في الصميم: بيض إيران الذهبي
الحقيقة أن ما يجري بين النظام الإيراني من جهة، وبين إسرائيل وأميركا من جهة أخرى أمر يثير الكثير من الشكوك حول سر العلاقة بينهم، فقد كتبت في 4/ 7/ 2019 في جريدة القبس الغراء مقالة عنوانها «أميركا لن تقتل دجاجة تبيض لها ذهباً»، تدور حول نفس الموضوع، ذكرت فيها أن «ما يحيّرنا هو أن الرئيس ترامب تنصّل من وعود كانت ضد إيران تحديداً، كالقيام بأي عمليات إرهابية ضدها أو ضد انسيابية الملاحة الدولية، فالرد سيكون حاسماً ومستهدفاً عقر دارها، ولكن ما حصل يدعو إلى العجب، فإيران وعملاؤها لم يلتفتوا إلى تهديداته، وقاموا بعدة عمليات إرهابية ضد قواعد أميركية وطائراتها، وقصفوا منشآت وناقلات نفطية، ولم يحرك السيد ترامب ساكناً! وتراجع عن تهديداته بحجج لا تستقيم والعقل، وكان أكثرها إثارة للجدل، حتى الاستهجان، هو أن إحجامه عن رد الاعتداءات الإيرانية هو لخوفه على أرواح 150 جندياً إيرانياً، فلماذا إذاً تلك الأساطيل والطائرات؟ وهل خرجت من مصانعها لتلقّي الضربات وقصف من اعتدى عليها بالورد، خوفاً على حياتهم؟
تراجُع السيد ترامب يذكرنا بالسيد أوباما، عندما هدد بضرب بشار، وهو أحد أدوات إيران، إذا ما استخدم «الكيماوي» ضد الشعب السوري، فقام بشار متعمداً باستخدامه، فحشد أوباما أساطيله أمام الشواطئ السورية، مما جعل فرائص الجميع ترتعد، بما فيها فرائص روسيا وإيران، وتوقع الجميع سقوط بشار خلال سويعات، ولكن المفاجأة أن قام أوباما بتراجع معيب له ومهلك للسوريين، فقد شجّع تراجعه على التمدد الإيراني في سورية، وزاد من وحشيتهم ضد السوريين.
الحقيقة أن التساهل الأميركي، وحتى الأوروبي، مع النظام الإيراني واضح ولا يمكن إخفاؤه، وهذا يدل على أن الحفاظ على هذا النظام أمر مهم رغم انتهاكاته لحقوق الإنسان ورغم إثارته للطائفية وتهديداته الإرهابية ضد الدول العربية تحديداً، وهذا يدفعنا لأن نؤمن بأن ما يفعله النظام هو بالضبط ما يريده الغرب وإسرائيل، وأن النظام الإيراني لا بد أنه يعرف ذلك ويستغله».
وذكرت في 15/ 3/ 2023 بجريدة الجريدة الغراء حول الموضوع نفسه: «واهمٌ من يعتقد أن أميركا وحلفاءها يريدون إسقاط النظام الإيراني، فكيف يقتلون دجاجتهم التي تبيض ذهباً، هذا النظام لن يسقط إلّا إذا أصر على إنتاج سلاحه النووي، أو إذا تخلى وحاد عن الأجندة التي بسببها استُبدل الشاه، وبغير هذا فهذا النظام لن يسقط إلا بإرادة الشعوب الإيرانية وحدها، وهذا ما يدفعنا لأن نؤمن بأن ما يفعله النظام الإيراني هو بالضبط ما يريده الغرب وإسرائيل، وأن النظام الإيراني يعرف ذلك ويستغله أحسن استغلال.
فعقدة إيران مع الغرب وإسرائيل وحيدة، وهي: انسوا تصنيع السلاح النووي ننسَ لكم ما تفعلونه في بلاد العرب».
فكيف يتخلى الغرب عن بيض إيران الذهبي، فدول الخليج مهددة بـ «بعبع» يتربص بها من الشرق، والويل لمن لا يعقد مع الغرب صفقات السلاح الباهظة، وإلا فالمسيّرات والصواريخ جاهزة ضدهم، وهذا بالتحديد ما حصل، فالصواريخ وصلت حتى إلى مكة المشرّفة.