كان رون ديرمر، أقرب مستشار لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يطلق عليه غالباً «عقل بيبي»، في منزله بالقدس مع عائلته بمناسبة بدء عيد سيمحات توراه اليهودي يوم السبت 7 أكتوبر 2023. وفي حوالي الساعة 6:30 من صباح ذلك اليوم بدأ هاتفه يرن ويرن ويرن ويرن... لقد بدأ نظام التنبيه الأحمر، وهو التطبيق المتطور على هاتفه الذي يخطره في كل مرة يتم فيها إطلاق صاروخ على إسرائيل والمكان الذي سيضربه، في العمل بشكل جنوني.
كان يراقب بقلق متزايد تدفقاً سريعاً من الإشعارات على شاشة هاتفه، لقد تم إطلاق وابل من 3000 صاروخ على إسرائيل، بدأت «حماس»، الجماعة الفلسطينية المسلحة التي تسيطر على قطاع غزة جنوب إسرائيل، هجوماً مفاجئاً ضخماً.
كان السبت يوم راحة للشعب اليهودي، ولكن عندما فتح ديرمر جهاز التلفاز وشاهد شاحنات بيضاء صغيرة مليئة بمسلحي «حماس» تسير على طول الطرق الرئيسة في جنوب إسرائيل، ركب سيارته على الفور وتوجه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو.
هذه حرب
وبحلول الوقت الذي وصل فيه ديرمر إلى كيرياه، (النسخة الإسرائيلية من البنتاغون)، ونزل إلى عمق المخبأ تحت الأرض، كان مسلحو «حماس» قد بدأوا بقتل أي إسرائيلي تمكنوا من العثور عليه.
«هذه حرب»... هكذا قال نتنياهو لديرمر، وهو تصريح تردد صداه في مختلف أنحاء البلاد.
تم تنبيه منسق مجلس الأمن القومي في الشرق الأوسط بريت ماكغورك، (50 عاماً)، من غرفة العمليات في البيت الأبيض إلى هجمات صاروخية في إسرائيل بعد منتصف الليل بقليل في واشنطن العاصمة، في 7 أكتوبر 2023، كانت المنطقة الزمنية لإسرائيل متقدمة بسبع ساعات عن واشنطن.
لم يفكر ماكغورك كثيراً في الأمر، فقد كانت الإنذارات بإطلاق الصواريخ أمراً شائعاً في إسرائيل، وبعد لحظات، في الساعة 12:17 صباحاً، رن هاتفه برسالة نصية من السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل هيرتزوغ، وهو جنرال سابق في قوات الدفاع الإسرائيلية: «لقد شنت حماس للتو هجوماً صاروخياً ضخماً ضد إسرائيل. هذه حرب».
ثم قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي: «ما يحدث هو هجوم ضد إسرائيل، هجوم منسق!».
نحن معكم
ثم جاء التحديث من هيرتزوغ: «لقد شنوا الهجوم على حين غرة، بما في ذلك التسلل عبر الحدود، هذا هجوم ضخم غير مبرر لا يمكن الرد عليه، نحن بحاجة إلى إدانة علنية قوية من جانبكم ودعم واضح».
وكتب ماكغورك في الساعة 1:12 صباحاً: «نحن معكم»، لقد ظل مستيقظاً بقية الليل.
صورة رعب لا يمكن تصورها
كانت الساعات الأولى من الغزو عبارة عن ضباب من الفوضى والارتباك، ولكن الصورة الكاملة ظهرت مع مرور الوقت وكانت صورة رعب لا يمكن تصوره، فقد اقتحم مسلحو «حماس» من غزة الحدود إلى جنوب إسرائيل، وحطموا المعابر، وهدموا أبراج الاتصالات، وهاجموا مراكز القيادة العسكرية الإسرائيلية غير المنتبهة، ثم باستخدام الشاحنات الصغيرة وفانات والسيارات الجيب والدراجات النارية وحتى الطائرات الشراعية، تدفق ثلاثة آلاف من مسلحي «حماس» إلى مجتمعات الكيبوتس، وهاجم خمسون «مقاتلا» من «حماس» مهرجاناً موسيقياً في مدينة رعيم الإسرائيلية، على بعد ثلاثة أميال من حدود غزة، وأطلقت سيارات الجيب والشاحنات الصغيرة المكتظة بمسلحي «حماس» النار على المشاركين في المهرجان، وحاصرتهم في الصحراء المفتوحة مع وجود أماكن قليلة للاختباء.
