أعلن «حزب الله» اللبناني، أمس، أنه انتخب «عملاً بالآلية المعتمدة»، نائب الأمين العام نعيم قاسم، أميناً عاماً جديداً للحزب، وذلك بعد نحو شهر من مقتل الأمين العام التاريخي حسن نصرالله في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل هاشم صفي الدين الذي كان يعتبر المرشح الأوفر حظاً لخلافته بغارة في 3 الجاري.
وقال مصدر مقرّب من الحزب لوكالة فرانس برس، إنّ انتخاب قاسم (71 عاماً) جرى في 27 الجاري، أي بعد مرور شهر على اغتيال نصرالله، مضيفاً أن قاسم سيتولى المنصب حتى انتهاء الحرب، على أن يتم انتخاب مجلس شورى جديد يتولى انتخاب الأمين العام. ويضم «الشورى» حالياً خمسة أعضاء، بعدما كانوا سبعة، اغتيل منهم نصرالله وصفي الدين.
ويقول خبراء إن انتخاب قاسم، الذي يشغل منصب نائب الأمين العام منذ عام 1991 وكان أحد مؤسسي الحزب في عام 1982، هو محاولة من الحزب لتأكيد مركزية القيادة والقرار، وكذلك للرد على كل الكلام حول القيادة الإيرانية للحزب في ضوء ارتفاع منسوب الاعتراض في الداخل اللبناني من جهات سياسية متعددة التوجهات، على طريقة تعاطي طهران مع الملف اللبناني، والتي أعطت انطباعاً بأنها صاحبة القرار وهي التي تفاوض.
وبعد قليل من إعلان الحزب، هددت إسرائيل باغتيال قاسم، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن «التعيين مؤقت والعد التنازلي بدأ»، في حين كتبت صفحة «إسرائيل بالعربية» التابعة للحكومة الإسرائيلية، أن فترة تولي قاسم «قد تكون الأقصر في تاريخ هذه المنظمة إذا سار على درب سابقيه حسن نصرالله وهاشم صفي الدين».
وفي إيران، قال مصدر قيادي في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري، إنه كانت هناك تحضيرات بالغة السرية، لنقل قاسم إلى مكان آمن في طهران، قبل إعلان تعيينه حتى لا تستهدفه إسرائيل، وبالتالي فإن إعلان توليه المنصب يعني عملياً أنه أصبح في طهران.
وقالت «رويترز» إن الكثيرين يرون أن قاسم يفتقر إلى الكاريزما والجاذبية التي كان يتمتع بها نصرالله. وعلى عكس نصرالله الذي كان ضالعاً في تخطيط العمليات العسكرية للحزب، فإن قاسم يبدو شخصية أكثر انخراطاً في تفاصيل العمل السياسي المحلي، إذ عمل منسقاً عاماً لحملات «حزب الله» الانتخابية البرلمانية منذ خاضها الحزب لأول مرة في عام 1992، وتولى رئاسة هيئة العمل الحكومي المعنية بمتابعة أعمال الوزارات المختلفة ودراسة هيكلياتها وقراراتها.
وجاء تعيين قاسم في حين قللت مصادر سياسية في بيروت من أهمية التسريبات عن اختراقات في مساعي إيجاد حل دبلوماسي ينهي الحرب في لبنان.
وتشير هذه المصادر إلى أن إسرائيل تمضي قدماً في توسيع عملياتها العسكرية البرية في جنوب لبنان وممارسة المزيد من الضغط العسكري لإحداث تغيير سياسي كبير على الساحة اللبنانية، مؤكدة أن الحزب يعرف ذلك جيداً، وينظر إلى كل ما يجري في لبنان على أنه تكرار لسيناريو غزة، وبالتالي لا يزال يصرّ الحزب على المنازلة في الميدان.
وتستبعد المصادر أن يوافق الإسرائيليون على الصيغ الدبلوماسية والتفاوضية المقترحة، بما فيها دور قوات اليونيفيل، وترى أنه كلما طالت الحرب وتأخرت سعى الإسرائيليون إلى فرض شروط جديدة.
وأبعد من ذلك، ترى المصادر أن هناك مؤشرات بأن الجو الدولي يدعم المساعي لإنتاج تركيبة سياسية جديدة في لبنان، أو توازنات سياسية تتغير بموجبها كل المقاربات التي كانت قائمة سابقاً، ويتم من خلالها تحجيم أو إقصاء ايران.
في المقابل فإن صمود «حزب الله» يرتبط بترتيب وضعيته والحفاظ على قوته الداخلية ولمنع إقصائه من المعادلات، وهو رغم تعرضه لنكسات عسكرية يريد أن يبقى قادراً على الحفاظ على وضعيته السياسية والاجتماعية.
وفي تطور ميداني، قالت قوات اليونيفيل، في بيان أمس، إن صاروخاً أصاب مقر القوة الرئيسي في بلدة الناقورة جنوب غرب لبنان، أُطلق من جهة الشمال (من ناحية لبنان)، ومن المرجح أن يكون مطلقه حزب الله أو جهة تابعة له.
وأعلنت النمسا أن ثمانية من جنودها ضمن «اليونيفيل» تعرضوا لإصابات «طفيفة وسطحية» بعد سقوط الصاروخ.
ودعت وزيرة الدفاع النمساوية إلى التحقيق في الهجوم، مضيفة أنه «لن يتم التسامح مع تعريض قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة للخطر عمداً أو عن غير قصد».
وكانت «اليونيفيل» تعرضت خلال الأسابيع الماضية لعدة اعتداءات من الجيش الإسرائيلي و«لهجمات أخرى لم يعرف منفذها».