في إطار جولة إقليمية بدأها الثلاثاء بالضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لاغتنام فرصة اغتيال زعيم حركة حماس يحيى السنوار لوقف العدوان على غزة، واستعادة الرهائن، وناقش في محطتها الثانية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سبل إنهاء الصراعات بالمنطقة، عقد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أمس، مع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد، مباحثات سعياً إلى إحياء الزخم لمفاوضات إنهاء الحرب المستمرة بلا هوادة منذ أكثر من عام، وخطط إدارة القطاع الفلسطيني بعدها.
وأوضح الديوان الأميري القطري، في بيان، أن الشيخ تميم بحث مع بلينكن والوفد المرافق له بمكتبه في قصر لوسيل بالدوحة مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها التطورات في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان، وجهود الوساطة الدبلوماسية المشتركة لوقف إطلاق النار، كما جرى خلال المقابلة استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل تعزيزها.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن، الذي أجرى أيضاً محادثات مع رئيس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، «ناقش مع الأمير تميم الجهود المتجددة لتأمين إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب في غزة».
وفي مؤتمر صحافي مع بن عبدالرحمن، ربط بلينكن خطة إدارة غزة وانتهاء العدوان عليها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تنظر في «خيارات مختلفة» للاستفادة من مقتل السنوار وإنهاء الحرب في غزة.
وقال بلينكن: «نريد إدارة فلسطينية لغزة، وناقشنا أفكاراً ملموسة حول الأمن والحوكمة وإعادة إعمار غزة، وعلينا الاستمرار في تطوير خطة لما بعد انتهاء الحرب حتى تنسحب إسرائيل من القطاع وعدم عودة حماس».
وأضاف: «إسرائيل حققت أهدافها الاستراتيجية، وضمنت أن هجوم 7 أكتوبر لن يتكرر، ونركز بصورة حثيثة على إعادة الرهائن وإنهاء الحرب وتخفيف معاناة الأطفال والنساء في غزة، وهناك فرصة للحل، لأن العائق كان السنوار الذي لم يعد موجوداً الآن».
وإذ أعرب عن تقديره لدور قطر الكبير في جهود إعادة الرهائن وسخائها في مساعدة غزة، توقع اجتماع المفاوضين لبحث وقف إطلاق النار في الأيام المقبلة لإنهاء الحرب، مشيراً إلى خيارات للاستفادة من مقتل السنوار، ودفع المفاوضات المتجمدة منذ أشهر قدماً.
وتابع بلينكن: «نحن ندرس خيارات مختلفة. لم نحدد بعد ما إذا كانت حماس مستعدة للمشاركة، لكن الخطوة التالية هي جمع المفاوضين، وسنعرف أكثر بالتأكيد في الأيام المقبلة».
وأعلن تقديم مساعدات أميركية إضافية للفلسطينيين بقيمة 135 مليون دولار، مؤكداً أنه طلبت ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن من إسرائيل إجراءات محددة لإيصال المساعدات إلى محتاجيها في غزة.
ورفض بلينكن أي عمل يخلق الحصار ويجوع الناس ويفصل أجزاء من غزة عن بعضها البعض. وقال: «نرفض بالكامل خطة الجنرالات في شمال القطاع».
من جانبه، قال رئيس الوزراء القطري: «لقد عاودنا التواصل مع ممثلي المكتب السياسي لحماس في الدوحة، وعقدنا بعض الاجتماعات معهم في الأيام القليلة الماضية، وأعتقد أنه حتى الآن، لا يوجد وضوح بشأن الطريق للمضي قدماً».
وأضاف بن عبدالرحمن: «هناك فريق أميركي سيزور الدوحة بجانب الفريق المفاوض من الطرف الإسرائيلي، وسيتم بحث ما هي السبل التي يمكن إحداث اختراق من خلالها في هذه المفاوضات»، مبيناً أن «قطر تنسق بشكل وثيق مع مصر بشأن أي نوع من المبادرات المطروحة على الطاولة اليوم». وأشار إلى أن «هناك مناقشات مستمرة بين مصر وحماس»، آملاً أن تؤدي إلى «أمر إيجابي».