وفي وقت لاحق، قام أعضاء «حماس» بعرض جثة امرأة قتلوها، وهي شاني لوك، وهي مواطنة ألمانية إسرائيلية (22 عاما)، في شاحنة صغيرة عبر مدينة غزة. كانت ترتدي ملابس داخلية فقط، وهتف المسلحون «الله أكبر»، وبصقوا على جثتها.
ظل نتنياهو يركز بشدة على الوضع المتطور: هل قوات الدفاع الإسرائيلية تتوجه إلى المجتمعات التي تتعرض للهجوم؟ هل تسلل مسلحو حماس إلى ما وراء ضواحي غزة؟ هل هناك هجوم آخر قادم؟ ماذا نحن مستعدون للقيام به؟ ماذا يجب أن نفعل دبلوماسيا؟
أجرى الرئيس بايدن اتصالا مع فريقه للأمن القومي، بما في ذلك سوليفان وبلينكن، وأوستن وبيرنز، وقدموا تحديثا حول كل ما كانوا يرونه يحدث في إسرائيل.
إذا كنت ضعيفاً فأنت فريسة
قال بايدن إنه يريد التحدث إلى نتنياهو في أقرب وقت ممكن، وأضاف: «يجب أن تكون هناك بشدة إدانة لما حدث، ولحماس».
على الهاتف في وقت لاحق من ذلك اليوم، قال نتنياهو لبايدن: «إسرائيل ستنتصر» في حرب ضد حماس، لم يكن تركيزه على هجوم حماس، بل على ما قد يأتي لاحقاً.
وأضاف لبايدن: «عليك أن تبدأ في إرسال رسائل إلى حزب الله حتى يبقى خارج الحرب. يحتاج حزب الله إلى تلقي الرسالة من الولايات المتحدة: لا تدخلوا الحرب. لا تدخلوا الحرب. ابقوا خارج الحرب».
كان نتنياهو، الذي بدا مرتبكا، قلقا من أن حزب الله، الميليشيا القوية المدعومة من إيران في لبنان، قد يهاجم إسرائيل من الشمال.
«هؤلاء الناس يعتقدون أننا ضعفاء»، قال نتنياهو. «وفي الشرق الأوسط، إذا كنت ضعيفا، فأنت مجرد فريسة».
«نحن معكم»، قال بايدن لنتنياهو، وأكد له أن هناك تنسيقا وثيقا مستمرا بين الجيشين والاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، واتصل نتنياهو بعد ذلك بجاك سوليفان مباشرة.
كان مستشار الأمن القومي في قرية صيد صغيرة في جنوب فرنسا على وشك بدء عطلة قصيرة مع زوجته، ماجي جود لاندر، وعدد من أصدقائهما المقربين، عندما تلقى تنبيها عن هجوم حماس. الآن سيتوجه إلى واشنطن.
قال نتنياهو لسوليفان بلهجة ملحة: «جايك، نحتاج منك أن تهدد حزب الله. نحتاج منك أن تخبرهم أنه إذا تعاملوا معنا، فإنهم يتعاملون معك».
كان حزب الله يمتلك أكبر قوة مقاتلة لأي جهة غير حكومية في العالم، مع عشرات الآلاف من الجنود وأكثر من 150.000 صاروخ وقذيفة.
فكرة الردع تحطمت
كان سوليفان يشعر من نبرة نتنياهو أن هذا كان وجوديا لإسرائيل، لحظة من أشد لحظات الضعف. بدا نتنياهو وكأنه يعتقد أنه قد يفقد بلاده حقا. حزب الله قد يأتي، إيران قد تأتي، الجميع قد يأتي في وقت واحد لمحاولة تدمير إسرائيل.
كانت إحدى ركائز الردع الإسرائيلي هي الجيش الإسرائيلي المعروف والمخابرات المتقدمة. هذه الفكرة قد تحطمت للتو.
في البيت الأبيض، كان بريت ماكغورك يتصفح تقارير الاستخبارات ليرى ما إذا كان هناك هجوم آخر قادم لإسرائيل، وكان يراقب أيضا التقارير الواردة من الإسرائيليين على الأرض.
قالت إسرائيل إنها سيطرت على الوضع، وإنها قد أمسكت بجميع المسلحين من حماس.
