مع وصول سعر برميل النفط الكويتي إلى 71.9 دولاراً في ظروف اقتصادية وسياسية يبدو أنها ستستمر، وتنذر بمزيد من الانخفاض في الأسعار، وكما ذكر تقرير الشال الأخير فإن «ما بين هذا المستوى من التذبذب الحاد في أسعار النفط واستمرار المستوى غير المسبوق من اعتماد المالية العامة والاقتصاد عليه، يحتاج الأمر إلى ساحر لضبط التخطيط المالي، ومع غيابه، يصبح استقرار الكويت الاقتصادي والاجتماعي والسياسي مرتهناً بما ليس لها قدرة على التأثير في حركته، وخياراتها تصبح محدودة ما بين تسييل متصل لمدخراتها، أو ولوج مصيدة الدين العالمي كما فعلت في عام 2017، وهو خيار بين السيئ والأسوأ».

الوضع بناء على ما سبق يحمل على الخوف والتشاؤم، إذ إن سعر التعادل للموازنة العامة هو 89.8 دولاراً!! «والكويت هي الأعلى في أسعار التعادل في ميزانيات دول الخليج، وتبلغ أسعار التعادل في دول الخليج في السنة المالية 2023-2024: الكويت عند 88.4 دولاراً للبرميل

Ad

- البحرين عند 86 دولاراً للبرميل

- السعودية عند 77.2 دولاراً للبرميل

- عمان عند 74.6 دولاراً للبرميل

- قطر عند 46.5 دولاراً للبرميل

- الإمارات عند 46.1 دولاراً للبرميل». (القبس 19 يناير 2023)

علماً أن المقصود بسعر التعادل في الميزانية هو متوسط سعر النفط الذي يحقق التعادل بين الإيرادات والمصروفات في ميزانيات تلك الدول، بحيث تكون دون عجز أو فائض.

إذاً نحن أمام تحدٍ صلب وخشن لا بد من تغيير كل ما هو معتاد من الأفكار والحلول وتجاوزها الى التفكير الخارق لكل مسلمات الماضي، والتي كما ذكرنا في مقالات سابقة تستدعي ثورة كوبرنيقية، والحفر عن حلول في منطقة اللامفكَّر فيه.

وفي هذا السياق هناك قرارات يجب اتخاذها على الفور لتخفيف أحمال الموازنة، وهذه القرارات هي:

أولاً: التخصيص السريع لمحطات توليد الكهرباء والماء حتى توفر الدولة قيمة المصروفات على هذا القطاع والبالغة حسب آخر موازنة 3.2 مليارات دينار، وهنا سيكون التوفير كبيراً، وهذا القطاع حين يتم خصخصته سيكون مصدراً للدخل عوضاً عن أن يكون كما هو في وضعه الراهن مستنزفاً للأموال.

ثانياً: خصخصة القطاع الصحي بتوفير تأمين صحي لكل مواطن بمبلغ 1200 دينار وتوفير 800 مليون دينار تقريباً.

ثالثاً: إلغاء الدعوم البالغة 4.66 مليارات دينار وتوزيعها بشكل نقدي على المواطنين بمقدار 1.5 مليار دينار تصرف شهرياً بمقدار 83 ديناراً لكل فرد، فيكون نصيب الأسرة المكونة من خمسة أشخاص 415 ديناراً شهرياً، ويتم الإبقاء على الضروري من الدعوم وبذلك توفر الدولة على الأقل 2 مليار دينار.

بهذه الإجراءات نصل إلى وضع التعادل بين الإيرادات والمصروفات عند السعر الحالي لبرميل النفط ونتجنب العجز واستنزاف الاحياطيات أو اتخاذ إجراءات مؤلمة للمواطنين، وفي كل الأحوال فإن مستوى الرفاهية ومعدلات الرواتب ستكون أفضل وتغطي أي زيادات في أسعار البنزين وأسعار الكهرباء والماء وأسعار المواد الغذائية بعد رفع الدعم المباشر لها في شكل مواد تموينية وستبقى الدعوم الضرورية من علاج في الخارج وبدل الإيجار ودعم البعثات الدراسية وغيرها لا تمس.

هذا المقترح نراه في المدى الفوري والعاجل، أما على المستوى البعيد الذي يكون في بحر الأربع سنوات القادمة فلنا معه حديث آخر.