الأغلبية الصامتة: الصندوق لكم والتفكير لنا
كغيره من الأشياء الكثيرة التي تجاوزها الزمن وحركة التطور التي (طحنت) كل من وقف في وجهها، لم تعد مقولة «التفكير خارج الصندوق» صالحة لزماننا هذا، فلا التفكير هو التفكير والصندوق لم يعد يتسع للكون الذي انفجر في داخله، هو عالم جديد يرفض أن نقارنه بزمن أخذ اللقب نفسه لأنه لم يقدم بعض التحديثات على أنماط تفكير سابقة بل نسفها وأتى بمنظومة جديدة حلت مكانها.
زمن جدي انتقل بكل ما فيه إلى زمن والدي، العقلية نفسها والملابس والمفردات والأدوات نفسها، وكأن الزمن تجمد في مكانه، الغريب أن الأجداد يرددون دوما أن الجيل القادم (يخوف)، وظلت هذه الحالة مستمرة لمئات السنين لأن حركة التطور تسير مثل السلحفاة، السيوف هي عتاد الحروب من عنترة بن شداد حتى أخبرتنا مدافع نابليون بأن العالم خارج الصندوق العثماني انقلب رأسا على عقب.
التحولات السريعة في العالم تطورت مع بداية الثورة الصناعية وتبدل وسائل المواصلات التي زادت سرعتها بفضل المحركات التي اختصرت المسافات الزمنية، وانتقال البشر نقل معه الأفكار والأخبار والمخترعات، ليكتشفوا أن للحقيقة أشكالاً وأحجاماً مختلفة غير التي ساروا عليها هم وأجدادهم لمئات السنين.
السؤال الآن: هل نمط التفكير مرتبط بتطور أدوات العصر ومخترعاته؟ الجواب يتحدث عن نفسه، فلولا العالم الذي انطوى داخل الراديو والتلفزيون والطائرة والسفينة والقطار وانتهى إلى جهاز الهاتف الذكي لما ولد الجيل الجديد الذي لا نعرفه ولا يريد أن يعرفنا، جيل لا يتحدث بلغتنا ولا يعترف بأساليبنا في الحياة والإدارة.
في الختام علينا أن ندرك، وخصوصا أصحاب القرار، أن صندوقنا لم يعد يتسع لغيرنا، وليس أمامنا سوى محاولة فهم ما يدور من حولنا حتى لا نتصادم مع جيل جديد في مواجهة محسومة الكفة مثل المدفع الفرنسي والبندقية العثمانية.