كشف مصدر رفيع المستوى في قيادة الأركان الإيرانية لـ «الجريدة» عن وجود تباينات حول الرد على إسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة الثلاثاء المقبل، لتجنب تقديم هدية انتخابية للرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، الذي أخرج واشنطن خلال عهده من الاتفاق النووي وأمر بقتل الجنرال الإيراني البارز قاسم سليماني.
وقال المصدر إن القوات المسلحة الإيرانية رفعت تقريراً الى المرشد الأعلى علي خامنئي بشأن جاهزيتها لشن ضربة انتقامية رداً على الهجوم الإسرائيلي الذي وقع فجر السبت الماضي، وأنها تنتظر الأوامر للتنفيذ.
وأضاف أنه حسب توجيهات خامنئي، أعدت القوات المسلحة الإيرانية 3 سيناريوهات للرد، وتم تحديد 86 هدفا لقصفها داخل إسرائيل.
وأشار المصدر الى أن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وقيادة الأركان الايرانية عقدا اجتماعاً مساء الثلاثاء بحضور خامنئي والرئيس مسعود بزشكيان، لمناقشة التطورات. وخلال الاجتماع، دافع بزشكيان عن ضرورة تأجيل الرد الإيراني الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وكانت فكرته الرئيسية، أن الضربة قد تساعد ترامب في العودة الى البيت الأبيض، وأن هذا الاحتمال يضيّق فرص العودة الى المفاوضات النووية، معتبراً أن التعامل مع ترامب الملطخة يداه بدماء سليماني سيكون أمراً صعباً على الجميع.
وجادل بزشكيان خلال الاجتماع بأن أقوى ضربة يمكن توجيهها الى إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ليست عسكرية، بل هي إحياء الاتفاق النووي. ودعا الى تأجيل الرد حتى يتمكن وزير الخارجية عباس عراقجي من القيام بجولة دبلوماسية جديدة في المنطقة وبعض دول العالم، لترتيب دعم دبلوماسي لإيران، والسعي لتجنّب أي تداعيات محتملة للهجوم الإيراني.
وأشار المصدر الى أن بعض قادة القوات المسلحة اعتبروا أنه يجب توجيه الضربة لتل ابيب بأسرع ما يمكن، خصوصاً أن الاميركيين مشغولون بانتخاباتهم، وأنه في حال الانتظار الى ما بعد الاقتراع قد تبادر الولايات المتحدة ودول غربية أخرى الى إرسال تعزيزات إضافية للدفاع عن إسرائيل، وهو ما قد يؤثر على فعالية الرد الإيراني.
ويقول المصدر إن خامنئي وصف كلام بزشكيان بالمنطقي، لكنه شدد على أنه لا يمكن المرور مرار الكرام على الانتهاك الإسرائيلي للسيادة الإيرانية، وعلى القوات المسلحة أن ترد حسب الفرصة المناسبة من دون أي اعتبار للانتخابات الأميركية.
وكشف المصدر ان 2 من أصل السيناريوهات الثلاثة التي طرحت سيكونان مفاجئين تماما لتل أبيب، مضيفاً أن طهران ستستخدم أنواعا جديدة من الأسلحة هذه المرة. وأضاف أن خامنئي رفع حظراً عن قرار سابق بضرورة تجنّب استهداف القوات الأميركية في المنطقة، وأذن باستهداف أي قواعد ممكن ان تدافع عن اسرائيل داخل وخارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحتى لو يعني ذلك استهداف مباشر من قبل ايران او حلفائها لقواعد أو منصات دفاعية يوجد فيها أميركيون او أوروبيون.
ورغم محاولة إيران التقليل من شأن الأضرار التي لحقت ببنيتها التحتية العسكرية جراء الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق الذي استهدف عدة مواقع بالجمهورية الإسلامية السبت الماضي، أكد «مصدر رفيع المستوى» مطّلع على المناقشات الإيرانية لشبكة سي إن إن الأميركية، ليل الأربعاء ـ الخميس، أن طهران ستهاجم الدولة العبرية بردّ «حاسم ومؤلم» على عدوانها الأخير على أراضيها، ومن المرجح قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر الجاري، إلا أن مصدراً إيرانياً قال لـ «الجريدة» إن هذا السيناريو مستبعد.
ويشير ذلك إلى تراجع إيران عن محاولاتها التقليل من خطورة الضربات التي نفذتها إسرائيل في 25 أكتوبر الماضي، وهي المرة الأولى التي تعترف فيها تل أبيب علانية بضرب أهداف داخل إيران.
في المقابل، حذّر البيت الأبيض طهران من تداعيات ردها المحتمل ضد حليفته الأبرز بالشرق الأوسط، فيما التقى قائد القيادة الأميركية الوسطى (سنتكوم)، مايكل كوريلا، في تل أبيب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لبحث «التطورات المتعلقة بإيران».
جاء ذلك في وقت قدمت النيابة العامة الإسرائيلية لائحة اتهام ضد إسرائيلي موقوف يدعى بنيامين فايس وزوجته ولالا غولييف، بتهمة مراقبة عالم نووي إسرائيلي بتوجيه من عملاء إيرانيين من أجل اغتياله بواسطة خلية تضم 7 أشخاص تم توقيفهم بالقدس في وقت سابق، فيما تهز قضية أمنية ديوان رئيس الحكومة، بعد تعيين متحدث باسمه في منصب حساس وانكشافه على معلومات أمنية سرية خطيرة.
ووفق هيئة البثّ العبرية الرسمية، فإن المتحدث باسم مكتب نتنياهو، كشف ليلة الهجوم الانتقامي على إيران تفاصيل أمنية، شكلت «انتهاكا خطيرا لإجراءات أمن المعلومات».