تصدرت مجموعة بنك الكويت الوطني جهود الدعوة إلى تمكين المرأة في القطاع المالي خلال النسخة الثامنة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي يعقد في الرياض تحت عنوان «آفق لا متناهٍ... الاستثمار اليوم لصياغة الغد»، حيث شاركت نائبة الرئيس التنفيذي للمجموعة، شيخة البحر، في حلقة نقاشية ركزت على الأهمية الجوهرية للشمول والتنوع بين الجنسين في دفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام، مسلطةً الضوء على التزام مجموعة بنك الكويت الوطني بتطبيق هذه القيم.

تعزيز الحوار

Ad

كانت الحلقة النقاشية بمنزلة منصة حيوية لطرح معالجات للتحديات والفرص المتعددة الأوجه المحيطة بتمكين المرأة في القطاع المالي، وهدفت إلى إثارة المناقشات البنّاءة حول أهمية التنوع بين الجنسين، ودور الممارسات الشاملة في تعزيز الاستدامة الاقتصادية، والأساليب المبتكرة اللازمة للتخلص من الحواجز التي أعاقت تاريخياً تقدم المرأة في هذا القطاع. وإضافة إلى ذلك، سعت المناقشات إلى إيصال رسالة قوية إلى القيادات النسائية المستقبلية، مستفيدة من رؤى وخبرات الرواد البارزين في هذا المجال.

وفي معرض حديثها عن السياق التاريخي للتحيز ضد المرأة في القطاع المالي، قالت البحر: «حان الوقت لتحويل هذه الشكوك إلى فرص»، ملقية الضوء على الحواجز الكبيرة التي تواجهها المرأة، ومستشهدة بالعديد من الدراسات المختلفة التي تؤكد استمرار وجود الفجوة بين الجنسين في سوق العمل. وشددت قائلة: «لقد قطعنا شوطاً طويلاً، إلا أن الماضي لا يزال يلقي بظلاله على هذه القضية»، مؤكدة ضرورة مواصلة التخلص من هذه التحيزات.

الصمود والتغير

وبالانتقال من التحديات التاريخية، تناولت البحر تطور الأوضاع المحيطة بالقطاع المالي، قائلة: «على الرغم من استمرار وجود العديد من التحديات، مثل عدم المساواة في الأجور ونقص التوجيه والإرشاد، فإننا نشهد تحولاً ملحوظاً».

وأضافت: «بدأ القطاع المالي يدرك أن التنوع ليس مجرد هدف نرغب في تحقيقه، بل أصبح ضرورة ملحّة لنجاح الأعمال». وأشارت إلى مبادرات مثل برنامج NBK RISE كأمثلة رائدة في تعزيز دور ومكانة القيادات النسائية وفتح آفاق جديدة لتميز المرأة ودعم مسيرتها المهنية.

وأكدت البحر التميز الفريد لبرنامج NBK RISE، المصمم خصيصاً لتعزيز الأثر الاجتماعي من خلال الدعوة إلى زيادة تمثيل المرأة في الأدوار القيادية، حيث يعمل البرنامج على تحفيز المؤسسات الأخرى للانضمام إليه وتوقيع تعهّد يؤكد التزامها بتعزيز دور المرأة ودعمها للوصول إلى المناصب القيادية. وشددت البحر على أن «الأمر يتعلق ببناء الجسور وليس الجدران»، مشيرة إلى أهمية التعاون لتحقيق المساواة بين الجنسين.

ويركز برنامج NBK RISE على نهج شامل من خلال رعاية المشاركات من خلفيات متنوعة، مما يسهم في تطوير شبكة متكاملة من النساء المزودات بالمهارات اللازمة للنجاح في المناصب العليا.

وقد تم تصميم البرنامج بواسطة فريق نسائي على دراية بالتحديات المتعددة التي تواجهها المرأة في مراحلها المهنية المختلفة، مما يضمن مصداقية البرنامج وجديته في معالجة القضايا الحقيقية. وإضافة إلى ذلك، تم تطبيق استراتيجيات اتصال مبتكرة لزيادة الوعي بالفجوة بين الجنسين وتعزيز بيئة أكثر دعماً للقيادات النسائية في القطاع المالي.

دور القيادات النسائية

ولفتت البحر إلى الدور المحوري الذي تؤديه المرأة في تعزيز استراتيجيات الاستثمار في الشركات. وقالت: «عندما تتولى المرأة قيادة المؤسسة، فإنها تقدم وجهات نظر فريدة تدعم الابتكار»، مشيرة إلى دراسات بينت أن فرق الاستثمار التي تضم مزيجاً من الجنسين تتفوق على نظيرتها التي تضم الرجال فقط بنسبة تزيد على 1.4 بالمئة سنوياً.

وأضافت: «الأمر لا يتعلق فقط بالعدالة الاجتماعية، بل يتعلق أيضاً بمستوى الأداء»، مستعرضة الفوائد الملموسة للتنوع بين الجنسين في سياق الاستثمار، ومشددة على أهمية التعليم، والاستثمار في الجيل الجديد منذ الصغر، وأن نؤمن بالتنوع والشمول، وأن يشمل التغيير عقلية الأسر. وأشادت البحر بالتجربة السعودية والتطور الحاصل بالمملكة في مجال دعم المرأة بمستويات فريدة من القيادة والتمكين، كما استعرضت السمات الفريدة التي تميّز القيادات النسائية في إدارة المخاطر، مبينة أن «المرأة غالباً ما تتبع نهجاً أكثر تحفّظاً وتتمتع بنظرة طويلة الأمد، الأمر الذي يتيح فرصة تحقيق الاستقرار والنمو المستدام».

