ما قامت به إسرائيل منذ السابع من أكتوبر في قطاع غزة من إبادة جماعية وتهجير قسري يفوق الوصف، فهي لم تترك حجراً عن حجر في القطاع إلا دمرته، غير مكترثة بـ45 ألف شهيد معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن ولا للجرحى الـ100 ألف معظم إصاباتهم خطيرة.
على المسار ذاته فإن الكيان الصهيوني فعل في الجنوب اللبناني ما فعله في قطاع غزة من تهجير لسكان القرى الجنوبية بعد دك منازلهم بالصواريخ والمسيرات والتفجير الممنهج، حيث بلغت حصيلة العدوان الإسرائيلي أكثر من 2500 شهيد وأحد عشر ألف جريج منذ دخول المقاومة على خط إسناد قطاع.
إسرائيل ومن خلال رئيس وزرائها النازي نتنياهو تريد فرض إرادتها وخريطتها الجديدة على المنطقة لتجعل منه واقعاً يقر به العرب جميعاً من خلال تهجيرها لسكان قطاع غزة بما يسمى بصفقة القرن وأهالي الجنوب اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني، بل إنها تسعى إلى ما هو أبعد من ذلك بافتعالها حرباً مباشرة مع إيران وتوريط دول المنطقة بعد أن ضمنت دعم ومشاركة أميركا والغرب.
هذه الحقائق لم تعد خافية على أحد، فإسرائيل تدرك أن استمرار المقاومة في غزة وجنوب لبنان يمثل خطراً وجودياً عليها، لذلك هي تعمل ليل نهار على إنهاء وجودهما بأي شكل من الأشكال غير مكترثة بالجرائم التي ترتكبها مستغلة الدعم الأميركي والأوروبي العسكري والدبلوماسي ولعلمها بأن فاتورة الحرب مدفوعة.
على الجانب الآخر فإن الإدارة الأميركية المنحازة للكيان الصهيوني تعمل إيهام المجتمع الدولي وأنها تريد إحياء قرار مجلس الأمن 1701 من خلال مبعوث البيت الأبيض عراب التطبيع الإسرائيلي الأصل عاموس هوكشتاين لتفاوض على إجراء بعض التعديلات لآلية تنفيذ القرار وتسويقه على أنه يصب في مصلحة الطرفين الإسرائيلي واللبناني، في حين يشير الواقع إلى إعطاء إسرائيل بعض الوقت لتمكينها من إنهاء ما بدأت به، والدليل تعامل إسرائيل مع القرار 1701 على أنه ملغى في ضوء الوقائع العسكرية على الساحة اللبنانية، كما أنها تطالب بتطبيق القرار 1559، الذي يجرد حزب الله من سلاحه.
في ظل هذه المعطيات وعلى ضوء إصرار الحكومة الإسرائيلية في سياستها التوسعية بتهجير سكان غزة والجنوب فإن الحلول الدبلوماسية الناعمة التي تقودها الولايات المتحدة لوقف الحرب بعيدة المنال خاصةً مع غياب أو تغييب الدور العربي من هذه المعادلة.
الحكومات العربية لديها الكثير من أوراق الضغط المؤثرة التي يمكن ممارستها على الكيان الإسرائيلي والإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي، إلا أن موقفها مما يحدث في غزة ولبنان لم يصل للحد الأدنى من المسؤولة، ولم يتجاوز كلمات الشجب المعتادة، لذلك على الجامعة العربية اتخاذ قرار وقف التطبيع، ومطالبة الدول العربية التي لديها علاقات دبلوماسية مع هذا الكيان بطرد سفرائهم، وإحياء مشروع المقاطعة العربية للبضائع الإسرائيلية والشركات الداعمة لها، وهذا أقل المطلوب وقبل فوات الأوان لوقف العدوان السافر على غزة ولبنان في ظل استمرار المجازر الوحشية التي يرتكبها المحتل.
الحقيقة التي يجب ألا نغفل عنها أن هدف الصهاينة أكبر من غزة وجنوب لبنان، فهم يريدون الذهاب إلى حرب إقليمية كبرى لفرض خريطتهم الجديدة على المنطقة، والتي إن وقعت، لا سمح الله، ستكون النتائج وخيمة على المنطقة ومن يتصور أنه بعيد عن هذه الحرب واهم وعليه أن يتذكر أن ما مرت به المنطقة من حروب أهلية كان للكيان الصهيوني دور كبير فيه.
ودمتم سالمين.