مارغريت وايت... أول مصورة للحرب العالمية الثانية
كانت مارغريت بورك وايت (1904-1971) مصورة أميركية رائدة في مجال التصوير الوثائقي.
اشتهرت Margret Bourke White بأعمالها المبتكرة خلال مسيرتها المهنية، التي امتدت عدة عقود، وغطَّت مجموعة واسعة من الموضوعات من المناظر الطبيعية الصناعية، إلى توثيق زمن الحرب.
وُلدت مارغريت بورك وايت في الرابع عشر من يونيو 1904 في برونكس بمدينة نيويورك. وكان اهتمامها مبكراً بالتصوير الفوتوغرافي، وكان مُستوحى جزئياً من والدها، الذي كان من المصورين الهواة.
تابعت تعليمها العالي في مؤسسات متعددة، بما في ذلك جامعة كولومبيا، وجامعة بوردو، وجامعة ميشيغان، وجامعة كيس ويسترن ريزيرف، حيث حصلت على شهادتها في علم الأحياء عام 1927.غطَّت تحرير معسكر بوخنفالد الألماني ووثقت عاصفة الغبار في ثلاثينيات القرن العشرين
حياتها المهنية
بدأت بورك وايت حياتها المهنية في كليفلاند، حيث ركَّزت على التصوير الصناعي. وقد لفتت صورها لمصانع الصلب والمناظر الطبيعية الصناعية الانتباه لأسلوبها الدرامي والديناميكي. وقد لفت عملها انتباه هنري لوس، مؤسس مجلة فورتشن.
مجلة لايف
في عام 1930، أصبحت بورك وايت واحدة من أوائل المصورين الذين وظَّفتهم مجلة فورتشن. ومع ذلك، كان عملها في مجلة لايف هو الذي أطلقها إلى الشهرة حقاً. كانت أول مصورة فوتوغرافية تعمل في مجلة لايف عندما تأسست المجلة عام 1936 ونشرت صورة الغلاف للعدد الافتتاحي.
أهم المساهمات والمؤلفات:
1. التصوير الصناعي: ركَّزت أعمالها المبكرة على العمليات الصناعية والبنية الأساسية، حيث التقطت قوة وحجم الصناعة الأميركية خلال فترة ما بين الحربين العالميتين.
2. التصوير الصحافي: مهام بورك وايت كانت في جميع أنحاء العالم، حيث غطَّت الأحداث التاريخية المهمة والقضايا الاجتماعية. وثَّقت عاصفة الغبار في ثلاثينيات القرن العشرين، مما أدَّى إلى إنشاء سجل بصري مؤثر للتحديات الزراعية الأميركية. كانت المصور الأجنبي الوحيد في موسكو عندما غزت ألمانيا النازية الاتحاد السوفياتي، والتقطت صوراً نادرة للحياة السوفياتية وأحداث الحرب.
3. الحرب العالمية الثانية: خلال الحرب العالمية الثانية، أصبحت بورك وايت واحدة من أولى مراسلات الحرب، وأول امرأة يُسمح لها بالعمل في مناطق القتال. وقد غطَّت الحملات في شمال إفريقيا وإيطاليا، إضافة إلى تحرير معسكر اعتقال بوخنفالد الألماني سيئ السمعة، الذي كان معتقلاً للنازيين وغيرهم من المجرمين.أول امرأة يُسمح لها بالعمل في مناطق القتال وصوَّرت غاندي وهو يغزل الخيوط
4. تقسيم الهند وباكستان: غطَّت تقسيم الهند وباكستان بصور حيَّة ومؤثرة، بما في ذلك صورتها الشهيرة للمهاتما غاندي وهو يغزل الخيوط.
5. حركة الحقوق المدنية: وثَّقت بورك وايت أيضاً القضايا الاجتماعية في الولايات المتحدة، بما في ذلك الفصل العنصري، وحركة الحقوق المدنية.
في عام 1946، كانت مارغريت بورك وايت أرسلت في مهمة لتلتقط صور للمهاتما غاندي خلال لحظة محورية في نضال الهند من أجل الاستقلال. وفي منزله المتواضع، آنذاك، في حوار هادئ كعادته وفي زاوية أخرى من المنزل ألقت الشمس توهجاً دافئاً، وأضاء وجه غاندي الهادئ تماماً، وحينها بدأت استعداداتها الفنية لتشغيل الكاميرا، وبمجرَّد أن ضغطت على زر الكاميرا، انطفأ الضوء المُعد لذلك «الفلاش»، تاركاً إياها في صمت غير متوقع، وفي لحظة شعرت مارغريت بالإحراج، لكن عندما رفعت رأسها، رأت غاندي يبتسم بلطف، وكانت عيناه تتلألآن بالفهم. شجعها قائلاً: «كل لحظة تستحق التقاطها، حتى تلك التي تبدو غير كاملة».
وبإلهام، أخذت نَفَساً عميقاً، واستمرت في التصوير، والتقطت لحظات عفوية لغاندي وفي محادثة مع القرويين، وضحكاته تتردَّد في الهواء. في النهاية، نقلت تلك الصور غير المخطط لها ارتباطاً عميقاً - شهادة على إنسانيته وروح أمة تتوق إلى الحرية. تحوَّل الحادث إلى نعمة، مما ذكَّرها بأن أقوى القصص في بعض الأحيان تأتي من أحداث غير متوقعة، وعندما غادرت أدركت مارغريت أنها لم توثق زعيماً فحسب، بل شهدت أيضاً قلب حركة من شأنها أن تلهم الأجيال القادمة.بدأت حياتها المهنية في كليفلاند حيث ركَّزت على التصوير الصناعي
الإنجازات والتقدير
تميزت مسيرة بورك وايت بالعديد من «الأوائل» الرائدين في مجال التصوير الصحافي:
- أول مصورة أجنبية سُمح لها بالتقاط صور للصناعة السوفياتية.
- أول مصورة صحافية خلال الحرب العالمية الثانية.
- أول امرأة تظهر صورة غلاف مميزة في الطبعة الافتتاحية لمجلة لايف.
كانت المصور الأجنبي الوحيد في موسكو عندما غزت ألمانيا النازية الاتحاد السوفياتي
شاركت في نواحٍ عديدة بلحظات حاسمة في صُنع التاريخ، بتوثيقه في عالم الفوتوغراف في بداية القرن العشرين، وبتوثيق شخصيات بارزة لم يعمل عملها على تعزيز مكانة المرأة في التصوير والصحافة فحسب، بل وضعت أيضاً معايير جمالية وتقنية للتصوير الصحافي الحديث. جعلت تركيباتها الدرامية وقدرتها على إضفاء الطابع الإنساني على مواضيع ضخمة ومعقدة في أعمالها من أكثر الصور شهرة في القرن العشرين.
الحياة اللاحقة والإرث
عانت مسيرة مارغريت بورك وايت من المرض في نهاية حياتها. بعد تشخيص إصابتها بمرض باركنسون في الخمسينيات، واصلت العمل والنشر، لكنها تقاعدت في النهاية مع تدهور حالتها الصحية. توفيت في 27 أغسطس 1971.