«وول ستريت» تقيّم السياسات الخارجية للرئيس المقبل: ترامب متهور... وهاريس مسكونة بالخوف من التصعيد
أجرت هيئة صحيفة «وول ستريت» مع كتاب مساهمين في الصحيفة، تقييماً لما يمكن أن تكون عليه السياسات الخارجية في حال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب أو منافسته الديموقراطية كامالا هاريس، مشيرة إلى نقاط ضعف المرشحين في هذا الملف، بالنظر الى أن الرئيس الأميركي القادم سيتعين عليه إدارة العديد من الأزمات العالمية والحفاظ على الردع الأميركي، حيث تقدم خصوم أميركا في كل جزء تقريبا من العالم، على مدى السنوات الماضية، في أوروبا، ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، والشرق الأوسط، وإفريقيا، حتى الأميركتين.
وترى هيئة التحرير في «وول ستريت» انه لفهم السياسة الخارجية لترامب في ولايته الثانية المحتملة، يمكن للمرء أولاً فحص ولايته الأولى كمثال، وعند المقارنة بإدارة جو بايدن- كامالا هاريس، فإن سجل ترامب في ولايته الأولى، خصوصا فيما يتعلق بإيران والشرق الأوسط، أقوى بكثير.
ويقول هولمان جنكينز إنه على الرغم من أن ترامب كان غالبًا فوضويًا وغريب الأطوار، فإن سجله أظهر أيضًا أنه قادر على أن يكون ذكيًا، فبقتله قاسم سليماني، غيّر حسابات إيران أكثر بكثير مما فعلته دبلوماسية بايدن/أوباما. أما والتر راسل ميد فيلاحظ أن ترامب في التجمعات والخطابات، غالبًا ما يلتقط بدقة حالة الشؤون العالمية: «أوروبا في حالة من الفوضى. الشرق الأوسط ينفجر. إيران تشجعت، والصين تمضي قدماً».
وتجادل هيئة تحرير «وول ستريت» أن الرئيس السابق يبدو أيضًا أنه يفهم الردع غريزيًا، فهو يصرح كثيرًا بأن «روسيا لم تكن لتذهب إلى حرب مع أوكرانيا أبدًا لو كنت رئيسًا»، وتشير الى مقابلة أجراها معها زعم فيها ترامب أنه لن يضطر إلى استخدام القوة العسكرية لمنع الصين من غزو تايوان، لأن الرئيس الصيني شي جينبينغ «يحترمني، وهو يعلم أنني مجنون».
وتقول إنه في إدراكه لهذا «الجنون»، يعكس تصريح ترامب هذا بعض المخاطر المتوقعة في ولايته الثانية، ففي ولايته الأولى. وحسب ويليام إس. كوهين أظهر الرئيس السابق غالبًا التهور وعدم الاكتراث بالمعايير السياسية. أظهر ازدراءه للتحالفات الرسمية، ملمحًا إلى أنه قد يسحب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي، وتساءل علنًا عن الحاجة إلى القوات العسكرية الأميركية في كوريا الجنوبية واليابان.
يزعم والتر راسل ميد أن هذه «الموهبة في الاضطراب» قد يكون لها عواقب أكبر في فترة ولايته الثانية، فبدون قادة السياسة الخارجية المحافظين المعروفين الذين أحاط نفسه بهم في فترة ولايته الأولى، من غير المرجح أن يواجه ترامب تحدياً لغرائزه المتهورة. وفي اختياره جيه دي فانس نائبًا له، يبدو أن ترامب قد ضاعف الرهان على بعض أفكاره المناهضة للمؤسسة في السياسة الخارجية.
تقول هيئة تحرير «وول ستريت» أن أحد المخاطر الكبيرة لولاية ترامب الثانية هو ميل الرئيس السابق إلى «الدكتاتوريين»، مشيرة الى أن ترامب يعتقد أنه يستطيع سحر القادة المارقين، لكن العالم تغير منذ عام 2021. إن الدكتاتوريين الذين يقول إنه كان على وفاق معهم آنذاك يتقدمون ويعملون معًا أكثر من أي وقت مضى. خطابه الودي تجاه هؤلاء القادة ليس مطمئنًا.
