بعد تقارير متواترة عن مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد لإيران وحزب الله اللبناني بعدم توريطه في حرب متعددة الجبهات مع إسرائيل قد تعرض حكمه للخطر، سعى علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي إلى وضع حد للشرخ المتنامي بين طهران ودمشق المتهمة بعدم بذل ما يكفي لمساعدة حليفتها منذ بدء حرب غزة، مؤكداً أن الحكومة السورية «حكومة ثورية وإحدى الحلقات الأساسية في سلسلة المقاومة، والأسد شخصية مؤثرة تؤمن بالمقاومة وتدعمها خصوصاً ضد الكيان الصهيوني».
ورداً على التقارير التي تحدثت عن استغلال دمشق بدعم عربي خليجي للحظة الحالية من أجل تخفيف الارتباط بطهران التي تغلغلت بسورية خلال سنوات الحرب الأهلية، أكد مكتب مستشار الإيراني، في بيان، أنه قد تم نشر أخبار كاذبة ومعلومات مجهولة المصدر في بعض قنوات المراسلة على لسان ولايتي بـ»هدف تدمير العلاقات بين إيران وسورية».
وعقب تردد أن ولايتي ألمح إلى خيانة الرئيس السوري عبر التساؤل عن صحة المعلومات بشأن عدم اتخاذ الحكومة السورية أي إجراء لمنع تحليق الطائرات الإسرائيلية التي شنت هجوماً على مواقع إيرانية السبت الماضي ولم تبلغ طهران، شدد البيان الرسمي على أن الأخبار المذكورة وجميع المحتويات المنشورة غير صحيحة بالأساس وملفقة بالكامل، مشيراً إلى أنه ستتم ملاحقة أي جهة تنقل تلك التقارير الملفقة.
في موازاة ذلك، جدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اتهام بلده للولايات المتحدة بمنح حليفتها إسرائيل ممراً جوياً بمناطق سيطرتها في العراق لتنفيذ ضربتها ضد بلاده أمس.
وقال عراقجي، إن الطائرات الإسرائيلية، استخدمت الأجواء العراقية، إضافة لأجواء دول أخرى، في إشارة على ما يبدو إلى سورية، خلال هجومها على الأخير على إيران.
وأضاف: «نحن على اتصال بهذه الدول، وقدمنا شكوى إلى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الأخرى، ونتابع مع العراق الشكوى ضد إسرائيل لدى المؤسسات الدولية».
في المقابل، أفادت السفيرة الأميركية في بغداد بأن بلادها لا تسيطر على الأجواء العراقية، وشددت على أن القوات الأميركية لم تشترك بأي شكل في الهجوم الإسرائيلي الأخير على الجمهورية الإسلامية.
وقالت السفيرة إلينا رومانوسكي، إن «الولايات المتحدة تعدّ العراق بلداً ذا سيادة كاملة، وعلى هذا الأساس فإنها لا تفرض سيطرتها على أجوائه».
وأشارت إلى أن وجود القوات الأميركية في العراق لـ«القضاء على بقايا تنظيم داعش». وتابعت أن «بغداد اتخذت قراراً بنقل العلاقات من المجال العسكري إلى مجالات أخرى».
رد وتهوين
في غضون ذلك، أكد وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده، أن بلاده سترد على الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق، قائلاً إن «الكيان الصهيوني إذا ما أطلق رصاصة على صحرائنا يكون قد تجرأ في الاعتداء على بلد قديم وقوي، ولذلك لن نغفر له، وسيتم الرد على ذلك».
ونفى الوزير دخول اختراق أي طائرة لأجواء بلده في هجوم السبت الماضي. وقال: «إذا تضرر شيء ما في المنظومة الدفاعية فقد تم استبداله على الفور في اليوم التالي، لأن قطعه محلية الصنع، ولم يسبب الهجوم أي مشاكل في عملية إنتاج الأنظمة الهجومية مثل الصواريخ».
وأكد أن بلاده قادرة على شن عشرات الضربات الصاروخية ضد الدولة العبرية.
على الجهة المقابلة، رأى المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، في تصريح لشبكة «فوكس نيوز»، أن «إيران لم تعد تمتلك دفاعات صاروخية وباتت عارية بعد الضربات الإسرائيلية»، فيما أكملت قوات مشاة البحرية الأميركية أول تدريب لها، لإطلاق نظام دفاع جوي متعدد الطبقات «يشمل داخله نظام القبة الحديدية» في إسرائيل.
وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، أمس، أن النظام الذي تم اختباره، على أنظمة الرادار والتحكم الأميركية، إلى جانب صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية، فضلاً عن قاذفات محمولة من صنع شركتي «رافائيل» الإسرائيلية و«رايثون» الأميركية، يعد «خطوة كبيرة نحو إعلان نموذج أولي جديد لمشاة البحرية».
وجاء الإعلان عشية وصول قائد القيادة الوسطى الأميركية مايكل كوريلا إلى تل أبيب لإجراء محادثات مع قادة الجيش الإسرائيلي وأجهزة الأمن لمواجهة سيناريوهات مختلفة محتملة في ما يتعلق بالملف الإيراني.
وأمس الأول، ذكرت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أنها لا تستبعد شن إيران لهجوم صاروخي جديد على أبرز حليف لها بالمنطقة.
وتعد إسرائيل أكثر دولة في العالم تحصل على مساعدات أميركية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
كما توعّد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إيران بإلحاق «ضرر فادح جداً» بها عبر استخدام قدرات جديدة وأهداف جديدة إذا ردت على ضربات السبت.
توتر أوروبي
على صعيد منفصل، تصاعد التوتر الدبلوماسي بين برلين وطهران على خلفية إعدام إيران للمواطن الألماني الإيراني جمشيد شارمهد، وسط دعوات داخل الاتحاد الأوروبي لرد حازم وتشديد العقوبات على إيران، بينما وجهت ابنة شارمهد انتقادات شديدة للحكومتين الألمانية والأميركية، لعدم بذلهما ما يكفي من الجهود لإنقاذ حياته.
وفي أحدث تطور بردود الفعل، تبادلت طهران وبرلين استدعاء السفراء وتبادل الاحتجاجات بين الطرفين... ألمانيا تحتج على إعدام شارمهد، وطهران ترد بالاحتجاج على ما تعتبره تدخلاً في شؤونها الداخلية وقرارات القضاء. وهددت وزارة الخارجية الألمانية، التي استدعت سفيرها في طهران للتشاور، باتخاذ إجراءات عقابية ضد طهران.
يشار إلى أن شارمهد يعد واحداً من عدة معارضين إيرانيين في الخارج تم خداعهم أو اختطافهم إلى إيران في السنوات الأخيرة، حيث بدأت طهران في الانتقام بعد انهيار الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية، بما في ذلك ألمانيا.