وبعد ساعات أدرك ماكغورك أن الأمر لم يكن كذلك، وقال: «لا يزال هناك ألف من عناصر حماس داخل إسرائيل!».
لقد كان الأمر أشبه بحرب حقيقية. ولم يتبين حجم وحشية حماس الكاملة إلا بعد أيام، ففي ذلك اليوم، على منصة في غرفة الطعام الرسمية بالبيت الأبيض وجه الرئيس بایدن محاطا بوزير الدفاع وبلينكن، تحذيرا إلى إيران ووكلائها، مثل حزب الله في لبنان.
وقال بايدن: «اليوم يتعرض شعب إسرائيل للهجوم من قبل منظمة إرهابية، حماس، وفي هذه اللحظة المأساوية، أود أن أقول لهم وللعالم وللإرهابيين في كل مكان إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل، ولن نتردد أبدا في دعمهم».
وأضاف: «دعوني أقول هذا بأوضح ما يمكن، هذه ليست لحظة لأي جهة معادية لإسرائيل لاستغلال هذه الهجمات لتحقيق مكاسب، والعالم يراقب».
استغرق الأمر ثلاثة أيام حتى تمكن الإسرائيليون من السيطرة على الهجوم، وقال ديرمر: «كنا نحصي القتلى لأيام عديدة، وظل هذا العدد في ارتفاع مستمر لمدة عشرة أيام، لأن الجثث كانت منتشرة في كل مكان».
وبالمجمل قتلت «حماس» أكثر من 1200 إسرائيلي، وسحبت أكثر من 240 رهينة عبر الحدود إلى الأنفاق تحت الأرض في غزة، وكان هذا الهجوم الأكثر دموية في التاريخ اليهودي منذ الهولوكوست.
تقييم الاستخبارات الإسرائيلية
لقد فكر رون ديرمر في كيفية وقوع هذا الهجوم تحت أنوفهم مباشرة، ففي السادس من أكتوبر، أي قبل يوم واحد من الهجوم، كان تقييم الاستخبارات الإسرائيلية أن «حماس» في غزة قد تراجعت، فلم تكن حماس قوية بما يكفي لمواجهة إسرائيل.
كانت إسرائيل قد وجهت ضربات قوية لحماس في مايو 2021، بعد أن أطلقت حماس صاروخا على القدس، وفي ذلك الوقت، اعتقدت إسرائيل أنها دمرت الكثير من القدرات الرئيسية لحماس، وقال ديرمر: «في السادس من أكتوبر، اعتقدت أن حماس تعرضت لضربة قوية قبل عامين «لم يكونوا يبحثون عن قتال».
كما عمل نتنياهو على تغيير سياسة إسرائيل للسماح لسكان غزة بالعمل في إسرائيل، وارتفع عدد سكان غزة الذين حصلوا على تصاريح عمل تدريجيا إلى نحو عشرين ألف شخص بحلول 7 أكتوبر، وكان العمال الإضافيون يساعدون الاقتصاد الإسرائيلي، لكنهم عملوا أيضا على تحسين اقتصاد غزة بشكل كبير.
وبحسب تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإن حماس لديها الآن الحافز للحفاظ على الهدوء، حتى يتمكن سكان غزة من مواصلة العمل في إسرائيل، وأي عنف من شأنه أن يقطع الطريق على الوصول إلى هناك، وقال ديرمر إن «التقييم الذي توصل إليه الناس هو أن حماس ليس لديها مصلحة في الدخول في حرب مع إسرائيل».
كما ظلت حماس بعيدة عن المعارك الصغيرة القليلة التي خاضتها إسرائيل على مدى العامين الماضيين، تفاوضت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وهي منظمة إرهابية أصغر حجماً في غزة كانت تابعة مباشرة لإيران، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي صواريخ على إسرائيل، وردت إسرائيل بقتل بعض القادة المتشددين، ولم تتدخل حماس.
وقد فسر محللو الاستخبارات الإسرائيلية ذلك باعتباره إشارة أخرى إلى أن حماس لا تسعى إلى الحرب، والآن بعد السابع من أكتوبر، كان التقييم هو أن حماس ظلت هادئة من أجل التحضير لهجومها المفاجئ الذي شارك فيه أيضاً أعضاء من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.
وقال ديرمر: «نتنياهو يعرف أن حماس مكرسة لتدميرنا، ليس لديه شك في إرادتهم لقتلنا وقدراتهم، الأمر هو وجود خطة هجوم بهذا الحجم». كان حجم الهجوم في 7 أكتوبر أكبر مفاجأة.