وأوضحت أن بحثاً أجرته إحدى الجهات المستقلة أكدت نتائجه أن المحافظ المالية التي تديرها النساء تتميز بمعدل دوران أقل بنسبة 20 بالمئة. وتابعت البحر حديثها قائلة: «لا نكتفي بإدارة المخاطر فقط، بل نصوغ إرثاً لمستقبل مستدام»، مؤكدة أن هذه الرؤية تنسجم مع التزام بنك الكويت الوطني بمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

وأشارت البحر خلال الجلسة النقاشية التي سلطت الضوء على الأثر الاقتصادي الكبير لتمكين المرأة في سوق العمل، إلى عدد من الدراسات التي تؤكد أن تحقيق تكافؤ فرص العمل بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن أن يؤدي إلى زيادة بنسبة 30 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي.

وقالت: «الاستثمار في المرأة ليس مجرد مسؤولية اجتماعية، بل هو استراتيجية اقتصادية. دعونا نتصور مستوى النمو الذي يمكن أن نحققه إذا أطلقنا العنان لكامل إمكاناتنا المشتركة»، مشددة على أن المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص الوظيفية هما المفتاح لتحقيق ازدهار اقتصادي شامل ومستدام.

الدور الريادي للمرأة

وأشادت البحر بالمساهمات الحيوية للمرأة في القطاعات عالية النمو مثل التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والطاقة النظيفة، مؤكدة أن «دور المرأة لا يقتصر على مشاركتها في السوق، بل هي رائدة تشكل المستقبل».

وعلى مستوى المؤسسات الكبرى مثل بنك الكويت الوطني، تتولى المرأة زمام المبادرة في المشاريع التي تركز على الاستثمارات العابرة للحدود، مما يفسح المجال للاستفادة الفعالة من الأسواق الجديدة وتنويع المحافظ بما يتماشى مع الاتجاهات العالمية التي تُبرز دور القيادات النسائية في تعزيز استراتيجيات استثمارية مبتكرة ومستدامة. ويعزز بنك الكويت الوطني دمج المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، حيث شغلت المرأة نحو 27.8 بالمئة من الأدوار المتعلقة بهذه المجالات عام 2023، كما لا يقتصر التزام البنك بالتنوع بين الجنسين على تمكين المرأة فحسب، بل يعزز أيضاً المكانة الريادية لبنك الكويت الوطني على المستوى الإقليمي، ويؤكد دوره في تعزيز بيئة شاملة، مما يمهد الطريق للقيادات النسائية المستقبلية في هذا القطاع.

التكنولوجيا المالية

وتطرقت الجلسة النقاشية أيضاً إلى منصات التكنولوجيا المالية (FinTech) مثل Robinhood وCoinbase ودورها في إضفاء الطابع الديموقراطي على القطاع المالي، مما يعزز فرص انضمام المرأة لهذا القطاع ومشاركتها الفاعلة فيه.

وذكرت البحر: «لقد قامت هذه المنصات بكسر الحواجز، وجعلت الاستثمار متاحاً للجميع، خاصة النساء»، لافتة إلى أن 40 بالمئة من الاشتراكات الجديدة في Robinhood هي لسيدات.

وتابعت: «يعتبر هذا التطور تحولاً جذرياً لطريقة تعاملنا مع القطاع المالي، ولقد نجحنا في إعادة رسم المشهد».

التنوع بين الجنسين

ختاماً، ناقشت البحر تأثير السياسات الحكومية على تعزيز التنوع بين الجنسين في القطاع المالي، مبينة أنه على الرغم من أن المعايير الثقافية قد تشكل تحديات، فإنها تتيح أيضاً إمكانية اقتناص الفرص الفريدة والوصول المدروس والمصمم خصيصاً لتحقيق ذلك. وأشارت إلى «رؤية السعودية 2030» ورؤية الكويت «كويت جديدة 2035» كمثالين بارزين على المبادرات التي تهدف إلى تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل، مضيفة أن «التغيير يعتبر عملية مستمرة، لكن كل خطوة نخطوها تقربنا أكثر من تحقيق المساواة».

وأكدت أن المناقشات التي دارت في إطار مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار سلطت الضوء على الأهمية الحيوية للتنوع بين الجنسين، معتبرة إياه أكثر من مجرد التزام أخلاقي، بل ركيزة أساسية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. وأنهت البحر حديثها بعبارة تحمل عبرة ملهمة، قائلة: «في القطاع المالي، كما في الحياة، يعتبر التنوع مفتاح الابتكار والنجاح. من خلال تعاوننا وتضافر جهودنا، يمكننا إعادة تشكيل المستقبل وخلق بيئة شاملة تتيح للجميع فرصة للازدهار».

تحفيز التغيير الإيجابي

وانطلاقاً من مركزه الريادي في القطاع المصرفي، يواصل بنك الكويت الوطني التزامه بمبادئ الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، مدركاً الأهمية البالغة التي تؤديها هذه المبادئ في تعزيز التنمية المستدامة. ومن خلال تركيزه على الممارسات المصرفية المسؤولة ودعم المبادرات التي تسهم في تمكين المجتمعات وتعزيز الممارسات البيئية، يتجاوز دور البنك تعزيز مرونته التشغيلية ليشمل أيضاً المساهمة الفعالة في خلق مستقبل مستدام. ويجسّد تبني نائبة الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني، شيخة البحر، لهذه القضية توجهات البنك لتحقيق هذا الهدف، حيث يسعى بجهود حثيثة إلى إحداث تأثير إيجابي في القطاع المالي وتعزيز الاقتصاد على نطاق أوسع.