الحبشي: تأثرت بالسحر الفرنسي والعمق التاريخي
في ندوة لمناقشة كتابها «العلاقات الكويتية - الفرنسية 1778 - 1991»
استضاف المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية بدسمان، أمس الأول، ندوة باللغتين العربية والفرنسية، حول كتاب «العلاقات الكويتية - الفرنسية 1778-1991 نشأتها وتطورها» لأستاذة التاريخ والآثار في كلية الآداب بجامعة الكويت د. نور الحبشي، بحضور السفير الفرنسي لدى الكويت أوليفييه غوفان، وقام بمحاورتها والترجمة للغة الفرنسية مدير المركز الفرنسي في الكويت د. مكرم عباس.
وحول الكتاب، صرحت د. نور الحبشي بأنها تأثرت شخصياً وعاطفياً بالجمال والسحر الفرنسيين والعمق التاريخي ومواقف هذه الدولة وعلاقتها الراسخة مع الكويت، وهو ما دفعها إلى دخول القارة الأوروبية من بوابة فرنسا، بعدما قدمت في السابق كتابها عن العلاقات الكويتية - الأميركية، والثاني عن العلاقات الكويتية - اليابانية، وبعد أن ذهبت لأقصى الشرق وأقصى الغرب قررت الاتجاه إلى باريس عاصمة النور، مستشهدة بموقف هتلر حين أمر بحرق باريس عندما غزا فرنسا في الحرب العالمية الثانية عام 1944، فرفض القائد العسكري قائلاً إن باريس أجمل من أن تحرق أو تختزل.
وقالت الحبشي: «ذكرت في مقدمة كتابي أنه رغم ما يقال إن القمة مكان بارد وموحش، ولكني لم أشعر بالدفء والحب كمثل تلك اللحظة التي تسلمت فيها جائزة الدولة التشجيعية في مجال الدراسات التاريخية والآثارية والمأثورات الشعبية للكويت عام 2021 عن كتابي العلاقات الكويتية - الأميركية 1868 - 1991، وهو ما شجعني لاستكمال المشوار في اليابان، وبعد نجاح كتابي الثاني، كان السؤال ماذا بعد اليابان؟ فكانت الإجابة هي باريس».
وأشارت إلى أنها اختارت التوقف عند عام 1991 ليرصد الكتاب 213 سنة من العلاقات بين الكويت وفرنسا، حيث يعد عام 91 بالنسبة للكويت نقطة ارتكاز فاصلة في تاريخ هذا البلد بعد التحرير من الغزو العراقي الغاشم، ونقطة جديرة بالوقوف عندها، ليفتح هذا الكتاب الباب أمام الباحثين والمفكرين والأجيال القادمة للمزيد من الدراسات والكتابات في هذا الجانب.
وأعربت عن أملها أن يكون هذا الكتاب مرجعاً لطلبتها في معهد سعود الناصر الدبلوماسي وجامعة الكويت وحجز زاوية لبداية دراسة جديرة بالاهتمام في العلاقات بين الكويت وفرنسا، وخصوصاً أنه يعد الأول من نوعه في مجال دراسة العلاقات الكويتية - الفرنسية، لما يتميز به من منهجية وتسلسل زمني ممتع وشيق رغم طول فترة التتابع التي تمتد لأكثر من قرنين، نتيجة تنوع الكتاب بين الإطار الزمني والمضامين المختلفة.
وأشارت الحبشي إلى رحلتها في البحث العلمي عن محتوى الكتاب، وزيارة الأرشيفات الموجودة في مرسيليا وباريس والمكتبة الوطنية في باريس، ومسقط والقاهرة والبحرين وطوكيو، متوجهة بالشكر إلى كل من ساندها في هذه الرحلة الطويلة، وخصت بالشكر والتقدير جمعية الصداقة الكويتية - الفرنسية برئاسة محمد جاسم الصقر، لدعمها واختيار كتابها ليكون باكورة إصداراتها.
واستعرضت فصول الكتاب وأبرز أبوابه ومحطاته انطلاقاً من جذور العلاقات الكويتية - الفرنسية وأهم المواقف التي جمعت البلدين في ضوء الأهمية الاستراتيجية والجغرافية للخليج العربي والحضور الفرنسي بالمنطقة وبواكير الوجود الفرنسي في الكويت عام 1778، ومشروع خط سكة حديد برلين – بغداد – كاظمة، والذي يعكس الملاءة المالية لفرنسا في ذلك الوقت باعتبارها قوة عظمى، كما تطرق الكتاب إلى موقف البلدين إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وأشار الكتاب في أحد فصوله إلى موقف فرنسا من أزمة عبدالكريم قاسم 1961، وموقف الكويت من استقلال الجزائر العام 1962، وبداية التمثيل الدبلوماسي بين البلدين العام 1965، وزيارة الشيخ صباح السالم لباريس العام 1967، وجميعها مواقف موثقة بالصور والتواريخ.
وسلط الكتاب الضوء على أهم الحروب التي شهدتها المنطقة في القرن الماضي، وموقف البلدين خلال حرب أكتوبر 1973، واجتماعات الكويت، ووقف تصدير النفط، ثم تطور مسار العلاقات الكويتية - الفرنسية في ظل تلك الفترة الساخنة بالأحداث، التي شهدت تبايناً في المواقف والآراء، وصولاً إلى قمة باريس بين الشيخ صباح السالم والرئيس جيسكار ديستان 1975، والتي تأخرت بسبب الأوضاع العربية في تلك المرحلة.
ورصد الكتاب المواقف المشتركة للبلدين تجاه القضية اللبنانية والتعاطف الكويتي - الفرنسي مع الأزمة اللبنانية عام 1982، ثم موقف البلدين من القضية الفلسطينية وصولاً إلى قمة الكويت بين الشيخ جابر الأحمد والرئيس ديستان 1980، ثم أضاء الكتاب على بعض الحوادث المهمة كسقوط الطائرة العسكرية الكويتية في فرنسا، ونمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وخصوصاً وسط التفوق الفرنسي في مجالات اقتصادية متعددة، كالنفط والتعدين وقطاع المناجم وقطاع البنوك والقطاع الصناعي، وصولاً إلى دور غرفة التجارة الفرنسية العربية.
ومع هذا التسلسل الزمني رصد الكتاب موقف البلدين من الحرب العراقية – الإيرانية بين عامي 1980 و1988، وتأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، والعلاقات الكويتية -الفرنسية في عهد الرئيس فرانسوا ميتران منذ عام 1981، ولقاء الكويت وفرنسا في كأس العالم بإسبانيا عام 1982، وصولاً إلى التعاون العسكري بين البلدين، والاستثمارات والتجارة ودور جمعية الصداقة البرلمانية الفرنسية - الكويتية، كما أضاء الكتاب على عدة قمم مهمة، منها «قمة جابر – ميتران» عام 1986 في الكويت، وقمتهما أيضاً في قصر الإليزيه العام 1988، ثم لقاء القمة بينهما أيضاً في باريس العام 1989.
ولم يغفل الكتاب الإشارة إلى العلاقات الثقافية بين فرنسا والكويت، قبل الوصول إلى محطة مهمة وفاصلة تبرز موقف فرنسا من غزو وتحرير الكويت من العراق بين عامي 1989 و1991.