقف أو يتخذ خطوة خاطئة فسيتم سحقه».
حديث دبلوماسي
وفي السياق، طمأن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن رد إيران على الرد الإسرائيلي المحتمل سيكون متناسباً ومحسوباً، فيما ندد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، بعدم فاعلية الأمم المتحدة في «إخماد النيران» المندلعة في غزة ولبنان والشرق الأوسط.
وجاءات انتقادات بزشكيان للمؤسسة الدولية خلال مشاركته في قمة «بريكس» في قازان الروسية، حيث حذرالرئيس الروسي فلاديمير بوتين من «امتداد القتال من غزة إلى لبنان. وتأثر دول أخرى في المنطقة مع ارتفاع درجة المواجهة بين إسرائيل وإيران بشكل كبير. وكل هذا يشبه ردود فعل متسلسلة ويضع الشرق الأوسط بأسره على شفير حرب شاملة».
تخوف جوي
إلى ذلك، أعلنت الخطوط الجوية القطرية، تعليقاً مؤقتاً وتعديلات على رحلاتها إلى وجهات تشمل العراق، إيران، لبنان، والأردن، نظراً للوضع الحالي في المنطقة.
وأضافت الشركة القطرية الحكومية، أن الرحلات إلى العاصمة الأردنية عمّان ستعمل فقط خلال ساعات النهار.
وكان الطيران التركي والإماراتي والألماني والسويسري اتخذ إجراء مشابها في ظل استمرار حالة عدم اليقين بشأن الرد على القصف الإيراني الذي تم بنحو 200 صاروخ بالستي ضد إسرائيل.
من جهة ثانية، شدد الرئيس الصيني، شي جينبينغ، خلال لقاء مع نظيره الإيراني على هامش «بريكس» على أن بكين «ستواصل التعاون الودي مع طهران، بغض النظر عن كيفية تغير الوضع الدولي والإقليمي».
وأشار إلى أن «الأهمية الاستراتيجية للعلاقات الصينية- الإيرانية أصبحت أكثر وضوحاً في وقت يمر فيه العالم بتحولات لم نشهدها منذ قرن».