الهند والصين تتبادلان اتهامات بخرق الحدود
مئات الجنود شاركوا في معركة بالهراوات بمنطقة متنازع عليها غداة انتهاء مناورات هندية - أميركية
تبادلت الهند والصين، أمس، الاتهامات بخرق الحدود، بعد الكشف عن اشتباكات وقعت بين جيشيهما الأسبوع الماضي أسفرت عن سقوط جرحى من الجانبين، تعتبر الأكثر خطورة بين الدولتين النوويتين منذ عام 2020 عندما قتل 20 جندياً هندياً وأربعة جنود صينيين في مواجهات كانت الأسوأ منذ أكثر من 40 عاماً.
وفي كلمة أمام البرلمان، اتّهم وزير الدفاع الهندي راجنات سينغ، الصين، أمس، بمحاولة «تغيير الوضع القائم بشكل أحادي» عند الحدود المتنازع عليها بين الطرفين في الهيمالايا.
وقال سينغ: «في التاسع من ديسمبر 2022، حاولت قوات جيش التحرير الشعبي الصيني تغيير الوضع القائم بشكل أحادي عبر التعدي على خط السيطرة الفعلية في منطقة يانغتسي التابعة لقطاع تاوانغ» في ولاية أروناتشال براديش الحدودية، شمال شرقي الهند.
وأضاف أن قوات الجانبين «تبادلت الضربات» بعد أن تجاوز مئات الجنود الصينيين الجانب الهندي من الحدود.
وأفادت وسائل إعلام هندية بأن أكثر من 20 جندياً هندياً أصيبوا في الاشتباكات التي جرت بالهراوات، مضيفة أن الجيش الصيني الذي شارك نحو 300 من عناصره في المعركة تكبد خسائر أكبر من ناحية الإصابات في صفوف قواته.
وكان مصدر هندي كشف، أمس الأول، عن الحادث الذي أعقب مناورات عسكرية هندية أميركية مشتركة قرب الحدود، متهماً الجنود الصينيين بالاقتراب من منطقة «خط السيطرة الفعلية» الذي يشكّل حدود الأمر الواقع، حيث كان متفقاً على عدم قيام أي من الجانبين بدوريات، مضيفاً أن الجنود الهنود ردّوا «بطريقة حاسمة وحازمة»، وأنه بعد الاشتباك، «انسحب (الطرفان) فوراً من المنطقة».
وبحسب المصدر في وقت لاحق، اجتمع قائد هندي بنظير صيني له «للبحث في المشكلة في إطار الآليات القائمة لإعادة السلام والهدوء».
في المقابل، قال الجيش الصيني، إن الجنود الهنود عبروا الحدود المتنازع عليها بشكل «غير شرعي».
وقال ناطق باسم «جيش التحرير الشعبي»، إن القوات الصينية «تعرّضت إلى عرقلة من الجيش الهندي الذي عبر بشكل غير شرعي خط (السيطرة الفعلية)». وأضاف: «كانت إجراءات الرد التي قمنا بها مهنية ووفق المعايير وقوية».
وفي وقت سابق، حاول الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين التقليل من أهمية الحادث رافضاً التعليق عليه. وقال للصحافيين: «على حد فهمنا، فإن الوضع الحدودي بين الصين والهند مستقر بالمجمل»، مضيفاً أن الطرفين «حافظا على حوار من دون عراقيل بشأن المسألة الحدودية عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية». وأضاف: «نأمل بأن يتحرّك الجانب الهندي في ذات الاتجاه على غرار الصين».
وحضّت بكين نيودلهي على «التنفيذ الجاد لتوافق مهم توصل إليه قادة الطرفين والالتزام بشكل صارم بروح الاتفاقيات الموقعة من الجانبين والمحافظة معاً على الأمن والهدوء في المنطقة الحدودية بين الصين والهند».
واندلعت حرب بين الصين والهند في عام 1962 حول مسألة الحدود الطويلة المتنازع عليها بينهما.
إلى ذلك، أشارت سناء هاشمي، الباحثة الهندية الزائرة لدى «مؤسسة تايوان- آسيا للتبادل»، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، إلى أنه بعد فوز الرئيس الصيني شي جيبنينغ بولاية ثالثة، لم يسبق لها مثيل على رأس الحزب الشيوعي الصيني، ينصب تركيز بكين على إصلاح علاقاتها، وأنه نظراً إلى الاحتجاجات التي لم يسبق لها مثيل ضد سياسة «صفر كوفيد»، فقد تظل أيضاً بعيدة عن الأضواء بالنسبة لارتباطاتها الخارجية، وأن تتجنب النزاعات الدبلوماسية.
وتشير هاشمي إلى لقاءات شي مع الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني البانيز على هامش قمة مجموعة العشرين في نوفمبر الماضي يمكن أن تندرج في هذا السياق، مضيفة أن الهند لا تبدو مدرجة على هذه القائمة من الدول التي تسعى الصين لتحسين علاقتها معها.
ولم يعقد رئيس الوزراء الهندي ناريندارا مودي وجينبينغ أي اجتماع ثنائي منذ بدء انتشار جائحة «كوفيد 19».
وترى هاشمي، المستشارة السابقة بوزارة الخارجية الهندية، أن أي إعادة ضبط للعلاقات بين الهند والصين ستكون الآن وفق الشروط الهندية، مضيفة أن إظهار الصين جهداً حقيقياً لإنهاء التوتر على الحدود هو شرط مهم لدى نيودلهي لتطبيع العلاقات لكن بكين ترى أنه يتعين على نيودلهي عدم التركيز على نزاع الحدود وتعتبر الإدارة الهندية الحالية متشددة ضدها.
وترى الباحثة أن الصين تبنت نهجاً قتالياً في تعاملها مع الهند ولم تترك مساحة كبيرة للتنازلات، خصوصاً انها تعتبر منطقة المحيط الهندي- الهادئ مسرحاً لاستراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء الصين، والهند جزء مهم من هذه الاستراتيجية. كما ترى أن أسلوب الصين التقليدي لاحتواء الهند عبر عدم حل النزاع الحدودي ومساعدة باكستان حقق نجاحاً، وليس من المحتمل جداً تغييره.
وتضيف هاشمي أن الهند باتت تحظى بوضع إقليمي قوي مع ظهور الهيكل الهندي-الهادئ ما عزز إمكانياتها لايجاد توازن مع الصين وهو ما تعتبره بكين تحدياً لها.
في المقابل، تقول الباحثة الهندية إنه مع بدء تولى الهند رئاسة مجموعة العشرين واستضافة قمة منظمة شنغهاي للتعاون العام المقبل، ليس من المحتمل كثيراً أن تمد غصن زيتون للصين، فتطبيع العلاقات بين الدولتين لا يعتمد على مشاركة الرئيس الصيني في القمتين أو زيارته المحتملة للهند العام المقبل. وفي حقيقة الأمر، أوضح الجانب الهندي أن التطبيع لا يمكن أن يتم إلا إذا راعت الصين مصالحه. وحتى الآن، ليست هناك ما يشير إلى إمكانية حدوث ذلك.