«المودة» شعور جميل نقي وعميق، يقرب الناس ويقوي الروابط ويحلو به التعامل، قد تكون أسبابه غير معروفة، كأن تشعر بالارتياح تجاه شخص التقيته مرة واحدة فقط وتظل تذكره بالخير، وقد يكون متأصلاً في نفسك ضمن جملة من المشاعر تكنها لصديق عزيز، وعندما تفكر تجد الأسباب تتسابق حول طباعه الحميدة وصحبته الممتعة، وسمعته الحسنة وأسلوبه العذب، هذه الأفكار كفيلة بأن تغمرك بالسعادة والدفء وتجعلك تمسك هاتفك لتتواصل معه، هذه الأفكار هي الأبقى مهما اختلفتما.

فالحياة لا تخلو من المنغصات، والاختلاف سنة كونية، إذ لا بد أن تجد نفسك على خلاف مع أي من كان حتى الأقرب والأحب، وتحصل الخلافات والاصطدامات في أكثر الأمور جدية وأهمية وتأثيراً، إلى أبسطها وربما أتفهها، وفي الأمور الهامشية وحتى العابرة.

Ad

الاختلاف يدخلنا في جو مشحون مزعج، وكل إنسان- بالفطرة- يحب أن يكون في الجانب الصائب والقوي، لذلك حين يُقال (الاختلاف لا يفسد للود قضية) فهذا لتهدئة النفوس وتوجيهها إلى التقبل وحفظ المحبة، فعلينا الانتباه بأن المواقف والآراء تتغير، فالرأي الذي تتعصب له اليوم قد تغيره غداً، وفي الوقت ذاته لا ننكر وجود (اختلاف مطلوب) وهو ما يتعلق بقضايا الحق والباطل، إذ لا حياد فيها، لكن علينا الحذر من أسلوب التجريح والإهانة، كما أن الاعتذار والملاطفة وتطييب الخواطر من أسمى الأساليب لدوام المودة.

لنتذكر أنه رغم ثقل الخلافات ورغبتنا في تجنبها فإننا نحتاجها، فهي التي تكشف معادن الناس وأخلاقياتهم، فالتعامل والتفاعل والنقاش أو الجدل في هذه المواقف الإشكالية هو ما يظهر حقيقة الإنسان وجوهره، وهنا نعرف جيدا قيم الشخص المقابل، وفكره وأدبه، ونعرف أيضا مكانتنا عنده، فلنتقبل الاختلاف، ونُحسِن اللفظ، ونلتمس العذر، ونحرص على الخير، ونحفظ الود (لمن يستحقه).