يوم الحسم الأميركي

الأميركيون يختارون بين هاريس وترامب المتمسك بمزاعم التزوير

نشر في 05-11-2024
آخر تحديث 04-11-2024 | 20:50

في وقت تظهر استطلاعات الرأي تقارباً شديداً بين مرشحَي الرئاسة يتوجه الناخبون الأميركيون، وعددهم 260 مليوناً، اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الأميركي الـ47، في حين يراقب العالم عن كثب أحد «أسخن» الانتخابات في التاريخ الأميركي، بين المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب، اللذين واصلا حملتهما حتى اللحظات الأخيرة.

وإذا نجح ترامب في العودة للبيت الأبيض، فسيصبح أول رئيس أميركي سابق تتم إدانته بتهم جنائية بعد أن قررت هيئة محلفين في أبريل الماضي إدانته بـ 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية، ودفع مبالغ مالية بشكل سري لممثلة أفلام إباحية مقابل صمتها.

في المقابل، ستصبح هاريس إذا فازت بالانتخابات، أول امرأة ملونة تتولى مقاليد الحكم في البيت الأبيض، وكثيراً ما كرّرت هاريس المولودة لأم هندية وأب جامايكي، أن الولايات المتحدة باتت مستعدة لانتخاب رئيسة، بعد أن قضت مسيرة رائدة، إذ كانت أول امرأة يتم انتخابها لمنصب المدعي العام في كاليفورنيا، وأول أميركية من أصل إفريقي وآسيوي تشغل هذا المنصب، ثم أول نائبة رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.

وشهدت المنافسة المحتدمة بين هاريس وترامب جدلاً قانونياً، خصوصاً أن المرشح الجمهوري لا يزال يطعن في هزيمته أمام بايدن في عام 2020، وتعرض لـ«ثلاث محاولات اغتيال» قبل أشهر من التصويت، ما دفع السلطات إلى اتخاذ تدابير أمنية غير مسبوقة، تشمل وضع نظام تحديد المواقع (GPS) في صناديق الاقتراع، وإنشاء مراكز فرز توفر خاصية البث المباشر على مدار الساعة، إضافة إلى حماية مراكز الاقتراع ونشر قناصين في البنايات المحيطة بها.

وإن كان كلٌّ من المرشحين يُبدي ثقته بالنصر، فالواقع أن المنافسة شديدة ونوايا الأصوات متقاربة إلى حد أن بضع عشرات من آلاف الأصوات قد تكفي لحسم نتيجة الانتخابات.

ويتركز فارق الأصوات هذا في سبع ولايات أساسية يجوبها المرشحان بلا توقف منذ أشهر، وينفقون فيها مئات ملايين الدولارات.

والجائزة الكبرى بين هذه الولايات السبع تبقى بنسيلفانيا، التي تقدم أكبر عدد من كبار الناخبين. فالولايات المتحدة تعتمد نظام اقتراع عام غير مباشر يتوج المرشح الذي يتخطى عتبة 271 من أصوات كبار الناخبين، أي أغلبية المجمع الناخب الذي يضم 538 من كبار الناخبين.

وصوّت نحو 80 مليون ناخب من أصل 244 مليوناً بشكل مبكر، من بينهم هاريس نفسها، أما خصمها، فسيدلي بصوته اليوم قرب مقر إقامته في فلوريدا.

في هذه الأثناء، شنّ المرشحان، «حرب اللحظات الأخيرة» من الحملة، ففي حين سعت هاريس إلى توجيه رسالة وحدة وتضامن وتفاؤل متعهدة بإنهاء الحرب في غزة، وبأن تكون «رئيسة لكل الأميركيين»، قال ترامب إنه «لم يكن عليه مغادرة» البيت الأبيض بعد انتخابات 2020، مشيراً إلى أنه لن يمانع إذا أطلق شخص النار على الصحافيين «الذين ينشرون الأكاذيب»، في تصريحات وصفتها الصحافة الأميركية بأنها «رسائل قاتمة».

