«إنَّ الدَّوَاهِيَ في الآفاتِ تَهْتَرِس»، مثل عربي قديم يقصد منه أن اشتداد الكوارث وكثرة الآفات يجعلها تَهْتَرِس أي يجعلها لتعاظمها يدق بعضها بعضا، ويموج بعضها ببعض، فهو مثلٌ يضرب عند اشتداد الزمان واضطراب الفتن.

وأصل هذا المثل، أن رجلاً مر بآخر فسمعه يدعو ويقول: يا ربِّ، إما مهرةً أو مهراً، فأنكر عليه ذلك، واستغرب من دعائه، فقال له: لا يكون الجنين إلا مهرةً أو مهراً، فلما ظهر الجنين كان مُشَيَّأَ الْخَلْقِ مختلفه، أي مشوه الخلقة، عندها قال الرجل:

Ad

قَدْ طَرَّقَتْ بجنينٍ نصفُهُ فَرَسٌ

إن الدواهِيَ في الآفاتِ تهترس

***

ما يحدث اليوم في ديارنا من كوارث وحروب لها أول وليس لها آخر، وقد تداخلت لكثرة الخائضين فيها والمشاركين في تأجيجها، ولكن وكما قال الله في محكم كتابه «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»، لابد أن يأتي اليسر بعد العسر، ولابد لهذه الأزمات بعد أن اشتدت أن تنحسر، ولابد لهذا الليل أن ينجلي.

الإمام الشافعي، رحمه الله، قال في ذلك:

وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى

ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ

ضاقَت فَلَمّا استَحكَمَت حَلَقاتُها

فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ

أما الشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي فقال:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة

فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بدل لليل أن ينجلي

ولا بد للقيد أن ينكسر

وسيأتي يوم ليس ببعيد فيثور فيه العرب على حثالات البشر الذين احتلوا أراضيهم، وانتهكوا حرمة ديارهم، وشردوا سكانهم، ودمروا قراهم.