وبعد أشهر أظهرت تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية أن 3 فقط من قادة «حماس» كانوا على علم بالخطة التي ستنفذ في السادس من أكتوبر لشن هجوم على إسرائيل في اليوم التالي، وقد أخفت «حماس» الخطة عن الاستخبارات الإسرائيلية من خلال إبقائها ضمن دائرة ضيقة جداً، ولم يكتشف أغلب المسلحين البالغ عددهم 3 آلاف أنهم لم يكونوا في تدريب آخر إلا في اللحظات التي سبقت شن الهجوم الضخم.
وفي إهمال غير عادي آخر، اكتشفت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في وقت لاحق أنها كانت بحوزتها خطة هجوم «حماس» قبل عام كامل تقريبا من هجوم السابع من أكتوبر.
وقال السفير هيرتزوغ «لا أعلم من في هرمنا رأى ذلك أو قرأه، ولكن لا أحد صدقه».، وذكر «لقد قال الجميع إن حماس ليست قوية بما يكفي لمواجهة إسرائيل، لن يجرؤوا على القيام بشيء كهذا، الآن نعلم أن استخباراتنا تمكنت من وضع يديها على خطط «حماس» الكاملة قبل عام من الهجوم. لقد أعطت الخطة الكاملة لحماس»، كما قال هيرتزوغ لشن هجوم ضخم عبر الحدود بالصواريخ، بكل ما في وسعها، الدخول إلى القواعد العسكرية وجميع الكيبوتسات والقرى والبلدات المأهولة بالسكان المدنيين القريبة من الحدود، لقد كانت خطة دقيقة وقد تدربوا عليها».
لقد فشلت إسرائيل في التصرف بناءً على المعلومات، ونتيجة لهذا، لم يكن لديها ما يكفي من القوات بالقرب من الحدود عندما بدأ الغزو، وفي وقت لاحق، قال السكرتير العسكري الإسرائيلي إن مجرد 15 دقيقة من التحذير كانت ستحدث فرقا كبيرا في قدرة إسرائيل على الدفاع ضد هجوم حماس في السابع من أكتوبر، وبدلاً من ذلك، فوجئت إسرائيل تماما.
تهديد وجودي
وبينما كان عدد القتلى لايزال في مرحلة العد، بدأ رئيس الوزراء نتنياهو ومجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بالتخطيط لرد عسكري لم تشهده «حماس» من قبل، وكان نتنياهو يريد انتصارا حاسما عليها في غزة، والقضاء على قادتها وتفكيك سيطرتهم على غزة بشكل دائم.
وقال ديرمر: إنه بالنسبة لإسرائيل فإن التهديد الوجودي هو أنه إذا لم نتمكن من القضاء على المنظمة التي فعلت ما فعلته بنا في السابع من أكتوبر، فإن هذا يعرض مستقبل البلاد بأكمله للخطر، لأن كل الصقور التي تحوم حول إسرائيل ستنظر وتشاهد وسيرون أن بإمكانهم الإفلات من العقاب.
وأضاف ديرمر «ليس كافيا أن نضربهم بقوة، ليس كافيا أن نستنزف قدراتهم، بل يتعين علينا بالنسبة لدولة مثل إسرائيل تعتمد على ردع الأعداء عن شن مثل هذه الهجمات، وأن نظهر لكل الأعداء في المنطقة أنه إذا شنت مثل هذا النوع من الهجمات فإنهم لن ينجوا منها».
يعتقد السفير هيرتزوغ أن السابع من أكتوبر ضرب على وتر وجودي لدى الإسرائيليين، فقد كان جندياً مقاتلاً برتبة عريف في حرب يوم الغفران عام 1973، أي قبل خمسين عاماً من هذا الهجوم الذي شنته «حماس».
وقال عن هجوم 7 أكتوبر: «أعتقد أن هذه الحرب تلمس مستوى وجوديا لدى الإسرائيليين بطريقة لم تفعلها حرب عام 1973، في ذلك الوقت كانت إسرائيل تقاتل جيشي مصر وسورية. وانتهى الأمر بوقف إطلاق النار الذي أدى إلى اتفاقيات كامب ديفيد، مع مصر كأول دولة عربية تعترف بإسرائيل كدولة، والآن أصبحت إسرائيل تقاتل ضد قوة غازية مختلفة تماما: حماس، المنظمة الإرهابية التي تسعى إلى تدمير إسرائيل.