وفي تفاصيل الخبر:

بينما يتوجه الناخبون الأميركيون، وعددهم 260 مليونا، نحو صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس الأميركي الـ 47، يراقب العالم عن كثب واحدة من «أسخن» الانتخابات في التاريخ الأميركي الحديث، اندلعت نارها بانسحاب الرئيس جو بايدن من منتصف الطريق، واستبداله بنائبته كامالا هاريس، بينما لاحقت منافسها الجمهوري دونالد ترامب ملفات قضائية ومحاولات اغتيال جعلت انتخابات هذا العام تاريخية.

وإذا نجح ترامب، (وهو أكبر مرشح للرئاسة الأميركية بـ 78 عاما)، في العودة للبيت الأبيض سيكون أوّل رئيس سابق في تاريخ الولايات المتحدة يُدان جنائيا، بعد أن قررت هيئة محلفين بنيويورك في أبريل 2024 إدانته في 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية من أجل دفع مبالغ مالية بشكل سرّي لممثلة أفلام إباحية مقابل صمتها، ليصبح أول رئيس أميركي سابق تتم إدانته بتهم جنائية.

وفضلا عن هذه الملاحقات القضائية، تعرّض ترامب لـ 3 محاولات اغتيال قبل أشهر من التصويت، «خدع» في أولاها الموت عندما أصابت رصاصة مسلح أذنه، لكنّه نهض ورفع يده للسماء، ليسجّل صورة تاريخية رفعت أسهمه في السباق الرئاسي.

في المقابل، ستصبح هاريس (59 عاما) إذا فازت بالانتخابات، أول امرأة وثاني شخص أسود يتولى مقاليد الحكم في البيت الأبيض، ولطالما كرّرت المولودة لأم هندية وأب جامايكي، أن الولايات المتحدة باتت مستعدة لانتخاب رئيسة، بعد أن قضت مسيرة رائدة، حيث كانت أول امرأة يتم انتخابها لمنصب المدعي العام في كاليفورنيا، وأول أميركية من أصل إفريقي وآسيوي تشغل هذا المنصب، ثم أول نائبة رئيس في تاريخ الولايات المتحدة.

واختارت هاريس أن تقضي ليلة الانتخابات في جامعة هاورد، التي تعدّ مؤسسة رئيسية لتعليم الطلاب السود في الولايات المتحدة، التحقت بها هاريس في ثمانينيات القرن الماضي. وتحتل جامعة هاورد الملقبة بـ «هارفارد السوداء» ومقرها في العاصمة واشنطن، مكانة أساسية في مسيرة نائبة الرئيس الأميركي، وغالبا ما تزورها منذ تخرّجها عام 1986.

وفضلا عن الاختلافات السياسية والاقتصادية، شهدت المنافسة المحتدمة بين هاريس وترامب جدلا قانونيا حول نتائج الانتخابات، خاصة أن المرشح الجمهوري لا يزال يطعن في هزيمته أمام بايدن عام 2020 وما ترتب عليها من اعتداء أنصاره على مبنى «الكابيتول»، في حادث غير مسبوق خلّف 5 قتلى وعشرات الجرحى.

في هذا الصدد، تشهد الانتخابات الحالية إجراءات أمنية غير مسبوقة استعدادا لأي أحداث عنف قد تندلع بعد التصويت أو خلاله. وكشف موقع أكسيوس الأميركي أن السلطات اتخذت، لأول مرة، مجموعة من التدابير الجديدة لتعزيز «الشفافية والنزاهة» فى عملية الاقتراع، وذلك فى ظل المخاوف المتصاعدة من «اختراق» الحملات الانتخابية والتأثير على نتائج الاقتراع.

وتشمل هذه التدابير وضع نظام تحديد المواقع (GPS) في صناديق الاقتراع، وإنشاء مراكز فرز توفر خاصية البثّ المباشر على مدار الساعة، إضافة إلى إنشاء نوافذ واسعة فى مراكز الاقتراع تسمح للعامة بمشاهدة وتتبّع ما يقع داخل المراكز، التي تمّ تعزيز تأمينها لدرجة وجود قناصين في البنايات المحيطة بها.

حرب خاطفة

في هذه الأثناء، وعدت هاريس خلال اجتماع انتخابي في ميشيغان بإنهاء الحرب في غزة، وتعهدت بأن تكون «رئيسة لكل الأميركيين»، في حين قال منافسها الجمهوري ترامب في ولاية بنسلفانيا إنه «لم يكن عليه مغادرة» البيت الأبيض بعد انتخابات 2020، مشيرا إلى أنه لن يمانع إذا أطلق شخص النار على الصحافيين «الذين ينشرون الأكاذيب».

