في خطوة تهدد بسباق تسلح في المنطقة وتزيد مخاطر عسكرة الأمن الإقليمي، كشفت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن طهران ستزيد ميزانيتها العسكرية بنحو 200 بالمئة، في وقت يبدو أن مشهد المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران لا يزال في الأسطر الأولى من افتتاحيته، مع استعجال الحرس الثوري تنفيذ رد على الضربة الإسرائيلية التي استهدفت إيران فجر السبت الماضي، بعد ساعات من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن رد الدولة العبرية على إيران لم ينته.

ونددت مهاجراني، أمس، بهجوم إسرائيل الانتقامي، معتبرة أن «من الخطأ أن يظن الصهاینة أنهم يستطيعون التأثير على وحدتنا الوطنية بهذه التصرفات».

Ad

وشددت المتحدثة على أن أجواء المنطقة متوترة بسبب «المطامع الإسرائيلية»، مؤكدة أن «إيران تسعى إلى تهدئة التوترات والسلام»، وأشارت من جهة أخرى الى أن بلادها «لا يهمها من يصبح رئيسَ الولايات المتحدة؛ سواء من الحزب الجمهوري أو الديموقراطي».

بدوره، رأى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده قادرة على «زعزعة أمن» إسرائيل والرد عليها بشكل «أقوى من الرد السابق»، في إشارة إلى جولتي القصف الصاروخي والبالستي ضد إسرائيل في أبريل الماضي ومطلع أكتوبر الجاري.

وهاجم بزشكيان، خلال خطاب له في طهران، الولايات المتحدة بقوله إن «واشنطن يمكنها أن تضرب بلادنا، لكن لا يمكنها أن تبقى هناك»، مشيراً إلى أن إيران «لن تستسلم أو تخضع للولايات المتحدة أبداً».

وتزامن ذلك مع تأكيد مساعد قائد «الحرس الثوري» للشؤون التنسيقية، محمد رضا نقدي، أن ضربات أقوى ستوجه إلى إسرائيل خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقال نقدي مشيداً بـ «حزب الله» و«حماس»: «سترون في الأيام القادمة ضربات أقوى ستوجه إلى الكيان الصهيوني، وسيفاجأ الإسرائيليون بإجراءات وابتكارات جديدة»، في إشارة ربما إلى ضربات الفصيلين.

كما شدد على أن الإسرائيليين «سيتكبدون خسائر أكبر».

تبادل اتهامات

جاء ذلك بعد ساعات من تحميل سفير ومندوب إيران الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، الدعم الأميركي غير المشروط للكيان الإسرائيلي، إلى جانب عرقلة واشنطن لأداء واجبات مجلس الأمن الدولي مسؤولية تشجيع إسرائيل على «ارتكاب المزيد من الجرائم والاعتداءات» في غزة ولبنان، والآن ضد إيران، وإضعاف السلام والأمن الإقليميين.

واتهم المندوب الإيراني خلال الاجتماع الطارئ الذي عُقد بمجلس الأمن الدولي بطلب من طهران لبحث «العدوان الصهيوني على إيران فجر السبت»، إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالتواطؤ والتعاون في الهجوم الإسرائيلي الذي أسفر عن أضرار عسكرية قوية، كما أدى إلى مقتل 4 عسكريين من قوات الجيش ومدني إيراني.

وقال إيرواني: «في ساعات الصباح الباكر من يوم 26 أكتوبر، أطلقت مقاتلات الكيان الإسرائيلي صواريخ بعيدة المدى ومُطلقة من الجو من مسافة حوالي 100 كيلومتر خارج حدود إيران، مستخدمة المجال الجوي الذي وفّرته القوات العسكرية الأميركية في العراق. واستهدفت هذه الصواريخ عدة رادارات دفاع حدودية إيرانية في محافظات إيلام وخوزستان وطهران، إضافة إلى مواقع عسكرية».

وشدد على أن بلده تحتفظ بحقها المشروع في الرد على الاعتداء الإسرائيلي، مؤكداً أنه سيكون متوافقاً تماماً مع القانون الدولي.

وتجسّدت حدة الصراع أثناء تبادل السفيرين الإيراني ونظيره الإسرائيلي داني دانون الاتهامات بشأن الجهة المسؤولة عن إشعال فتيل الحرب وتأجيج الصراع في المنطقة.