وتابع: «حذرنا منذ بدء الحرب من توسع الصراع، ونرى اليوم أن الحرب اتسعت إلى مناطق أخرى، ونريد تجنب أي تصعيد في المنطقة ونتحدث مع جميع الأطراف لاحتواء الوضع. حان الوقت لتركيز جهودنا على جلب السلام للمنطقة والعمل على التنمية والازدهار».
وأدان «الحصار على شمال غزة والقصف الممنهج للمستشفيات، وطالب الجميع بالتحلي بروح المسؤولية تجاه الأبرياء والمدنيين في المنطقة، والسعي للتوصل إلى حل مستدام للقضية الفلسطينية مرجعها الرئيسي حل الدولتين».
في المقابل، اعتبر نتنياهو أن عدوانه المستمر منذ أكثر من سنة على غزة لم يصل بعد إلى خط النهاية، لكنه أضحى «في بداية إنهاء الحملة».
وقال نتنياهو، شبكة الإعلام الفرنسية، «قواتنا وجهت ضربة كبيرة لقدرات حماس القتالية، واغتالت القائد الذي قاد الهجوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل»، واصفاً عدوانه بأنه «صراع بين الحضارة والوحشية وتمتد إلى ما هو أبعد من مكافحة الإرهاب».
في المقابل، أعلنت حركة حماس، في بيان، أن قيادتها شرعت بحملة من «التحركات والاتصالات السياسية والدبلوماسية المكثفة لإجهاض مخططات الاحتلال ووقف الجريمة المركبة التي يقوم بها في إطار حرب الإبادة والمجازر المفتوحة على مستوى القطاع وتحديداً في شماله».
وحذرت قيادة الحركة «خلال الاتصالات السياسية التي قامت بها ولاتزال من تطبيق خطة الجنرالات وما يترتب عليها من تهجير وتدمير»، مشيرة إلى «حجم المجازر الهائلة يومياً والتي وصلت إلى أبشع ما يمكن أن يتخيله البشر من الإرهاب والقتل وإعدام الأطفال والنساء بدم بارد، والتهجير المنظم لنحو 150 ألف إنسان مع التجويع والحرمان لأهلنا من كل شيء سواء الغذاء والدواء ومصادر المياه، وتدمير البنى التحتية بالكامل وخاصة المستشفيات».
وأضافت «حماس»: «يزور في هذه الأثناء وفود من قيادة الحركة كلاً من تركيا وقطر وروسيا، كما شملت الاتصالات مصر والأمم المتحدة وإيران، ومن المقرر استكمال الاتصالات مع عدد آخر من الدول على مستوى القادة والمسؤولين في المنطقة، فيما دعت حماس وسائل الإعلام إلى فضح جرائم الاحتلال في هذه المنطقة والتي ترتكب بشكل يومي بكثافة».
إلى ذلك، حذر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمس، من أن إسرائيل تخطط «لإفراغ» غزة من سكانها، خصوصا مناطقه الشمالية، مؤكدا ضرورة «وقف العدوان» المستمر منذ أكثر من عام.
وقال عباس، أمام قمة مجموعة بريكس في مدينة قازان الروسية، «مر عام كامل على أكبر كارثة يمر بها الشعب الفلسطيني بعد نكبة عام 1948، وهي الحرب الإسرائيلية التي تُرتكب فيها جرائم الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي في قطاع غزة، توطئة لإفراغه من سكانه، خصوصا الآن في شمال قطاع غزة، حيث تلجأ قوات الاحتلال إلى تجويع السكان هناك».
وأضاف «وكذلك اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين على الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والضرب بعرض الحائط للقانون الدولي، وتعريض المنطقة للانفجار، وتوسيع دائرة الصراع».
ولليوم الـ20 من حملته الدامية الهادفة لتهجير وتجويع شمال غزة، ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة قتل فيها 17 نازحاً يقيمون في مدرسة بمخيم النصيرات، وواصل حصاره المشدد على جباليا، وبيت لاهيا، وبيت حانون.
وأعلن الدفاع المدني في غزة أمس عدم قدرة المنظمة الإغاثية على استكمال تقديم خدماتها في شمال القطاع المحاصر على أثر «تهديدات جيش الاحتلال للطواقم بالقتل والقصف».