وفي استطلاعات متعادلة، نفّذت هاريس وترامب الأحد «الحرب الخاطفة الأخيرة في الولايات الرئيسية»، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت، مشيرة إلى أن نائبة الرئيس ركزت على ميشيغن، حيث زارت كنيسة للسود في ديترويت، قبل أن تصعد على المسرح «لتحظى بتصفيق حار» في جامعة الولاية.

ووعدت هاريس بإنهاء الحرب في غزة، «وهي قضية حاسمة في هذه الولاية المتأرجحة التي يمكن أن تحدد نتائج الانتخابات»، خاصة أنها تضم أكبر عدد من أصوات الأميركيين العرب والمسلمين الغاضبين من استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة «بغطاء أميركي».

وقالت إنها إذا انتخبت رئيسة فستفعل «كل ما في وسعها لإنهاء الحرب في غزة، وإعادة الرهائن وإنهاء المعاناة، والحفاظ على أمن إسرائيل وضمان قدرة الشعب الفلسطيني على ممارسة حقه في الكرامة والحرية والأمن وتقرير المصير»، فيما يعدّ هذا الموضوع «نقطة ضعف أساسية للمرشحة الديموقراطية في هذه الولاية، بسبب إحباط الناخبين الأميركيين العرب»، كما أوضحت صحيفة واشنطن بوست.

كما تعهدت المرشحة الديموقراطية بأن تكون «رئيسة لكل الأميركيين»، وسلّطت الضوء على «الوحدة»، التي كانت في قلب استراتيجيتها الختامية، ودعت أنصارها إلى «روح التضامن»، في «تناقض صارخ مع الخطاب التحريضي والنهج الفوضوي لترامب خلال جولاته الأخيرة»، وفق «نيويورك تايمز».

وأدلت هاريس بصوتها بواسطة البريد الإلكتروني في الانتخابات الرئاسية، وأبلغت الصحافيين بأنها قامت بملء بطاقة الاقتراع وأرسلتها عبر البريد، موضحة أن بطاقتها «في طريقها إلى كاليفورنيا»، الولاية التي تنتمي إليها.

غضب ومظالم

في المقابل، ركّز ترامب اهتمامه على الولايات الشرقية، حيث عقد اجتماعات في بنسلفانيا وكارولينا الشمالية وجورجيا، مجددا تشكّياته في مرافعته الأخيرة، حيث أكد في مطار لانكستر بوسط بنسلفانيا أنه «ما كان ينبغي» أن يغادر البيت الأبيض بعد انتخابات 2020، «وهو اعتراف لافت من رئيس سابق أدت محاولاته للتشبث بالسلطة إلى أعمال شغب مميتة في مبنى الكابيتول»، حسبما علقت صحيفة بوليتيكو.

وأشار ترامب إلى أنه لن يمانع إذا قام شخص ما «بإطلاق النار على الأخبار المزيفة»، وهو «تصعيد لخطاب عنيف» ضد الصحافيين سعى فريقه سريعًا إلى التقليل من شأنه، غير أن المرشح الجمهوري لا يزال يعتقد أن «البيت الأبيض سُرق منه» في الانتخابات الماضية.

الأميركيون العرب والمسلمون يعاقبون الحزبين بـ «الطرف الثالث»

أظهر استطلاع للرأي جديد أن مرشحة حزب الخضر جيل ستاين أصبحت الأكثر تفضيلاً لدى الناخبين الأميركيين المسلمين الغاضبين من استمرار الحرب في غزة، ، مع أنهم غالباً ما صوتوا لمرشحي الحزب الديموقراطي في السابق.

وتفوقت ستاين، بحسب الاستطلاع، على الديموقراطية كامالا هاريس، والجمهوري دونالد ترامب.

وأشار الاستطلاع الذي أجراه مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية «كير» ونشر نتائجه يوم الجمعة الماضي، الى أن 42 في المئة من الناخبين المسلمين يفضلون ستاين، بينما يدعم 41 في المئة هاريس، و10 في المئة ترامب، وواحد في المئة المرشح تشيس أوليفر من الحزب الليبرالي، في حين أن 5 في المئة فقط من المشاركين لا يخططون للتصويت. وشمل الاستطلاع نحو 1500 ناخب مسلم، وأجري في الفترة من 30 إلى 31 أكتوبر باستخدام قاعدة بيانات وطنية.

