تعود المسارات اللبنانية لتتفرع بين التطورات العسكرية والمسارات السياسية والدبلوماسية، مع دخول عنصر جديد وهو التمديد لقائد الجيش جوزيف عون في منصبه لمدة سنة.
الظرف القائم، في ظل استمرار الحرب، وغياب رئيس للجمهورية لا يسمح بفتح الباب أمام الشغور في منصب قائد الجيش، ولا في تعيين قائد جيش جديد.
ضغوط سياسية داخلية وخارجية يشهدها لبنان لأجل إنجاز التمديد، خصوصاً بعدما كانت قد برزت أصوات معارضة له، بينما تجري نقاشات بين الكتل النيابية المختلفة لأجل دمج اقتراحات قوانين تنص على التمديد لقائد الجيش ولمدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، ومدير عام الأمن العام الياس البيسري، كي يصبح القانون شمولياً ولا يكون مفصلاً على مقاس شخص كي لا يكون عرضة للطعن.
ليس الضغوط داخلية بل خارجية أيضاً، فيما تسعى القوى السياسية المعارضة لقائد الجيش وترشيحه لرئاسة الجمهورية لأن تمرر التمديد على مضض وبأصوات قليلة جداً بشكل لا ينال فيه قائد الجيش 65 صوتاً، وهو الرقم الذي يؤهل أي مرشح لرئاسة الجمهورية للفوز في الرئاسة من الدورة الثانية.
علماً أن قائد الجيش يحتاج إلى 86 صوتاً باعتبار أنه من موظفي الفئة الأولى، ويحتاج إلى تعديل دستوري لانتخابه، وهذا التعديل لا يتوفر إلا بحضور 86 نائباً، وهناك دراسة قانونية استند إليها سنة 2008 عندما تم انتخاب ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وهي أنه يمكن للمجلس أن ينتخب قائد الجيش كرئيس من دون تعديل دستوري، بشرط أن ينال 86 صوتاً، أي العدد الكافي لإنجاز هذا التعيين.
في هذا السياق، برزت حركة قائد الجيش باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي جرى خلالها البحث في مسألة التمديد وفي مسار التطورات العسكرية في البلاد وخصوصاً الكوماندوز البحري الإسرائيلي، الذي نفذ في البترون لاختطاف المواطن عماد أمهز، وقد وضع قائد الجيش رئيس مجلس النواب في صورة آخر ما توصلت إليه التحقيقات.
في السياق أيضاً، برز تحرك دبلوماسي في سبيل السعي للوصول إلى وقف لإطلاق النار أو تكوين موقف دولي داعم للبنان، وهو ما تجلى في زيارة سفراء الدول الخمس الكبرى لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي شدد على التزام لبنان بالقرار 1701، وتطبيق وقف إطلاق النار، متهماً إسرائيل بأنها تسعى إلى ضرب كل المسارات الدبلوماسية، وكذلك يتوقع أن تواصل السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون جولاتها على مختلف المسؤولين لإنجاز مسألة التمديد لقائد الجيش.
عسكرياً، تتواصل المواجهات البرية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، وقد سُجل تطور بارز في اليومين الماضيين، وهو انسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة الخيام ومحيطها، بالإضافة إلى الانسحاب من بلدة عيتا الشعب، ومن نقاط أخرى، وسط تضارب في القراءات والمعطيات، بين من يشير إلى أن الانسحاب هو لأن الإسرائيليين يريدون الاكتفاء بالدخول والتدمير والتفخيخ ولا يريدون تثبيت نقاطهم خوفاً من تعرضهم لعمليات من قبل الحزب، لا سيما أن حزب الله يراهن على الالتحام، بينما لا يريد الإسرائيليون العمل وفق استراتيجية تلائم الحزب ومصلحته الميدانية.
تأتي هذه التطورات على وقع تكثيف الغارات على قرى مختلفة في الجنوب والبقاع، وفي ظل بحث إسرائيلي في احتمال توسيع أهداف العملية البرية لتشمل قرى الخط الخلفي وليس فقط القرى الأمامية المحاذية للشريط الحدودي.