لبناني وهو أحد واضعي وثيقة حقوق الإنسان للأمم المتحدة

نشر في 29-10-2024
آخر تحديث 28-10-2024 | 19:50
 د. نجم عبدالكريم

هو شارل مالك وزير خارجية لبنان في خمسينيات القرن الماضي، والذي كانت لهُ رؤية ثاقبة في الصراع المُمتد مع الصهاينة، وقد تحققت معظم التحذيرات التي كان يخشى حدوثها ما لم يستعد العرب للتعامل معها بسياسة واقعية مدروسة.

***

ومما كان يكتبهُ شارل مالك في المحافل السياسية العالمية، وفي العالم العربي:

«إن دخول إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة ليس عملاً تقف عنده مطامع اليهود وينتهي به خطرهم، فدولة إسرائيل بوضعها وحدودها الحالية مستقرٌ للقوة اليهودية الغازية، بل هي مركز تجمع لها وتربة لنموها، ونقطة انطلاقها وتوثبها على الأقطار العربية المتاخمة فالنائية، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وليست عديمة المعنى أو ضئيلة المغزى أقوال: سيكون في العالم بعد خمسين سنة دولتان فقط أميركا وإسرائيل، وفي هذه الأقوال ما هو حريٌ بالتفحص والاكتراث».

***

ولشارل مالك كتيب بعنوان «تقرير في الوضع الحاضر»، كتبه عام 1949 وجاء فيه «كانت القضية الفلسطينية ولا تزال أخطر قضية عربية على الإطلاق، ومآلها بالتالي هو مآل العالم العربي بكامله، ونكبة فلسطين هي صورة جلية للنكبة العربية، والضعفات التي ولدت الفشل العربي في فلسطين، وهي عين الضعفات التي ولدت وتولد الاندحارات الشاملة في العالم العربي».

***

وبعد أن أُعلن الكيان الصهيوني عام 1948 كتب شارل مالك «كل ما حصل حتى الآن في فلسطين وبصدد فلسطين، ليس سوى بداية، أما الخاتمة، فإما ستكون محق العالم العربي واستعماره من قبل اليهود، أو نهوضه من جديد عالماً عصرياً محترماً ومشتركاً مع الحضارات الحية في خلق القيم وصيانتها، ومهما يكن من أمر، فالمُستقبل القريب سيكون أكثر ظلمة من الحاضر وأقوى خطراً من الماضي».

***

وكتب شارل مالك عن أطماع إسرائيل في لبنان، وقال «لقد نجح الصهيونيون، بيد أنهم لن يقنعوا بهذا النجاح الجزئي لأن مطامحهم لن تنتهي عند رقعة من فلسطين التي استولوا عليها، فهم يريدون السيطرة على العالم العربي ليكونوا ورثة العهد الروماني أو البيزنطي أو التركي أو عهد الانتداب البريطاني، فإذا ظل هذا هو الحال في العالم العربي القائم على الترقيع والسطحيات والتفكك والسياسات المرتجلة وعدم الإصلاح الجدي، فإنني أجزم بأن مستقبلنا كعرب سيكون مظلماً، ولا أستبعد أن يحصل اتفاق خفي بين إسرائيل وبعض اللبنانيين- قصيري النظر- فيحدثوا انقلاباً موالياً لإسرائيل، فيجر إلى إحداث فوضى فتحدث تدخلات خارجية وبالتالي حرب جديدة لن يكون لبنان الكاسب فيها على الإطلاق.

***

مأثورات شارل مالك تحتوي على معظم الآراء التي تحقق الكثير منها، وخصوصاً فيما يتعلق بوقوف أميركا مع تلبية كل احتياجات إسرائيل العسكرية والاقتصادية والسياسية...

***

شارل مالك كان وزير خارجية كميل شمعون، ولما كنا في الخمسينيات والستينيات نسير على النهج العروبي كنا نكيل له السُباب، والآن نترحم عليه كما نترحم على كميل شمعون.

back to top