وقال «هيرتزوغ إذا لم نزل هذا التهديد فلن نتمكن من عيش حياة طبيعية، لقد أصبحت حماس وكيلة لإيران على مدى العقد الماضي، وإذا لم نتمكن من هزيمة الحركة فإننا بذلك نشجع هذا المحور».
ولم تكن «حماس» بعيدة عنهم بآلاف الأميال، ولكنها بالنسبة للإسرائيليين كانت قريبة منهم جسدياً ونفسياً.
لقد فاجأ حجم الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر وكالات الاستخبارات الأميركية أيضاً.
وقامت مديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز بفحص التقارير، فقبل السابع من أكتوبر كانت هناك علامات تشير إلى تصاعد التوترات بين إسرائيل وحماس، وكانت وكالات الاستخبارات الأميركية قد حذرت من احتمالات متزايدة لشن هجوم أكثر محدودية، وهو ما يتفق مع ما فعلته الحركة في الماضي، ولكن النطاق الهائل لهجوم السابع من أكتوبر كان مفاجأة كبيرة. قالت هاينز: «بدون شك، كان مفاجأة».
لقد لفت انتباه هاينز في المعلومات الاستخباراتية التي صدرت قبل السابع من أكتوبر التقارير التي تحدثت عن احتجاجات فلسطينية في غزة ضد حماس، وقد قال هاينز متأملاً: «إن هذا أمر غير معتاد على الإطلاق»، فقد كانت هناك مؤشرات على بداية تأكل الدعم السياسي لحماس في غزة، وكانت الاستخبارات الأميركية تركز بشكل أكبر على حزب الله المنظمة المسلحة التي تسيطر على لبنان، شمال إسرائيل.
وأضافت هاينز: «من نواح كثيرة، كنا نلاحظ تصاعد التوترات مع حزب الله خلال هذه الفترة، حتى أكثر من تصاعدها مع حماس».
وأظهرت الاستخبارات الأميركية أن حزب الله «في وضع مستقر نسبيا، لكنه ينمو». كما عاد إلى لبنان عدد كبير من مقاتلي حزب الله النخبة الذين أرسلوا إلى سورية، كما كان حزب الله يخزن أسلحة تقليدية متقدمة.
وقال هاينز في إشارة إلى زعيم حزب الله حسن نصر الله: «لا نرى أن نصر الله في موقف يجعله يرغب في خوض حرب مع إسرائيل في تصعيد شامل، ولكن في الفترة التي سبقت ذلك، كان هناك الكثير من الشكوك حول قدرة الحزب على تصعيد الموقف»، وبحلول السابع من أكتوبر أصبح أكثر ثقة في مساحته وصار يضغط على إسرائيل، وكانت إسرائيل تضغط عليه في المقابل.
الآن بعد هجوم «حماس» الضخم، دفعت هاينز وكالات الاستخبارات الأميركية إلى العمل بسرعة أكبر، قالت لهم: «ساعدوا إسرائيل في رؤية ما يحدث على حدودها الأخرى، كان حزب الله وإيران والحوثيون في اليمن والميليشيات المتحالفة مع إيران في العراق وسورية تحوم حول إسرائيل.
لماذا لم توقظوا رئيس الوزراء؟
في مساء السابع من أكتوبر بأعماق الأرض في تل أبيب، التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورون ديرمر مع قيادات الأمن والجيش الإسرائيلي، في الوقت الذي استمر فيه الهجوم المفاجئ في جنوب إسرائيل في تدمير المجتمعات.
كانت التقارير عن الأهوال تزداد سوءاً كل ساعة، وكانت التقارير عن أعداد القتلى تتزايد بالمئات. هل نحن مسيطرون على الموقف؟... طلب نتنياهو من مجلس الوزراء الأمني أن يتدخل، لم يتم إبلاغه بالهجوم إلا في الساعة 6:30 من صباح ذلك اليوم، وانطلقت إشارات الإنذار المبكر في حوالي الساعة 3:00 صباحاً، لكنها لم تتصاعد أبداً إلى مستوى إبلاغ رئيس الوزراء، لقد كان فشلاً استخباراتياً وعسكرياً هائلاً. سأل ديرمر: لماذا لم توقظوا رئيس الوزراء؟ لم يكن لدى أحد إجابة جيدة.