أكد خبراء اقتصاديون اليوم الأربعاء أهمية دور السياسات الوطنية التي تتخذها الحكومات في حماية المنافسة ومحاربة الاحتكار وضمان وجود مساواة في جميع قطاعات الاقتصاد تدفع الأسعار إلى الانخفاض وتحسن خيارات الجودة للمستهلكين.
وشددوا في جلسة نقاشية ضمن مؤتمر «تعزيز المنافسة..التحديات والطموح» الذي ينظمه جهاز حماية المنافسة الكويتي بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا على ضرورة أن تضمن الحكومات تكافؤ الفرص في السوق وتمكين المنافسة في العمل بشكل صحيح مع حماية حقوق المستهلكين والمنتجين.
واستعرض رئيس جهاز حماية المنافسة المصري د. محمود ممتاز في كلمته بالمؤتمر جهود حكومة بلاده في رفع كفاءة الاقتصاد المحلي من خلال فتح الأسواق للشركات الأجنبية والمصرية على حد سواء مع نشر ثقاقة الحياد التنافسي لدى القطاعات المعنية بالاقتصاد المصري.
وقال ممتاز إن مفهوم الحياد التنافسي يعني في المقام الأول بضمان عدم وجود إجراءات وقوانين متعارضة تعرقل التنافس في السوق والتأكد من أن جميع الأجهزة الحكومية لديها إجراءات تضمن عدم التمييز بين المتنافسين.
وأضاف أن التنسيق الفعال بين الأجهزة الحكومية المختلفة سوف يضمن وجود قواعد وإجراءات وتنظيمات متساوية يستفيد منها جميع اللاعبين بالسوق دون تمييز بينهم وضمان عدم وجود أي ممارسات احتكارية مقصودة.
وشدد على أهمية أن تطبق التشريعات والتنظيمات بشكل متساو وشفاف على الجميع لاسيما في مجال الضرائب بحيث لا يتم تمييز بعض الشركات على نظرائها الآخرين ويستفيد بعضها من انخفاض كلفة الإنتاج أو الخدمة المقدمة نتيجة التمايز الضريبي بالسوق.
من جانبه، قال رئيس لجنة المنافسة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الفرنسي فريدريك جيني في كلمته بالمؤتمر إن حماية المنافسة لا تنجح إلا بوجود تعاون وثيق بين جميع الأجهزة الحكومية والجلوس على طاولة واحدة لتوحيد الإجراءات والتنظيمات الحكومية بما يضمن محاربة الاحتكار والوصول إلى «الحياد التنافسي» دون تمييز.
وأضاف جيني أن بعض الدول تقوم بتمييز أعمال القطاع العام على القطاع الخاص أو العكس مما يؤدي إلى احتكار السوق من جهات محدودة تؤدي بالنهاية إلى ممارسات احتكارية تضر بالمستهلك النهائي.
وشدد على أن هذه الممارسات يجب أن تتم محاربتها عبر تفعيل دور أجهزة حماية المنافسة في تلك الدول وبإعطائها الاستقلالية في عملها بما يضمن لها تطبيق إجراءات مكافحة الاحتكار والتنافس الشريف دون أي تدخلات في عملها بما يضمن المساواة بين جميع اللاعبين في السوق المحلية.
وأشار إلى ضرورة أن يتسم جهاز حماية المنافسة بالشفافية التامة أمام الجمهور من خلال نشر كل ما يضر بالمنافسة في وسائل الإعلام المحلية وإشراك المجتمع في الإبلاغ عن أي ممارسات احتكارية يتم رصدها في الأسواق وسماع آراء كل اللاعبين في السوق المحلي دون بخس الحقوق الخاصة بالشركات سواء العامة أو الخاصة.
من ناحيته، قال مدير ورئيس لجنة المنافسة في السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا «الكوميسا» ويلارد مويمبا في كلمة مماثلة إن أفريقيا تحاول الوصول إلى الحياد التنافسي عبر تطوير عدد كبير من القوانين واللوائح بمشاركة خبراء عالميين، مضيفاً أن لجنة المنافسة نجحت بالفعل في وقف بعض الممارسات الاحتكارية في السوق الأفريقية.
وأوضح مويمبا أن فك الاشتباك بين القوانين والتشريعات الخاصة بالاقتصاد يُعتبر تحدياً رئيسياً لكثير من الدول حول العالم، مبيناً أن دول جنوب وشرق افريقيا قامت بعمل دؤوب في توحيد عدد من القوانين وإلغاء بعضها الآخر وفصل الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية المختلفة المعنية بالاقتصاد.
وأضاف أن هناك أمثلة ناجحة في مكافحة الاحتكار في أفريقيا ضارباً المثل بوقف عملية استحواذ إحدى شركات الشحن العالمية لميناء افريقي رئيسي دون الحصول على كل الموافقات والإجراءات المطلوبة، مؤكداً أن الدولة المعنية تجاوبت بشكل فعال مع هذه القضية الاحتكارية.
من جهته، سلّط رئيس قسم الشؤون الاقتصادية بالتكليف في جهاز حماية المنافسة الكويتي ناصر الشامي في كلمة له الضوء على أهمية تفصيل استراتيجيات وآليات خاصة في الحياد التنافسي لكل اقتصاد حسب تركيبة السوق فيه، مشيراً إلى أن «الجهاز» عمل بالتعاون مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية لتحديد الأولويات وسياسات المنافسة الوطنية المطلوبة.
ولفت الشامي إلى السياسات التي تم تحديدها ومنها ما يتعلق بالبنية التحتية والأدوار الحكومية في تشغيل القطاعات الأساسية بالدولة والسياسات المتعلقة بالصناعات التحويلية والاقتصاد المعرفي فضلاً عن سياسات الأمن الغذائي «التي قطع بها جهاز حماية المنافسة شوطاً كبيراً لا سيما قطاعي المنتجات الزراعية والأسماك».
أما بالنسبة لسياسات المنافسة الوطنية المتعلقة بإصدار الرخص التجارية فأوضح أنها تمثل «نقطة الانطلاق» لمشروع السياسة الوطنية للمنافسة، مؤكداً الحرص على إتاحة قدر متساو من تكافؤ الفرص والمنافسة العادلة وتنوع التراخيص ومواءمتها لمختلف الأنشطة التجارية المبتكرة والجديدة.
ويهدف المؤتمر الذي يختتم أعماله اليوم إلى زيادة الوعي بالدور الرئيسي لجهاز حماية المنافسة الكويتي بقانونه الجديد رقم (72) لسنة 2020 في تعزيز المنافسة والتصدي للتحديات الاقتصادية الأكثر إلحاحاً وتعزيز المعرفة بأحكام قانون المنافسة وفوائده التطبيقية في الأنشطة الاقتصادية.