إن نقطة الضعف الأخيرة التي لا تحظى بالتقدير الكافي هي فشله خلال ولايته الأولى في بناء جيش أميركي مستعد لمواجهة المخاطر العالمية المتفاقمة. ورغم أن ترامب يزعم أنه عزز الجيش، فإن مستشاريه الحاليين يريدون خفض الإنفاق الدفاعي، ولم تفعل ميزانياته الكثير لاستعادة العقود طويلة الأجل لشراء الأسلحة بشكل ثابت، ولو كان قد أنجز إعادة بناء الجيش كما يزعم، فهل كانت الولايات المتحدة لتجهد لإنتاج ما يكفي من الصواريخ والذخيرة لكل من أوكرانيا وإسرائيل؟
في المقابل، يزعم أنصار كامالا هاريس، بما في ذلك ويليام إس كوهين، أنها «أممية» تؤمن بسيادة القانون ونظام قائم على القواعد يسعى إلى تحقيق النظام والاستقرار العالمي، وتقول هيئة تحرير «وول ستريت» إن هاريس أبقت سياستها الخارجية غامضة بشكل أساسي، لافتة الى أن العالم أكثر خطورة مما كان عليه منذ عقود، ويستحق الأميركيون أن يعرفوا كيف ستواجه المرأة التي تسعى إلى أن تكون القائد الأعلى التهديدات.
في كتابها «الحرب على الإرهاب»، كتبت شاي خاتيري: «بصفتها عضوًا في مجلس الشيوخ، فضلت السيدة هاريس خفض ميزانية الدفاع، وإذا هزمت دونالد ترامب، فإن الأميركيين الذين يريدون الحد من الإنفاق الدفاعي سيكونون الفائزين».
وبصفتها نائبة للرئيس، تم تعريف إدارتها بالخوف من التصعيد. وقد ساهمت مثل هذه المخاوف في الجمود الحالي في أوكرانيا ومنعت إسرائيل من النجاح التام. ويمكن توقع المزيد من هذه السياسات إذا أصبحت رئيسة. في حين أن هاريس بالكاد أوضحت للجمهور من تعتمد عليه للحصول على المشورة في السياسة الخارجية، فإن مستشارها المقرب من الأمن القومي فيليب غوردون يتاجر أيضًا برهاب التصعيد. ومن المرجح أن تتوسع نائبة الرئيس في سياسة بايدن.
ترى هيئة تحرير «وول ستريت» أنه إلى الحد الذي عبرت فيه هاريس عن غرائزها الخاصة بشأن الأمن، فقد كانت مخطئة إلى حد كبير. لقد دعمت إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني، وحماسها السابق لحظر التكسير الهيدروليكي لم يفعل أي شيء لكبح المصدر الرئيسي لتمويل الحرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
في أفغانستان، دعمت صراحة انسحاب جو بايدن، وهو القرار الذي تصفه هيئة تحرير «وول ستريت» بأنه يمثل نهاية الردع الأميركي الموثوق. كما اتبعت نهج بايدن في الشرق الأوسط. سمحت سياسة بايدن-هاريس لإيران باستغلال الانقسامات بين أميركا وإسرائيل، كما كتب رويل مارك جيريشت وراي تاكيه، وتسببت في تدهور المكابح الأساسية للنظام الإيراني. تقدم البرنامج النووي لطهران بسرعة في السنوات الأربع الماضية، ومن المرجح أن يعرف الإيرانيون أن الرئيسة هاريس ستستمر في القيادة بدبلوماسية غير فعالة. كما لعبت هاريس على اليسار في سياستها تجاه إسرائيل على وجه التحديد. في تجاهلها لخطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، أشارت إلى العديد من الناس أن سياستها ستختلف بشكل كبير عن سياسة بايدن. على الرغم من أنها أعربت عن دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلا أنها تبدو بالفعل أكثر استعدادًا للاستسلام للجناح التقدمي للديموقراطيين من بايدن.