وأكد السفير الإسرائيلي أن بلاده دافعت عن نفسها بعد «الهجوم الوحشي» الذي شنّته طهران في الأول من أكتوبر الجاري، داعياً إلى فرض «عقوبات خانقة» على طهران، لمنع «نظام مجنون» من الحصول على أسلحة نووية.

من جهتها، حذّرت مندوبة أميركا، ليندا غرينفيلد، إيران من أنه ستكون هناك «عواقب وخيمة» حال مهاجمتها إسرائيل أو القوات الأميركية في المنطقة مرة أخرى، في الوقت الذي اتهمت روسيا إسرائيل وحليفتها أميركا بإشعال «نيران الحرب» في الشرق الأوسط.

وقالت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، إن الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، لا تريد أي تصعيد إضافي في الضربات الجوية الانتقامية بين إسرائيل وإيران.

وطالبت غرينفيلد إيران بـ «التوقف عن هجماتها ضد إسرائيل وكبح وكلائها الإرهابيين». وحثت الدول الأعضاء في المجلس الذين لديهم نفوذ للضغط على إيران «لوقف صب الوقود على نار الصراع الإقليمي، وبدلاً من ذلك المساهمة في خفض التصعيد».

وعيد وصور

في هذه الأثناء، عادت الأوساط الإسرائيلية للحديث عن استعدادات لتوجيه ضربة علنية ثانية تستهدف إيران، رداً على استهداف منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في محاولة لاغتياله بمسيّرة تبنّاها «حزب الله».

وبحسب القناة 13 العبرية، أُبلغ الوزراء الاسرائيليون أن العملية الإسرائيلية الأخيرة في إيران لم تعالج هذه الحادثة على وجه التحديد، ومن المتوقع صدور رد جديد. وقد طوّر المسؤولون الأمنيون والوزراء عدة إجراءات محتملة، ومن المتوقع اتخاذ قرار قريباً.

ولفتت الأوساط العبرية إلى أن نتنياهو تعهّد خلال كلمة أمام «الكنيست»، أمس الأول، بـ «تحجيم إيران» وعدم الهدوء حتى يحرم الإيرانيين من حلمهم النووي.

واعتبر زعيم المعارضة يائير لابيد أنه «لم يكن هناك رئيس وزراء أضعف دولة إسرائيل أكثر من نتنياهو». وقال لابيد عبر «إكس»، مخاطباً رئيس الوزراء: «إذا كنتم تريدون أن تنسبوا الفضل إلى أنفسكم في تحقيق النجاحات، فعليكم أن تتحملوا المسؤولية عن الإخفاقات أيضاً».

من جهة ثانية، كشفت صورة جديدة للأقمار الاصطناعية (سنتينل)، استهداف إسرائيل في هجومها على إيران السبت الماضي، لمنشأة نفطية إيرانية، ومركز لإنتاج الوقود الصلب للصواريخ البالستية، عكس الاتفاق الذي سربته صحيفة معاريف بين نتنياهو وإدارة بايدن بشأن تجنّب المنشآت النفطية والنووية لتفادي إشعال المنطقة.

ووفق «معاريف»، فإن الهجمات الإسرائيلية، استهدفت موقع شاهرود، أو المركز الفضائي والمجمع العسكري جنوب شرق محافظة سمنان، الذي يوصف بأنه حجر الزاوية في برنامج الفضاء الإيراني الذي يستخدم بشكل أساسي لتطوير الصواريخ البالستية التي تعتمد على الوقود الصلب.

وفي الماضي، زعمت إيران أن منشأة شاهرود كانت تستخدم فقط للأغراض المدنية وأبحاث الفضاء، لكن هناك تقارير استخباراتية مختلفة ربطتها ببرنامجها النووي.

وفي الوقت نفسه، كشفت صور الأقمار الاصطناعية التي حللتها خدمة «بي بي سي»، أن الأضرار قد لحقت بصهريج تخزين في مصفاة عبادان، في مقاطعة خوزستان.

وفي اعتراف أوّلي لم يتم قبل ذلك، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن المصفاة التي تعد الأكبر في إيران «كانت أحد أهداف الهجمات».