من يقرأ بعض تصريحات ورسائل وزير الخارجية الإيراني عند زيارته الكويت قبل يومين قد يلتبس عليه الأمر، ويتشكك لوهلة أنه كلام صادر عن وزير خارجية سويسرا أو النمسا قبل أن يفرك عينيه ويرتد إليه وعيه ويتيقن أنه فعلاً إيراني ولا يمت بتاتاً لبلاد الراين بأي صلة.
فما إن انتهى معاليه من تذكيرنا بأواصر الصداقة والعلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وبقية الديباجة الدبلوماسية المعهودة، حتى ألقى بعدها بعصا التصريحات الغليظة لتلقف ما قبلها، فوجه الاتهامات المتفرقة للعدو الصهيوني والتي للمفارقة أغلبها ينطبق على إيران بذات المقاس والتفصيل، فلا ننسى مثلاً أن أعداد السوريين الذين ساهمت بلاده بتشريدهم وقتلهم أكثر عدداً بالتأكيد من مشردي غزة ولبنان الذين أبدى معاليه حرصه عليهم. وأما عن دعوات التهدئة والحد من التصعيد وإحلال السلام وحسن الجوار والتي برزت مع أول مواجهة حقيقية منتظرة وبعد سنوات طوال من حلب القضية الفلسطينية وإنشاء الأذرع وزرع العملاء والتدخل في دول المنطقة في سبيل تحرير القدس كما كان يتم التسويق والبيع على الجمهور، فمطلوب منا اليوم أن نلغي ذاكرتنا وخبراتنا ونصدق تحول اللغة الثورية الهادرة إلى موجة صوت العقل والحكمة والاستقرار، والله غفور رحيم، فإن صدقنا نحن ذلك في الكويت- لا سمح الله- فلا أظن أشقاءنا في البحرين سيقتنعون بذلك بعد تصريحات مستشار المرشد السيد كمال خرازي عن «انفصالها عن الوطن الأم».
ليت وزير الخارجية الإيرانية قد توقف عند هذا الحد من التصريحات وغادر الفورسيزن بمثل ما استقبل به من حفاوة وترحيب، إلا أنه أبى إلا أن يبطن دعوات السلام والحمام الأبيض ببعض التهديدات والتحذيرات الخفيفة المحببة للنفوس عن الحرب الشاملة التي قد يصيبنا شررها، وعن القاعدة الأمريكية في الكويت واعترافه الرسمي بالتجسس عليها ونقل المعلومات لمسؤولينا، وكأن معاليه لا يعلم أن القاعدة الأمريكية موجودة في الكويت لحمايتنا من أمثالهم لا العكس، وأن ما رأيناه من دقة الصواريخ الذكية للعدو الإسرائيلي تجعلنا لا نخشى إلا شرركم، فإن كنتم في جمهورية إيران الشقيقة حريصين على مصالحنا والعلاقات الأخوية الثنائية وتعزيزها فأمامكم فرصة ملف حقل الدرة الكويتي لإثبات حسن النوايا والكلام الطيب الجديد علينا سماعه منكم، يا الله عززوها.. والميه تكدب العراقجي...