«سيد الرزوقي» يجمع بين الرواية والسيرة
يتناول كتاب «سيد عبدالرزاق الرزوقي... رحلة في عالم الدبلوماسية والسياسة في الخليج»، الصادر عن مركز البحوث والدراسات الكويتية لمؤلفيه د. سيف البدواوي في الإمارات والأستاذ حمزة عليان، محطات مهمة في حياته، وهو أقرب إلى السيرة التاريخية منه إلى السيرة الذاتية، فقد جمع بين الرواية التاريخية للأحداث إلى جانب سيرته الشخصية.
وعن دوافع الإصدار يذكر نجله السيد هشام الرزوقي: «سعينا إلى توثيق وكتابة سيرة (رجل دولة) لم يأخذ حقه إعلامياً ولم يعط المساحة التي يستحقها من بعض المشتغلين بتأليف الكتب عن تاريخ المنطقة».
فقد عاش في مرحلة متشابكة بالمصالح والصراعات، وفي فترة مهمة في تاريخ الخليج العربي، وعلى أعتاب تشكيل الكيانات الممتدة على مدى الحربين العالميتين، وكان في دائرة صنع القرار مشاركاً وفاعلاً.
الكتاب يأخذ القارئ إلى حقبة زمنية من خلاله يطلع على أوضاع منطقة الخليج والمناخ السياسي فيها وجوانب من معيشة أهل الخليج العربي وقضاياه.
احتوى الكتاب على مجموعة نادرة من الوثائق البريطانية ووثائق الأمم المتحدة وصور خاصة بعضها ينشر للمرة الأولى، وتضمن سبعة فصول مع تقديم للدكتور عبدالله يوسف الغنيم رئيس المركز، وكلمة نجله السيد هشام سيد عبدالرزاق الرزوقي.
سيد عبدالرزاق الرزوقي هو المقيم السياسي في الإمارات في الفترة ما بين 1936 و1945، وكان له دور كبير في إبرام اتفاقيات النفط وتقريب وجهات النظر بين الحكام والشركات، بالإضافة إلى ذلك سهّل عملية المسح الجيولوجي لاستخراج النفط ومنع الصدام بين شيوخ القبائل والشركات، كما كان له الدور الرئيسي في تأمين المواد الغذائية لسكان الإمارات خلال الحرب العالمية الثانية، التي تأثرت بها حركة التجارة، وبهذا منع حدوث مجاعة. أشرف على لجنة التموين ووضع ضوابط لمنع تلاعب التجار. دوره في أحداث عام 1938 في دبي، منع تجارة العبيد ومنح الذين يتقدمون شهادة عتق، هذا بالإضافة إلى كثير من الإنجازات والأحداث التي تمت خلال تلك الفترة. الكتاب ليس فقط سيرة وإنما يغطي مرحلة مهمة من تاريخ الخليج.
التوثيق كان سيد الموقف والحرص على إغناء كل فصل بمجموعة من الوثائق البريطانية والصور إلى جانب «الهوامش» التي ارتكز عليها الكتاب، وهذا ما تطلب إجراء حوارات ولقاءات مع شخصيات لها علاقة بالأحداث التي واكبها سيد الرزوقي.
ووفق «التصدير» الذي كتبه الدكتور عبدالله الغنيم، فقد رسم له ملامح من تاريخ حياته التعليمية والمهنية، فقد ولد السيد عبدالرزاق الرزوقي عام 1900م، في مدينة الكويت، ودرس أولاً في الكتاتيب المعروفة آنذاك، ثم التحق بالمدرسة المباركية التي افتتحت عام 1912م، وحرص والده على أن يتعلم اللغة الإنكليزية، فأتقنها في فترة قصيرة أهلته للعمل في الإدارة السياسية البريطانية في العراق أولاً (1917م)، ثم في الكويت (1921-1927م) والبحرين (1927-1936م)، وتدرج في المناصب إلى أن أصبح المقيم السياسي البريطاني في الشارقة (1936-1945م)، وقد مكث في المنصب الأخير نحو عشر سنوات، مارس خلالها سلطات واسعة تشهد بها الوثائق البريطانية.
وخلال فترة عمله في البحرين دفعه طموحه إلى مزيد من التعلم، فأخذ إجازة دراسية وذهب إلى الهند، والتحق بكلية الحقوق في بومبي، ثم أكمل دراسته الجامعية في كلية الحكام بمدينة مراد آباد بالهند، وكان ذلك بين عامي 1931 و1933م.
واستمر السيد الرزوقي في عمله بالشارقة إلى عام 1945م، وعندها قرر العودة إلى الكويت، فعمل في التجارة بجانب اهتمامه بالشأن العام، وأهلته خبرته الإدارية والسياسية والعلمية ليكون ضمن أوائل السفراء الذين عينتهم الحكومة الكويتية بعد الاستقلال.
أول منصب له بمنزلة ممثل للكويت في الأمم المتحدة، ليقوم بمهمة صعبة في أعقاب الفيتو السوفياتي الذي قوبل به طلب الكويت الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة في المرة الأولى، وتتمثل تلك المهمة في العمل على التمهيد لتقديم الطلب مرة أخرى، وذلك بحشد التأييد من الدول المؤثرة وتعديل موقف الاتحاد السوفياتي. وقد كان لتحركه الكبير أثره في تغيير مواقف بعض الدول فقد فتح السيد عبدالرزاق الرزوقي خطوطاً خلفية مع رؤساء وفود الدول ذات الثقل السياسي، ووظف مساعيه الحميدة مع مندوب الاتحاد السوفياتي لتوضيح موقف الكويت وترسيخ حقيقة أن الكويت دولة مستقلة ذات سيادة، وكل ذلك أثمر، مع خطوات أخرى فعالة قامت بها حكومة الكويت والقيادة السياسية، قبول الكويت في عضوية الأمم المتحدة في 14 مايو 1963م.
وبعد انتهاء السيد الرزوقي من هذه المهمة الجليلة تم تعيينه عام 1963م سفيراً فوق العادة مفوضاً لدولة الكويت لدى المملكة الأردنية الهاشمية إلى أن تقاعد في يناير 1968م.