كتبت في مقالي أمس تحت العنوان ذاته كيف كانت المسيرة الديموقراطية في الكويت، في ظل دستور عشت نصف حياتي أو أكثر منبهراً به وبالتوازن الدقيق بين السلطات الثلاث وفقا لأحكام الدستور، بما يحقق وحدة الوطن واستقرار الحكم، وعاشقا للحريات وحقوق الإنسان التي كفلها، بحيث كانت هذه المسيرة أيقونة عربية، وحلما عربيا، في أن تمتد الى أرجاء الوطن العربي كله.

وإن نصوص الدستور المتعلقة بالاستجواب (المواد 100 و101 و102) كانت جوهر الحكم الديموقراطي، فيما تقيمه من محاسبة سياسية ومساءلة، إلا أنها أصحبت محنته، حتى هددت وحدة الوطن واستقرار الحكم.

Ad

وهو ما راودت النفس عليه في رؤية رأيتها كانت تراودني دائما، وهي أن يصدر أمر أميري بوقف العمل بأحكام المادتين 101 و102 من الدستور والمتعلقتين بطرح الثقة بالوزير أو عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء مع الإبقاء على المادة (100) التي تجيز لكل عضو استجواب رئيس مجلس الوزراء أو أي وزير.

وإذ أتوجه بشكرى إلى من تفضل من الإخوة الكويتيين بالثناء على هذا الاقتراح، الذي كان يمكن أن يغنينا عن تعطيل المسيرة الديموقراطية العربية في الكويت، بسبب إسراف بعض النواب في تقديم الاستجوابات بحيث أصبحت مهمة الاستجواب هدفا في ذاته، لزعزعة استقرار الحكم، أخص بالذكر من هؤلاء الأخ الفاضل الأستاذ فيصل الزامل الذي علق على هذا الاقتراح بكلمتين «حكمة وخبرة»، وليس لي فضل فيهما إلا ما علمني إياه الرعيل الأول في الكويت، الذي وضع دستورها بما اشتمل عليه من جواهر صقلتني خلال فترة عملي بالكويت، وتنفست رئتاي حتى الآن من رحيق ما قدموه للكويت، بحكمتهم وخبرتهم، لتكون الكويت أيقونة عربية في دستورها الذي يعتبر وثيقة تقدمية لحقوق الإنسان على مستوى العالم كله، هذه شهادة للتاريخ لا أبغي من ورائها مصلحة أو منفعة.

وأستكمل اليوم هذه الرؤية في الأحكام الانتقالية التي رأيت لزوما أن ترد في الأمر الأميري هي النص في هذا الأمر الأميري على ما يأتي:

أولا- يستبدل بنص هاتين الماديتن (101 و102) النصين التاليين:

مادة (101) كل وزير مسؤول لدى مجلس الأمة عن أعمال وزارته، ولا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير إلا بناء على رغبته أو طلب موقع من عشرة أعضاء إثر مناقشة استجواب موجه إليه، ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراره في الطلب قبل سبعة أيام من تقديمه، ويكون سحب الثقة من الوزير بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء، ولا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة.

فإذا صدر قرار المجلس بعدم الثقة بأحد الوزراء، رفع الأمر في هذه الحالة إلى الأمير، لإعفائه من منصبه، وتعيين وزير جديد، ما لم ير الأمير بقاءه في منصبه.

مادة (102) لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة، ولا يطرح في مجلس الأمة موضوع الثقة به.

ومع ذلك إذا رأى مجلس الأمة بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الأمر الى رئيس الدولة، وللأمير في هذه الحالة أن يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، أو أن يحل مجلس الأمة.

وفي حالة الحل لا يجوز للمجلس الجديد إعادة المناقشة مرة أخرى لموضوع قرار عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء الذي جرى تحكيم رئيس الدولة فيه.

وحبا في الكويت وأنا عاشق لها، وعاشق لدستورها وللمسيرة الديموقراطية فيها، أبتهل إلى الله، عز وجل، أن تنتهي هذه المرحلة الانتقالية، بتعطيل الحياة النيابية، وأن تعود الكويت أيقونة العرب الديموقراطية، بإصدار أمر أميري بتعديل هاتين المادتين، على أن ينص هذا الأمر على ما يلي: «يكون لهذا الأمر لأميري صفة دستورية، فلا يجوز تعديله إلا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور».

ولنا في المادة (4) من الدستور أسوة حسنة، حيث أضفى الدستور في هذه المادة على قانون توارث الإمارة الصفة الدستورية، وحصن هذا القانون على النحو الذي أوردناه، وهي أنه «لا يجوز تعديله إلا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور».

هذه مسودة اقتراح، أتمنى من الفقهاء والباحثين الدستوريين الكويتيين وغيرهم أن يشحذوا فكرهم وقريحتهم في الإضافة إليها أو تعديلها بما يحقق المصلحة العليا للبلاد، فما لا يدرك كله لا يترك جله.