تحاول إسرائيل أن تحقق ما تطالب به من شروط في المفاوضات لفرضه كأمر واقع وللقول إنها قادرة على تحقيقه بالقوة، وإن كان ذلك من خلال بعض العمليات الرمزية التي تعتمدها، وآخرها تنفيذ عملية «إبرار» أي كوموندوس بحري على الشواطئ اللبنانية لاختطاف أحد الأشخاص، وهو خريج معهد العلوم البحرية في البترون.
وتأتي العملية على وقع مواصلة الإسرائيليين اعتداءاتهم على القرى والبلدات والمدن اللبنانية المختلفة، ما يعني محاولة سيطرة جوية، بالإضافة إلى استمرار التوغل البرّي لما تسمّيه فرض منطقة عازلة أو آمنة في الجنوب، وذلك لا ينفصل عن العمليات التي تستهدف المعابر البرّية.
وتريد إسرائيل القول إنها قادرة على السيطرة على لبنان برياً وبحرياً وجوياً، مع احتمالات لزيادة عمليات الكوموندوس باتجاه مناطق ومواقع مختلفة، فقبل أشهر تسلل «الموساد» الإسرائيلي إلى بيروت، ونفذ عملية اختطاف وتحقيق، ومن ثم اغتيال لصرّاف يدعى محمد سرور، واعتبرت إسرائيل أنه محسوب على «حزب الله».
وأكد مصدر أمني لبناني لوكالة أنباء شينخوا الصينية، أن «قوة كوماندوز إسرائيلية كانت ترتدي زي عناصر أمنية لبنانية اختطفت مواطنا لبنانيا من منطقة البترون الساحلية بشمال البلاد».
وأضاف المصدر أن الشخص المختطف يدعى عماد أمهز، وهو قبطان بحري كان بمفرده داخل شاليه كان انتقل للعيش فيه قبل فترة.
وتابع «أن القوة وفق ما أظهر مقطع فيديو لإحدى كاميرات المراقبة مؤلفة من نحو 20 شخصا، كانت قد وصلت سيرا على الأقدام إلى الشاليه، بعدما وصلت بحرا وأوقفت قاربها على مقربة من الشاطئ ثم دخلت الشاليه، حيث كان يوجد أمهز وقامت باختطافه».
بدوره، أكد وزير الأشغال والنقل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، علي حمية، أن عماد أمهز تلميذ قبطان بحري، وهو بحاجة لمتابعة دورات متتالية وكان يقيم على بعد 100 متر من معهد للعلوم البحرية في المنطقة.
وأضاف أن «الأجهزة الأمنية تعمل على تحديد تفاصيل عملية الاختطاف في البترون، والشاطئ اللبناني مراقب من بحرية قوات الأمم المتحدة العاملة بجنوب لبنان (يونيفيل)».
ونقل باراك رافيد مراسل موقعي أكسيوس الاميركي ووالاه العبري عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن البحرية الإسرائيلية اعتقلت أمهز وهو عضو كبير في القوة البحرية لجماعة حزب الله.
يأتي ذلك في ظل وضع تل أبيب للمزيد من الشروط لوقف إطلاق النار أبرزها منحها حق الرقابة البرية والبحرية والجوية على لبنان، لضمان عدم إعادة تعزيز «حزب الله» لترسانته العسكرية، وعدم استقدام المزيد من الأسلحة كي لا يتمكن من إعادة بناء قوته.
هذه الشروط مرفوضة لبنانياً، بينما تحاول إسرائيل فرضها بالقوة أو من خلال انتزاع تأييد دولي لجعلها وصية أمنياً وعسكرياً على لبنان.
وهو ما تريد إسرائيل تحقيقه من خلال تصعيدها العسكري لفرض الشروط على اللبنانيين، لكن المفاوضات التي تخوضها إسرائيل مع الولايات المتحدة الأميركية تختلف كلياً عن المفاوضات التي يخوضها لبنان، الذي يطالب بتطبيق القرار 1701، ووقف إطلاق النار.
وتقول مصادر أميركية إن دونالد ترامب في حال فوزه سيمارس أقصى أنواع الضغوط على لبنان لدفعه إلى توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، علماً بأن ذلك غير ممكن بالنسبة إلى اللبنانيين، كما أن لدى لبنان أراضي محتلة يجب على الإسرائيليين الانسحاب منها، وبعد ذلك تتم عملية ترسيم الحدود والعودة إلى اتفاق الهدنة بغض النظر عن انطلاق مسار التطبيع أو اتفاقيات السلام في المنطقة.
في هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن المطروح هو اتفاق يشبه اتفاق الهدنة 1949، ولا يكون اتفاق سلام، ومن دون علاقات، أو تطبيع أو فتح حدود. ويتضمن الاتفاق تعهدات بعدم القيام بأي عمليات عسكرية، وألا تكون الأرض الحدودية منطلقاً لعمليات مقاومة أو مقراً لها. أما لبنان فأقصى ما يريد الوصول إليه هو تحرير أراضيه وانسحاب الإسرائيليين منها والعودة إلى اتفاقية الهدنة.