ويقدر «كير» عدد الناخبين المسلمين المسجلين بنحو 2.5 مليون، معتبرة أنهم في وضع يسمح لهم مرة أخرى بلعب دور حاسم في تشكيل المشهد السياسي الأميركي، خاصة مع وجودهم الكبير في الولايات المتأرجحة الرئيسية.

وتزايد الدعم لستاين في أوساط الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين في ولايات تنافسية مهمة، مثل ميشيغان وأريزونا وويسكونسن.

وتسعى ستاين إلى الحصول على دعم هذه المجموعات التي يشكل وقف الإسرائيلية في غزة أهم أهم مطالبها. وقد طالبت خلال حملتها الانتخابية بوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة وتطبيق حظر فوري على إرسال الأسلحة الأميركية لإسرائيل.

ويعبر بهاء عفيفي، أخصائي العلاج الطبيعي، عن خيبة أمله من سياسات الحزبين الديموقراطي والجمهوري «ولا أرى فرقاً كبيراً بين سياسات ترامب وهاريس فيما يتعلق بقضية غزة». ويقول لموقع «الحرة» أن أي نسبة يحصل عليها «الطرف الثالث» ستكون بمنزلة رسالة للجميع»، فعدم الرضا عن مرشحي الحزبين لا يقتصر على الأميركيين العرب والمسلمين، على حد رأيه.

وتتوقع استطلاعات الرأي حصول ستاين على نحو 1 في المئة الأصوات، وهي نسبة ضئيلة، لكن يتوقع خبراء أن يكون لها تأثير كبير على نتائج مرشحي الحزبين الكبيرين، هاريس، وترامب، المتنافسين المتعادلين تقريبا في معظم استطلاعات الرأي.

مع احتدام المنافسة في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يحدد بضع مئات من الأصوات هوية الساكن الجديد للبيت الأبيض. هذا الأمر حدث من قبل وقد يتكرر هذا العام في سيناريو ستكون بطلته ستاين (75 عاماً).

ويتنافس ترامب وهاريس على كسب تأييد الناخبين الأميركيين العرب والمسلمين والناخبين اليهود، خاصة في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا.

في ولاية ميشيغان المتأرجحة، حصل ترامب على دعم عدد من قادة المجتمعات الأميركية المسلمة وغيرهم، بما في ذلك تأييد اثنين من رؤساء البلديات في الولاية.

يرى المحلل السياسي، عضو الحزب الجمهوري نبيل ميخائيل، أن الحزب الديموقراطي خسر كثيراً من الأصوات في الفترة الأخيرة سواء من العرب والمسلمين، مضيفاً أن «تصويت العرب والمسلمين لشخصية ثالثة كنوع من العقاب لإدارة بايدن سيساهم في نجاح ترامب في الولايات المتأرجحة الحاسمة للسباق الانتخابي».

ويرى أنه «إذا لم يصوت 200 ألف من العرب والمسلمين لهاريس في ميشيغان، فأعتقد أن فرص وصولها للبيت الأبيض ستكون حينها منعدمة».

في المقابل، يرى المحلل السياسي عضو الحزب الديموقراطي، نصير العمري أن الأصوات التي ستذهب للطرف الثالث تضر بترامب وفي مصلحة هاريس. ولا يعتقد العمري أن «الصوت العربي سيكون هو المرجح بالرغم من أن هاريس كانت تود الحصول على معظمه لأنه تقليدياً 70 في المئة من أصوات العرب أو أكثر تذهب للحزب الديموقراطي».

ويلفت إلى أنه بحسب آخر الاستطلاعات، فإن ترامب قد يحصل على نسبة 40 في المئة تقريباً من أصوات العرب في ميشيغان، وهي نفس النسبة تقريباً التي ستحصل عليها هاريس، مضيفاً أن «هناك فئة لن تصوت لترامب ولا لهاريس وربما ستذهب إلى مرشح ثالث». وإذ يقر بأهمية الصوت العربي في ميشيغان حيث يوجد 400 ألف صوت، يعتبر العمري أن «دور الصوت العربي في ترجيح كفة ترامب أو هاريس هي قضية معقدة لأن الخريطة الانتخابية في ميشيغان معقدة وشهدت دخول فئات أخرى في هذه الانتخابات ربما عوضت عن الصوت العربي أصلاً مثل اللاتينيين والسود وهي تقليدياً لم تكن تنتخب، ولذلك لا يمكن حساب الأمر بدقة». ويؤكد أنه «إذا كانت النتائج متقاربة ستكون هناك مراجعة للصوت العربي وأين ذهب الصوت العربي ولكن إذا فازت هاريس بنسبة كبيرة فلن يكون الصوت العربي محط اهتمام».

في انتخابات 2016، حصلت ستاين على 1 في المئة من الأصوات على المستوى الوطني. وصوت لها نحو 51 ألف ناخب في ولاية ميشيغان المتأرجحة التي فاز فيها ترامب على منافسته آنذاك الديموقراطية هيلاري كلينتون، بأقل من 11 ألف صوت. إثر ذلك اتهمت حملة كلينتون ستاين بالتسبب في هزيمتها، إذ أن الأصوات التي حصدتها ستاين كانت كفيلة بفوز هيلاري.

وكان الرئيس الديموقراطي، جو بايدن، الذي انسحب من السباق الرئاسي وترشحت بدلاً منه نائبته هاريس، فاز بأصوات الأميركيين المسلمين، في انتخابات عام 2020، إذ حصل، بحسب استطلاعات للرأي عقب التصويت، على تأييد ما يتراوح بين 64 و84 في المئة منهم.

المرشحان الرئاسيان يستعدان لمعارك قضائية ضارية

قبل أقل من 48 ساعة من فتح مراكز الاقتراع في الولايات المتحدة أبوابها لانتخاب الرئيس المقبل، احتدمت المنافسة بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس، وفي غضون ذلك تستعد حملة كل منهما لمعارك قانونية محتملة بشأن نتائج التصويت.


ترامب يتعهد في جورجيا بإصلاح الولايات المتحدة (رويترز) ترامب يتعهد في جورجيا بإصلاح الولايات المتحدة (رويترز)

وبينما يؤكد مسؤولو الانتخابات أن عملية التصويت ستكون عادلة وآمنة وشفافة، واصل ترامب التعبير بشكل متزايد عن قلقه بشأن احتمال لجوء خصومه الديموقراطيين «للاحتيال» للتلاعب بنتائج الانتخابات لمصلحة منافسته. في المقابل، قالت هاريس في مقابلة بثت الشهر الماضي على شبكة «إن بي سي»، إن فريقها سيكون جاهزا للذهاب إلى المحاكم إذا خسر ترامب وحاول تقويض الانتخابات. وبحسب شبكة «سي إن إن»، فقد حشدت كل من حملتي ترامب وهاريس فرقا قانونية واسعة استعدادا لنتائج الانتخابات وما قد يسفر عنها.

وبينما يقود المحامي ديفيد وارينغتون جهود ترامب القانونية، تقود دانا ريموس، محامية حملة بايدن السابقة، الجهود لمصلحة هاريس.

لكن موقع «ذا هيل» يقول إن حملة هاريس تعاقدت أخيرا مع المحامي مارك إلياس، الذي يعتبر واحدا من أقوى المحامين في قضايا الانتخابات، بينما يتزعم حملة ترامب مجموعة قانونية تضم أسماء بارزة مثل جينين بريسو التي ترأست سابقا لجنة مساعدة الانتخابات الأميركية، فضلا عن شركات محاماة خارجية، مثل جونز داي ودهيلون غروب. ويبدو أن كلا الطرفين يستعد لمعركة قضائية مكثفة، مستفيدين من دروس انتخابات 2020 التي شهدت فشل معظم الطعون القانونية للجمهوريين، والآن يسعى كل فريق لإعداد استراتيجيات قوية للتعامل مع التحديات المتوقعة. ويشير «ذا هيل» إلى أن هناك أكثر من 200 قضية انتخابية معلقة في المحاكم. وبحسب «فويس أوف أميركا»، فقد وضعت اللجنة الوطنية الجمهورية ما يسمى ببرنامج «نزاهة الانتخابات» في الولايات المتأرجحة.

ورفع محامو هذه اللجنة أكثر من 100 دعوى قضائية بشأن مخالفات قواعد التصويت. ولكن تم رفض العديد منها في المحاكم.

تشير شبكة «سي أن أن» إلى أن فريق الجمهوريين القانوني الضخم يركز على مسألة «نزاهة الانتخابات»، خصوصا فيما يتعلق بتحديات التصويت عبر البريد، والاقتراع في الخارج، وكذلك مراجعة قوائم الناخبين.

وبعد فشل معظم الطعون القانونية التي قدمها ترامب في 2020، حرص فريقه على تعزيز قدراته القانونية وتجنب الأخطاء السابقة. على سبيل المثال، لم يتجهوا لتقديم دعاوى كثيرة بلا جدوى، بل اختاروا قضايا مدروسة بعناية.

في المقابل، أعد الديموقراطيون فريقا من مئات المحامين لحماية حقوق الناخبين وضمان التصدي لأي عراقيل محتملة. وأنشأت حملة هاريس برنامج «محامون ميدانيون» في كل ولاية، لضمان إلمام فريقها بكل تفاصيل قوانين الانتخابات والإجراءات المحلية.

وبدأ الديموقراطيون أيضا جهودهم القانونية في رفع الدعاوى القضائية لمنع التأخير المحتمل في التصديق على نتائج انتخابات ولاية جورجيا المتأرجحة، ومن المتوقع حدوث معارك قانونية خاصة في الولايات المتأرجحة.

ويحذر الخبراء القانونيون من أن أي شخص يدعي الاحتيال يجب أن يقدم دليلا. محامي ترامب السابق رودي جولياني على سبيل المثال، تم شطب اسمه من نقابة المحامين لنشره ادعاءات لا أساس لها من الصحة بأن انتخابات عام 2020 سُرقت.

وقد تؤدي المعارك القانونية إلى تأخير نتيجة الانتخابات الرئاسية. لكن إذا كانت النتائج ليلة الثلاثاء لصالح مرشح رئاسي واحد على آخر بهامش ملحوظ، يقول المحللون إنه سيكون من الصعب على الحزب المعارض الطعن في هذه النتائج.

وبحسب استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث ونشره على موقعه الإلكتروني في العاشر من أكتوبر، يبدو أن هناك انقساما حادا في آراء الناخبين بشأن ما إذا كانت هاريس وترامب سيعترفان بالهزيمة.

ويرى 61 في المئة من مؤيدي هاريس في مقابل 32 في المئة من مؤيدي ترامب أنه إذا خسر مرشحهم الشهر المقبل، فمن المهم جدا بالنسبة لهم الاعتراف بالمرشح المنافس كرئيس شرعي.

وقال 72 في المئة من الناخبين بشكل عام إنه إذا فاز ترامب بعدد كافٍ من الأصوات التي أدلى بها الناخبون المؤهلون في عدد كافٍ من الولايات، فإن هاريس ستقبل النتائج وتعترف بفوز منافسها الجمهوري. ويتوقع جميع أنصار هاريس تقريبا (95 في المئة) وحوالي نصف أنصار ترامب (48 في المئة) أن تعترف هاريس بالهزيمة. في المقابل، يقول 24 في المئة فقط إنه إذا خسر ترامب فسيعترف بالهزيمة. ويتوقع 46 في المئة من أنصار ترامب وأربعة في المئة فقط من أنصار هاريس أن يعترف ترامب بهاريس باعتبارها الفائزة في الانتخابات. وترى كاثلين كينيدي تاونسند، نائبة الحاكم السابقة لولاية ماريلاند وابنة روبرت كينيدي، في مقابلة مع قناة «الحرة» أن أخطر تهديد يواجه الديموقراطية الأميركية في هذه الانتخابات هو «رفض نتائجها ونشر الأكاذيب».

وأشارت تاونسند إلى أن هذا التهديد برز بشكل جلي في انتخابات 2020 عندما رفض ترامب قبول فوز جو بايدن، ما أدى إلى أحداث عنف في السادس من يناير 2021، لكنها أشارت إلى أن نتائج الانتخابات التي تم الطعن فيها عبر الإنترنت أسفرت عن اتهام وسجن العديد من المتورطين، كما أن نشر المعلومات المغلوطة التي رافقت الانتخابات السابقة، مثلما فعلت بعض وسائل الإعلام، قوبل بغرامات كبيرة، مما يعكس التحديات القانونية التي تواجه من يروجون للمعلومات الخاطئة.

