بعد نحو أسبوع من تعرض إيران لأول هجوم عسكري إسرائيلي علني وبروز تقديرات غربية تشير إلى أنه ألحق أضراراً بالغة بمنشآتها الخاصة بإنتاج الصواريخ البالستية والدفاع الجوي، هدّد المرشد الإيراني علي خامنئي أميركا وإسرائيل بأن «عليهم أن يعلموا أنهم سيتلقون رداً يحطم أسنانهم جراء ما يقومون به ضد إيران وجبهة المقاومة» التي تضم خصوصاً «حزب الله» اللبناني و»حماس» و»أنصار الله» الحوثية وفصائل عراقية مسلحة.

وقال خامنئي، خلال كلمة عشية إحياء ذكرى استيلاء طلاب متشددين على مقر السفارة الأميركية في طهران واحتجازهم لـ 52 دبلوماسياً أميركياً رهائن عام 1979: «على العدوين، الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، أن يعلما أنهما سيتلقيان بالتأكيد رداً قاسياً على ما يفعلانه»، مضيفاً: «سنفعل كل ما يجب القيام به لإعداد الأمة الإيرانية، سواء عسكرياً أو سياسياً» ضد أي تهديد.

Ad

في موازاة ذلك، صرح الناطق باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني بأن إيران سترد على «العمل الشرير الجديد» الذي قامت به إسرائيل، في إشارة إلى هجوم 26 أكتوبر الماضي.

وتابع نائيني: «الرد على العدوان الصهيوني الأخير على إيران سيكون حتمياً وحاسماً ومدروساً وسيفوق تصورهم».

ورأى المسؤول الإيراني أن بلده لا تخشى المواجهة المباشرة والحرب العسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي، وأنها لا تتجاهل الهجمات العسكرية الإسرائيلية، مضيفاً «أنّ الإسرائيليين خاطئون إذا ظنوا أن الشعب الإيراني تعب من المقاومة».

ولفت إلى أن طهران «تستطيع الرد على الهجمات في إطار استراتيجيتها لتأديب ومعاقبة من يتعرض لأمنها القومي»، معتبراً أن «عملية الوعد الصادق 2 التي اشتملت على إطلاق إيران نحو 200 صاروخ بالستي ضد الدولة العبرية بمنزلة بداية لمفاجأة الصهاينة، وستواصل إيران من الآن فصاعداً استخدام عنصر المفاجأة في عملياتها ضدهم».

وأكد أنه على «العدو أن يتعلم درساً مفاده بأنه لا يستطيع أن يرتكب أي شر دون أن يتلقى رداً قاطعاً ومدمراً على شره».

ووسط ترقب وتخوف من احتمال انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة، نقلت أوساط إقليمية عن مصادر إيرانية أن القوات المسلحة الإيرانية، بإيعاز من المجلس الأعلى للأمن القومي، تخطط لهجوم على إسرائيل «سيكون الأوسع كماً وكيفاً حتى الآن»، مؤكدة أن القادة الإيرانيين الذين تحدثوا خلال الأيام الأخيرة عن أن الرد الإيراني سيكون قاسياً وتدميرياً «يقصدون ما يقولونه».

ولفتت إلى أن الأجهزة العسكرية الإيرانية المعنية بدأت بتدارك «خسائر جزئية نجمت عن الهجوم الإسرائيلي». وعن توقيت الرد الإيراني، قالت المصادر إنه «قيد الكتمان وسري للغاية، وقد يحدث في أي لحظة وفقاً للاعتبارات الإيرانية»، مؤكدة أن ما خططت له إيران سيكون «أوسع من قبل، وضعف أو أضعاف عملية الوعد الصادق 2 كماً وكيفاً».

تأهب أميركي

على الجهة المقابلة، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون»، أمس، عزمها نشر قوات عسكرية إضافية في منطقة الشرق الأوسط، تشمل قاذفات «بي 52» الاستراتيجية بعيدة المدى، في خطوة تأتي دفاعاً عن أبرز حلفائها بالمنطقة وتحذيراً لإيران.

