يبدو أنه لا حلّ مقبول عربياً ودولياً إلا بعودة قطاع غزة إلى الإدارة المصرية، فما دام ليس هناك قبول عربي ولا دولي بعودة القطاع المبتلى إلى سيطرة «حماس» التي حوّلته إلى إمارة تابعة لهذا الحزب الذي حاد عن الطريق القويم، رامية بنفسها، وجارّةً معها أهالي غزة إلى المصير المجهول، فكانت نتيجتها تلك المأساة الإنسانية التي لم يتأثر بها إلا الفلسطينيون وحدهم، وما دامت السلطة الفلسطينية قد فشلت في إنقاذ غزة من الانفصال الحماسي وحمايتها من تهور ذلك الحزب وعملياته التي لم تجرّ وراءها إلا الويلات والدمار على غزة والغزاويين، فلتعد غزة إلى أحضان الإدارة المصرية، فمصر على الحدود اللصيقة لغزة، ومصر لها ثقل عربي ودولي بعيد عن التهور الحزبي والضعف الفلسطيني، وهي الوحيدة القادرة على فك ارتباط غزة عن النظام الإيراني، فمصر كانت تدير هذا القطاع إدارياً في السابق، فالأسلم لهذا القطاع أن يعود كما كان.
الإدارة المصرية لقطاع غزة ليست بأمر جديد ولا مستنكر ولا مستغرب، فبعد سقوط فلسطين تحت براثن الاحتلال الصهيوني، بدأت مصر عملياً إدارة القطاع، ولكن بشكل متقطع، من سنة 1948 حتى يونيو 1967، أي بعد الحرب الكارثية والهزيمة النكراء التي أسفرت عن احتلال إسرائيل لكامل سيناء بما فيها غزة، ومعها الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية.
نقول، بل يجب أن نعترف بأن هناك فصائل فلسطينية، رغم أنها واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر، ورغم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال، فإنها فشلت في التوحد فيما بينها، وكان صراعها يدور حول من يسيطر على الجزء المتبقي من فلسطين، ورغم أن العرب والمجتمع الدولي اعترفوا بمنظمة التحرير ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني، فإن عشق السلطة وما يتبعها من مال كان هو المهيمن على عقول أمراء الفصائل، وبالطبع منها «حماس» التي خرجت من رحم الهيمنة الإسرائيلية.
ولكن عندما فشلت «حماس» في الهيمنة على السلطة في رام الله، قامت بخطوة كارثية لم تحدث في تاريخ الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، فقد قامت بانقلاب دموي على السلطة في غزة ونكّلت بمن عارضها، أما الأمر الغريب فهو أن إسرائيل لم تحرّك ساكناً، فهذا بالضبط ما كانت تتمناه، أما الأغرب فقد تغاضت إسرائيل حتى عن تمويل «حماس» وتسليحها.
فلتعد غزة إلى الإدارة المصرية، فمن حق أهالي غزة أن ينعموا أخيراً بحياة آمنة بعيدة عن أطماع الغير.