قال نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني عصام الصقر، إن الأعمال المصرفية الأساسية لا تزال هي المحرك الرئيسي لنمو صافي أرباح البنك.
وأشار الصقر، في مقابلة مع قناة العربية، على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجلس محافظي البنك الدولي، والتي شارك فيها بنك الكويت الوطني بالعاصمة الأميركية واشنطن، إلى تحقيق البنك نمواً قوياً في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، على مستوى صافي إيرادات الفوائد، مدفوعاً بتزايد حجم الأعمال، وأسعار الفائدة المرتفعة نسبياً، إضافة إلى العمل بكفاءة والتحكم المنضبط في تكاليف التشغيل وتكلفة المخاطر.
وأوضح أن «الوطني» تمكن من تسجيل نمو في صافي إيرادات الفوائد خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، بنسبة بلغت 10.2% على أساس سنوي، لتصل إلى 733.7 مليون دينار، بينما نمت الإيرادات التشغيلية بنسبة 7.8% على أساس سنوي إلى 931.0 مليونا.
وأفاد الصقر بتحسن تكلفة المخاطر لتسجل 34 نقطة أساس في فترة الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، عازياً ذلك بشكل أساسي إلى تراجع مخصصات خسائر الائتمان وانخفاض القيمة، مع استمرار مجموعة بنك الكويت الوطني في اتباع نهجها المتحفظ في إدارة الانكشاف الائتماني.
وفيما يتعلق بمستوى جودة الأصول، بين أن بنك الكويت الوطني شهد تحسناً عاماً في تصنيف القروض المتعثرة لتصل إلى 1.39% من إجمالي المحفظة الائتمانية للبنك، كما في نهاية سبتمبر من هذا العام، فيما ارتفعت نسبة تغطية هذه القروض لتصل إلى 263%.
انخفاض الفائدة
وحول تأثير دورة انخفاض أسعار الفائدة على صافي هوامش ربحية البنك، خلال الربع الرابع من العام الحالي والعام المقبل، قال الصقر: «صحيح أن الهوامش تتعرض لضغوط مع انخفاض الفائدة، لكن لابد أن نأخذ في الحسبان أن زيادة حجم أنشطة الأعمال التي تنجم عن بيئة أسعار الفائدة المنخفضة ربما ستعوّض هذه الضغوط، حيث إن المسار الهبوطي للفائدة سيشجع الإقراض، خاصة للشركات الكبرى».
وأكد أن بنك الكويت الوطني يقوم بالتحوط من تحركات أسعار الفائدة عبر نموذج أعماله القائم على التنويع، والتركيز المتزايد على أعمال الرسوم، متوقعاً أن يكون صافي الهوامش لعام 2024 بشكل عام مستقرا، «وربما أعلى ببضع نقاط أساس عن المستويات التي شهدناها العام الماضي». وفيما يخص عام 2025، أوضح أن «هناك حالة من عدم اليقين بشأن وتيرة خفض الفائدة عالمياً، وهو ما سنرى تأثيره بشكل أوضح خلال الأرباع السنوية القادمة».
ورداً على سؤال حول إمكانية حدوث تغير في حركة الطلب على عمليات الإقراض مع بدء انخفاض تكلفتها، أجاب: «فيما يخص عمليات الإقراض للشركات، فمن المتوقع أن يساهم خفض أسعار الفائدة في دعم نمو الائتمان، ولكن هذا أيضاً مرتبط ببيئة اقتصاد كلي وبيئة أعمال محفزة وتسريع وتيرة ترسية المشاريع، إذ ستعطي هذه العوامل مجتمعة زخماً ومحركاً أكبر لإقراض القطاع الخاص، أما بالنسبة للأفراد فنحن نتوقع أن نشهد زيادة تدريجية في الطلب على قروض التجزئة مع كل خفض في أسعار الفائدة».
السوق السعودي
وفيما يتعلق بعمليات بنك الكويت الوطني في السوق السعودي، أكد الصقر أن المملكة العربية السعودية من الأسواق المهمة من حيث النمو في العمليات الدولية للمجموعة، مضيفا أن «الوطني» يوفر خدماته لمعظم قطاعات الاقتصاد السعودي، التي تشمل الكيانات المرتبطة بالحكومة إلى جانب الشركات الكبرى والكيانات العائلية.
وأشار إلى أن المجموعة تعمل على تعزيز نمو أعمال إدارة الثروات في المملكة، من خلال «الوطني للثروات»، إضافة إلى التوسع في العروض التي تقدمها للعملاء من خلال الصناديق وخدمات إدارة الثروات الأخرى.
وفيما يخص مستهدفات «الوطني» وتوقعاته للنمو في السعودية، أوضح أنها ستكون ضمن النهج المحافظ للبنك، لافتا إلى أن البنك متواجد في السوق السعودي منذ فترة طويلة، ويقدم خدماته لكبرى الشركات والكيانات المرتبطة بالحكومة، والتي بدورها تتوافق أيضاً مع التوجه المتحفظ وممارسات إدارة المخاطر التي تتبعها المجموعة.
وأفاد بأن بنك الكويت الوطني – السعودية لديه فروع في الرياض وجدة والمنطقة الشرقية، ويعمل على مزيد من التوسع في أعماله الحالية.
ورداً على سؤال فيما إذا كانت هناك نية لدى «الوطني» للتوسع في السوق السعودي عبر القيام بصفقات استحواذ، قال الصقر: «متى ما توفرت لنا فرصة استحواذ مناسبة، فإننا سننظر لها بجدية. نحن لا نبحث عن الاستحواذ لمجرد الاستحواذ، ولكن نسعى إلى اقتناص الفرص التي تحقق أفضل العوائد لمساهمينا».
السوق المصري
أما بالنسبة للسوق المصري فأوضح الصقر أنه يعيش حالة من الاستقرار حالياً، ما يؤكد ما راهن عليه بنك الكويت الوطني وتفاؤله بالإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها هذا السوق والفرص الواعدة فيه، وبين أن الاقتصاد المصري استفاد مؤخراً من الإصلاحات الرامية إلى جذب المزيد من التدفقات الأجنبية وإبرام الحكومة للعديد من صفقات الاستثمار الأجنبي، ما أعطى ثقة في الاقتصاد والعملة المصرية.
وعن بنك الكويت الوطني – مصر، أفاد الصقر: «محفظة قروض البنك جيدة للغاية، وكذلك من حيث جودة الأصول، في حين أن تكلفة المخاطر في نهاية النصف الأول من عام 2024 في مصر كانت أقل من 1%، وعلى وجه التحديد 0.56%، وبلغت نسبة القروض المتعثرة إلى إجمالي القروض 1%، ما يجعلنا في هذه المرحلة لسنا قلقين بشأن جودة الائتمان في محفظة قروضنا بمصر».
وأشار إلى أن الأداء التشغيلي لعمليات البنك في مصر يعد من الأكثر ربحية، ويتمتع بعوائد واعدة، بينما يسعى بنك الكويت الوطني - مصر إلى اقتناص الفرص لتنمية مساهمته في المجموعة، والتي تبلغ نحو 5% تقريباً من إجمالي الأصول والأرباح.
مفاوضات اندماج «بوبيان» و»الخليج»
وحول مفاوضات الاندماج بين بنك بوبيان وبنك الخليج، قال الصقر: «نؤيد في بنك الكويت الوطني، بصفته مساهماً رئيسياً في بنك بوبيان، هذه الخطوة، لكن دعمنا لها وكباقي الصفقات التاريخية الأخرى التي أجريناها، مشروط بأن يخلق هذا الاندماج قيمة مضافة لمساهمينا».
وأضاف أن الصفقة المحتملة، حتى الآن، تعتبر منطقية من وجهة نظر استراتيجية لأنها تتماشى مع أجندة التنويع لدى مجموعة بنك الكويت الوطني وتعزز مكانتها في السوق المحلي، من خلال التوسع في العمل المصرفي الإسلامي عبر بنك بوبيان، وتابع: «هناك خطوات بدأت مؤخراً مثل عملية الفحص النافي للجهالة، كما أن هناك قائمة طويلة من المتطلبات التنظيمية والسوقية، وبعد إتمام تلك الخطوات سيكون بمقدورنا الوصول إلى تقييم نهائي لجدوى الصفقة».
ترسية المشاريع
على صعيد آخر، عبر الصقر عن تفاؤله ببيئة الأعمال وسوق ترسية المشاريع بالكويت، لا سيما في ظل النشاط القوي الذي شهده سوق المشاريع خلال الربع الثالث من العام الحالي مقارنة بالسنوات الأخيرة، متوقعاً أن يستمر هذا الزخم فيما تبقى من عام 2024 وكذلك في عام 2025.
وأشار إلى أن «عملية اتخاذ القرار أصبحت أكثر سهولة حالياً وبيد الحكومة فقط بعد حل مجلس الأمة، وبالتالي لم يعد لدينا ذلك التشابك المعطل لمنظومة القرار، ما سيكون له مردود إيجابي على خطوات الإصلاح الاقتصادي التي طال انتظارها».
وأردف: «نحن تأخرنا كثيراً، والآن نستطيع القول إننا نتخطى عنق الزجاجة، وان الكويت تسير حالياً على المسار الصحيح لدفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام، فهناك إجماع وتوافق تؤيده الحكومة على ضرورة منح الأولوية للمشاريع التنموية الكبرى، والعمل على تعزيز جاذبية الكويت كوجهة استثمارية، من خلال العمل على إقرار حزمة من القوانين التي طال انتظارها لتواكب وتعزز خطوات الإصلاح الاقتصادي، كما أن هناك تفاؤلاً بأن نشهد خطوات جادة في اتجاه تعزيز دور القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية».
وتابع: «نعتقد أن نظرتنا التفاؤلية بإطلاق الإصلاحات الاقتصادية وتحسن بيئة الأعمال في الكويت خلال المرحلة المقبلة، ستعززها خطوات فعلية على أرض الواقع».
الإصلاحات المالية
وعما إذا كان للإصلاحات المالية التي يرجح أن تقوم بها الحكومة، وخاصة المتعلقة بالإنفاق الجاري، تأثير على الإنفاق والائتمان الاستهلاكي في الكويت، قال الصقر: «لابد أن ننظر إلى الصورة الكلية التي تحتاج معها الكويت إلى إصلاحات لدعم التحول إلى اقتصاد ديناميكي ومتنوع، ولتحقيق ذلك الهدف هناك حاجة إلى ضبط أوضاع المالية العامة بشكل كبير على جانب الإنفاق العام».
ولفت إلى أن الكويت تعاني من نمو متواضع للاقتصاد غير النفطي منذ الجائحة، ما يتطلب إجراء تغييرات في تركيبة الإنفاق العام مع زيادة التركيز على الاستثمارات الرأسمالية، لسد فجوة الأداء مع اقتصادات دول الجوار، وتوقع أن يكون تأثير تطبيق الإصلاحات المتعلقة بالإنفاق الجاري على الائتمان الاستهلاكي، إن وُجد، مرحلياً، وأن يعود الزخم سريعاً لأن القطاع الاستهلاكي في الكويت قوي ومرن، ويتمتع بديناميكية كبيرة.