وذكر متحدث «البنتاغون»، باتريك رايدر، أنه سيتم نشر مدمرات إضافية للدفاع الصاروخي البالستي، وأسطول مقاتلات، وطائرات تزود بالوقود، وأخرى هجومية من طراز «بي 52» بعيدة المدى في منطقة الشرق الأوسط.

وأوضح أن تلك الخطوة تهدف إلى حماية القوات الأميركية والدفاع عن إسرائيل والوفاء بالتزامات واشنطن تجاه المنطقة والمتعلقة بـ»خفض التوتر من خلال الردع والدبلوماسية».

وأشار في بيان إلى أن هذه القوات ستبدأ الوصول في ديسمبر المقبل على متن حاملة الطائرات «يو إس إس أبراهام لينكولن» المستعدة للتوجه إلى المنطقة.

وأورد أن وزير الدفاع لويد أوستن «يواصل القول بوضوح إنه إذا استغلت إيران أو شركاؤها أو المجموعات التابعة لها هذه اللحظة لاستهداف الأفراد أو المصالح الأميركية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبنا».

واعتبر أن هذه التحركات تثبت قدرة الولايات المتحدة على الانتشار في العالم خلال وقت قصير «لمواجهة تهديدات الأمن القومي الناشئة».

انخراط عراقي

وعلى جبهة أخرى، أعلنت فصائل عراقية مرتبطة بإيران تنفيذ أربعة هجمات بطائرات مسيّرة ضد «أهداف حيوية» في مدينة إيلات الإسرائيلية إسناداً لغزة ولبنان، فيما ذكر الجيش الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية أسقطت 3 مسيرات من جهة الشرق فوق البحر الأحمر دون تسجيل إصابات.

وجاء ذلك في وقت نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين قولهما، إن الميليشيات المدعومة من إيران كثفت من إطلاق المسيرات الهجومية التي تطلقها ضد إسرائيل من داخل العراق، خلال الأسابيع الأخيرة.

وقال مسؤول دفاع أميركي ومسؤول أمني إقليمي للوكالة، إن المسيرات العراقية تمثل مشكلة منذ اندلاع حرب غزة، وليست انتقاماً من إيران على الضربات الإسرائيلية الأسبوع الماضي.

وذكر المسؤول الإقليمي أنه كانت هناك 5 هجمات يومياً في المتوسط من داخل العراق ضد إسرائيل وخلال الأسبوع الماضي، تم إطلاق ثماني طائرات بدون طيار في فترة 24 ساعة.

وأوضح أن الهجمات المستمرة زادت من إمكانية قيام إسرائيل بالرد بشكل مباشر على تلك الهجمات.

وأتى الكشف عن إمكانية توجيه إسرائيل لضربة مباشرة إلى العراق غداة تحذير مستشار لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني من توريط بغداد بمحرقة إقليمية ودعوته للفصائل المسلحة بشن ضربتها ضد إسرائيل من لبنان وغزة.

رفض أردني

إلى ذلك، أكد وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، رفض الأردن لمحاولات بعض الأطراف في الإقليم انتهاك مجاله الجوي، داعياً القوى المتصارعة في الإقليم لعدم المساس بسيادة بلده وتجنب الإضرار بشعوب المنطقة ووقف التصعيد الذي يسعى إلى الهيمنة وتنافس الأجندات التي تحرم شعوب المنطقة من فرص العيش بسلام وكرامة وعدالة.

وفي إشارة على ما يبدو إلى محاولات تهريب أسلحة خفيفة بواسطة طائرات مسيرة من سورية باتجاه الضفة الغربية المحتلة، لفت المومني إلى وقوع حادثتين من هذا النوع خلال الأيام القليلة الماضية في محافظتي إربد وجرش، واصفاً ذلك بأنه «تهديد يتعامل الأردن معه ضمن قواعد الاشتباك العسكرية، وأنه يتخذ كل الإجراءات الضرورية للتصدي لهذه الانتهاكات». وحذر من تزايد الاضطرابات الإقليمية، معيداً التأكيد على أن «الأردن لن يكون ساحة صراع لأي طرف، ولن يسمح بمرور الطيران الحربي أو الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائه».