سارت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا على مسارات متوازية هذا العام، حتى مع انحراف التوقعات الاقتصادية والتضخمية في المنطقتين في اتجاهات مختلفة، وتتوقع أسواق المال استمرار ذلك، ولكن المنطق الاقتصادي يقول إنهم مخطئون، حسبما نقلته «رويترز» واطلعت عليه «العربية Business».

ويعد مقدار التيسير الضمني من جانب بنك الاحتياطي الفدرالي وبنك إنكلترا والبنك المركزي الأوروبي حتى نهاية العام المقبل متطابقا تقريبا، حيث تتحسب أسواق المال حاليا لخفض بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة بمقدار 135 نقطة أساس، و134 نقطة أساس من جانب بنك إنكلترا، و133 نقطة أساس من جانب البنك المركزي الأوروبي.

Ad

وعلى الرغم من أن بنك الاحتياطي الفدرالي والمركزي الأوروبي كانا متقدمين بشكل متواضع على بنك إنكلترا، حيث خفض الأخير أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط حتى الآن في هذه الدورة مقابل 50 نقطة أساس لنظيريه، فلا يفسر ذلك لماذا تتوقع الأسواق أن تتحرك البنوك المركزية الثلاثة في تناغم تام حتى عام 2025، إذ إنه من المرجح أن يكون الاختلاف الأكبر بين مسارات بنك الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي.

وبينما قد يحتاج بنك الاحتياطي الفدرالي إلى إبطاء وتيرة تيسير السياسة في العام المقبل، فمن المرجح أن يحتاج البنك المركزي الأوروبي إلى تسريع الوتيرة بأكثر مما تتوقعه الأسواق حالياً.

وما زالت الولايات المتحدة في وضع فريد من نوعه على مستوى العالم بالنظر إلى نموها الاقتصادي القوي بشكل مفاجئ ومرونة سوق العمل، وبينما قد ينتهي الأمر بالفدرالي إلى تخفيف 150 نقطة أساس أخرى بنهاية العام المقبل إذا انخفض التضخم إلى المستوى المستهدف، فإن هذا أمر مشكوك فيه للغاية.

ويتجه النمو في الولايات المتحدة إلى ما يزيد على 3%، ويتم تعديل توقعات الناتج المحلي الإجمالي بالرفع، وترفض سوق العمل التراخي، ويتجه سعر الفائدة النهائي للفدرالي بشكل مطرد إلى الارتفاع إلى ما يقرب من 4% بدلاً من 3%، بينما انخفض معدل التضخم العام في منطقة اليورو بالفعل دون مستهدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، مع ارتفاع الأسعار في دول مثل أيرلندا دون 1%.

وتتحسب أسواق المال في منطقة اليورو حالياً لسعر فائدة نهائي يبلغ نحو 1.80%، وهو أقل كثيرا من سعر الفائدة الحالي للبنك المركزي الأوروبي البالغ 3.25%، ويعتقد خبراء الاقتصاد في العديد من البنوك العالمية أن البنك المركزي الأوروبي سوف يحتاج إلى الذهاب إلى أبعد من ذلك، وربما خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في كل اجتماع في النصف الأول من العام المقبل.

وأشار خبراء الاقتصاد الأوروبيون في بنك «نومورا» الأسبوع الماضي إلى مخاطر تتمثل في أن الأسواق قد تحدد في نهاية المطاف سعر فائدة نهائياً أقل بقليل من 1.5%، لكن إذا أصبحت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أعلى كثيراً مما هي عليه بأوروبا، فإن هذا من شأنه أن يقلب إجماع السوق بأن الدولار سيتراجع العام المقبل، ما يعني أن ارتفاع الدولار مؤخراً أصبح لديه مجال أكبر للاستمرار.

ولن يصبح ارتفاع الدولار بالضرورة خبراً سيئاً بالنسبة لمنطقة اليورو، فقد تستفيد من انخفاض قيمة عملتها، ففي أغسطس الماضي، كانت القيمة المرجحة للتجارة لليورو عند مستوى قياسي مرتفع، بعد أن ارتفعت بأكثر من 10% في العامين السابقين.

وقد يؤدي ضعف العملة إلى وضع حد أدنى للتضخم وتعزيز الصادرات التي تعاني حالياً بسبب الأزمة الاقتصادية التي تصيب ثالث أكبر شريك تجاري للكتلة الموحدة، الصين.

وعلى المدى القريب، قد يستمر هذا التوافق في أسعار الفائدة، إذ قد يتردد المتداولون في تغيير توقعاتهم عندما يكون هناك الكثير من عدم اليقين المحيط بالانتخابات الأميركية المقبلة، ولكن بمجرد انحساره ستتغير الأوضاع حتماً.