تتعرض وزارة الدفاع الأميركية للضغوط من الكونغرس كي تُراجع متطلبات الذخائر لأي معركة افتراضية بين حلف «الناتو» وروسيا قبل السماح بإرسال أسلحة إضافية إلى أوكرانيا، لكن المسؤولين الأميركيين العسكريين والدفاعيين يكررون أمام المشرّعين والمساعدين خلال الاجتماعات الأخيرة أن عتبة الذخائر التي تُحددها الخطط الحربية الخاصة بالبنتاغون تمنع الولايات المتحدة من إرسال المزيد من الذخائر إلى أوكرانيا.
في الأسابيع الأخيرة بدأ طرفا الصراع يفتقران إلى الذخائر، فقد اشتكت أوكرانيا من نقص حاد في القذائف المدفعية وصواريخ الدفاع الجوي، وبدأت روسيا تلجأ إلى إيران وكوريا الشمالية للتعويض عن المدفعيات والصواريخ المتضائلة، لكن رغم تحذير كبار المسؤولين العسكريين والدفاعيين الأميركيين من تضاؤل المخزون العسكري الأميركي، يُصِرّ الموظفون في الكونغرس على وجود كميات كافية من الأسلحة المُخزّنة حتى الآن، فبرأي هذا المعسكر، لا تتعلق المشكلة الحقيقية بتضاؤل المخزون، بل بعجز الولايات المتحدة عن تصنيع الذخائر بسرعة كافية لاستبدال الكميات المُرسَلة إلى أوكرانيا.
يظن المسؤولون الغربيون أن روسيا ستحتاج إلى خمس سنوات تقريباً لإعادة تشكيل قواتها البرية ومخزون ذخائرها، نظراً إلى العقوبات وقيود التصدير الخانقة التي تقودها الولايات المتحدة وكانت كفيلة بحرمان الكرملين من رقائق الحواسيب وقطع أخرى للصواريخ الموجّهة، حتى أنها دفعت موسكو إلى الاتكال على إيران وكوريا الشمالية للتعويض عن تراجع الإمدادات، لكن يشعر المسؤولون الأميركيون السابقون بالقلق من الاستخفاف بموسكو في مرحلة أبكر من اللزوم، فكان هؤلاء قد تفاجؤوا بالانتصار العسكري الذي حققته روسيا في عام 2008، وبإقدامها على ضم شبه جزيرة القرم بسرعة البرق وبطريقة غير شرعية في عام 2014.
يقول رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، إن وزارة الدفاع الأميركية بدأت تعالج المخاطر المطروحة على مخزون الأسلحة، وفي تعليق لمنتدى صحيفة «وول ستريت جورنال» قبل أيام، قال ميلي: «نحن نظن أننا عالجنا المشكلة بدرجة مقبولة لمتابعة إرسال كميات ثابتة من الإمدادات إلى أوكرانيا»، لكن رغم إعادة تحريك خطوط الإنتاج، تسود مخاوف كبرى في واشنطن من إقدام أوكرانيا على استنزاف الذخائر بسرعة فائقة لمحاولة فرض مسار القتال الذي تريده على القوة الروسية الهشة خلال الشتاء.
يتزامن موقف البنتاغون المستجد حول الحاجة المحتملة إلى استعمال ذخائر إضافية لخوض صراعات أخرى مع عزل ميلي داخل إدارة جو بايدن على خلفية دعوته إلى إطلاق محادثات بين أوكرانيا وروسيا، لكن برأي بعض المسؤولين السابقين، تفتقر الفكرة القائلة إن المساعدات الموجهة إلى أوكرانيا قد تؤثر على متطلبات الذخائر الخاصة بحالات طوارئ أخرى إلى المصداقية، بعدما تجاهلت مجموعة من الإدارات الأميركية السابقة النقص الحاد في الذخائر، وفي هذا السياق، يقول جيب نادانير، النائب السابق لمساعد وزير الدفاع الأميركي في مجال السياسة الصناعية: «الأمر أشبه بتشاجر الناس حول قروش قليلة رغم وجود مئة دولار على الطاولة، فإذا فشلت أي خطة طوارئ، يصعب أن يقول أي طرف إن شحن تلك الذخائر إلى أوكرانيا هو السبب الحقيقي وراء النقص».
يتذمر بعض الموظفين في الكونغرس من عدم تماشي حُزَم المساعدات الأميركية المُوجّهة إلى أوكرانيا مع الواقع الميداني، إذ يتم إرسال نحو 400 مليون دولار إلى كييف كل أسبوعين، وهي كمية أقل من تلك التي تلقاها البلد خلال أشهر الصيف، حين بدأت الولايات المتحدة ترسل نظام الصاروخ المدفعي عالي الحركة الذي استعملته أوكرانيا لتدمير الخطوط الروسية، ويقول أحد الموظفين: «من الواضح أن الإدارة الأميركية لا تريد تسريع مساعداتها لأوكرانيا، لقد فهمنا جميعاً هذا الواقع».
* جاك ديتش