لمن سيصوت الروس الأميركيون؟

يشكل الروس الأميركيون مجموعة متنوعة داخل الولايات المتحدة، ويصعب إحصاؤهم عدديا ضمن جنسية مرجعية واحدة، ذلك أن أصولهم تعود لدول الاتحاد السوفياتي، التي حصلت على استقلالها بعد انهياره، وبالتالي فإن الهوية الروسية تعتمد على تعريف الفرد لنفسه، أو اللغة التي يتكلمها داخل المنزل، أو جنسية والديه، وغير ذلك من اعتبارات.

رغم ذلك، تقول بيانات رسمية أميركية إن عدد الأميركيين من أصل روسي يتجاوز ثلاثة ملايين شخص، 40% منهم من اليهود.

وبين الجيل الجديد، والجيل المحسوب على الاتحاد السوفياتي، بعض الفوارق التي تحدد توجه الناخبين، فمثلاً يميل القدامى الذين لا يزالون يحتفظون بعلاقات وثيقة مع عائلاتهم في روسيا ويحافظون على ثقافتهم الروسية، إلى المرشحين المتحفظين تجاه العلاقات مع روسيا.

كما يولون اعتباراً للقيم الأسرية ودور الدين في الحياة العامة والحفاظ على قيم وتقاليد متوارثة، الأمر الذي يجعلهم في تضاد مع توجهات الحزب الديموقراطي، وكذلك الجيل الجديد من الأبناء والأحفاد، الذين يميلون للاتجاهات الليبرالية والتحررية. ويؤكد السياسي الروسي الأميركي، عضو الحزب الديموقراطي بروك كراسني، أن الروس صوتوا لترامب في انتخابات 2020، بسبب موقفه الداعم لإسرائيل، وكراهيتهم لأي شيء يحمل نفحة من الاشتراكية، على حد تعبيره.

في الوقت نفسه، فإن الروس كغيرهم من مواطني الولايات المتحدة، يتأثرون بالسياسات الاقتصادية والوظيفية، والسياسات التي تمس الهجرة. وفي انتخابات 2024 تبرز هذه الأمور إلى جانب الموقف من الحرب في أوكرانيا، التي ترفضها أغلب المجموعات الأوراسية في الولايات المتحدة.

بالاعتماد على هذه القضايا والرؤى، يمكن التنبؤ بالموقف لهذا العام. فمن جهة، يعد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا والدعم المتواصل لإسرائيل، وكذلك مواجهة السياسات الليبرالية والاهتمام بالقيم التقليدية للأسرة وعلاقة الدين، بالإضافة إلى سياساته الاقتصادية التي تعد الأميركيين بأنهم قد يتجاوزون أزمة التضخم التي شابت فترة بايدن.

من جهة أخرى، تعبر هاريس عن السياسات التي انتهجها جو بايدن خلال الأعوام الماضية، فعلى الرغم من دعمها القوي لإسرائيل فإنها تدعو إلى إنهاء الحرب في غزة، كما أن الإعلان بين فينة وأخرى عن تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا يشي بأن هذه الحرب باتت مجهولة المصير. من جهة أخرى فإن الاتهامات المتكررة لروسيا والصين من جانب حزبها حول تدخلهم في توجيه الناخبين الأميركيين، يجعل كثيرا من الروس في موقف المتحفظ خصوصا أولئك الذين لا يزالون يحملون انتماء كبيرا لبلدهم الأم.

وفي 2020 قال صاموئيل كليغر، مدير الشؤون الروسية والأوراسية في اللجنة اليهودية الأميركية، لصحيفة «إسرائيل هيوم» العبرية، إنه «في انتخابات 2016 ركزت دراستي على كيفية تصويت الفئة العمرية 18-30 بين الأميركيين الناطقين بالروسية، ورأيت أنهم انقسموا بنسبة 50:50 تقريباً، بين مرشحي الحزب الديموقراطي والجمهوري (هيلاري كلينتون ودونالد ترامب)»، وأشار إلى أن هؤلاء الشباب فضلوا بايدن في انتخابات 2020.

back to top