في وقت يبدو أن المواجهة الدائرة بين الخصمين اللدودين على هامش حربي غزة ولبنان على وشك أن تدخل منعطفاً جديداً قد يمسّ بأمن المنطقة كلها، توعّد الجيش الإسرائيلي بفتح حرب شاملة ضد إيران، إذا نفذت تهديداتها بشن ضربات بالستية ثالثة قالت إنها قيد التجهيز ضد الدولة العبرية.
ونقلت أوساط إسرائيلية عن مسؤول عسكري تأكيده أن حكومة بنيامين نتنياهو قررت التوقف عن «السجال مع طهران»، محذّراً من أن الرد على أي ضربة إيرانية جديدة سيكون حرباً واسعة، لا مجرّد رد مماثل.
في موازاة ذلك، دعا وزير الدفاع الأسبق، أفيغدور ليبرمان، إلى تنفيذ ضربة استباقية ضد الجمهورية الإسلامية تشمل البنية التحتية والمنشآت النووية، فيما اتهم وزير الدفاع الحالي يوآف غالانت طهران بأنها تكثف محاولاتها لإشعال الوضع في الضفة الغربية المحتلة.
تنديد وتهديد
على الجهة المقابلة، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي «الحضور المزعزع للاستقرار» للولايات المتحدة، بعدما أرسلت تعزيزات عسكرية إلى المنطقة تتضمن قاذفات «بي- 52» الاستراتيجية.
وقال بقائي رداً على سؤال بشأن القاذفات النووية: «لن يردع تصميم إيران على الدفاع عن نفسها»، وأكد أن الرد الإيراني على أول هجوم إسرائيلي علني ضدها سيكون «حاسماً وحازماً».
وشدد على أن طهران ستستخدم كل إمكاناتها المادية والروحية وكل ما أوتيت من قوة لتوجيه الرد الذي يُطلق عليه «الوعد الصادق 3».
وكرر المتحدث حديث الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن إيران تدعم «جميع المبادرات والجهود» الرامية للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وهو ما قد يؤثر على طبيعة ردها على الضربة التي شنّتها إسرائيل في 26 أكتوبر الماضي، ويعتقد أنها ألحقت أضراراً بالغة بمنشآت الدفاع الجوي وصناعة الصواريخ البالستية. كما أشار إلى أن موقف طهران الرسمي حيال معارضة تغيير العقيدة النووية والسعي لتطوير أسلحة ذرّية ما زال على حاله.
وأفاد بقائي، نقلاً عن خطاب أدلى به أخيراً المرشد علي خامنئي، بأن بلاده ستكون «مجهّزة بكل ما يلزم للدفاع» عن نفسها.
لكن الرئيس الإيراني المحسوب على التيار المعتدل، جدد أمس حديثه عن أن الصواريخ الإيرانية أنتجت بهدف الردع والدفاع، لا بهدف مهاجمة أي بلد أو احتلالها، لافتاً إلى أن إيران تعاني بسبب الحرب الاقتصادية التي يشنّها الأعداء ضدها.
ولفت إلى أن إيران توجهت إلى صنع الصواريخ في إطار سياسة الردع، ولكي لا يستطيع الأعداء، ومنهم إسرائيل، قصف أي مكان في أي وقت.
جاء ذلك في وقت استعرضت منصات تابعة لـ «الحرس الثوري» ما قالت إنها صور تظهر قادة عسكريين بقاعدة أنفاق صواريخ عملاقة على عمق 500 متر تضم صواريخ «خيبر شاكن» البالستية.
وشدد على أن بلده لا تخشى الحرب العسكرية التي لم تعد هي عنوان الحروب الحديثة، داعياً إلى ضرورة التغلب على الخصوم بحروبهم الاقتصادية الرامية لخلق مشاكل معيشية وداخلية.
تحطم وإعدام
إلى ذلك، أعلن «الحرس الثوري» الإيراني، مصرع قائد لواء نينوى في محافظة كلستان، حميد مازندراني، وأحد أفراد القوات البرية في حادث تحطم مروحية خلال مناورات في منطقة سراوان بمحافظة سيستان بلوشستان المضطربة، شرق البلاد.
وفي تطوّر آخر، ذكرت السلطة القضائية أنها نفذت حكم الإعدام بحق شاب إيراني يهودي، يدعى آروين قهرماني، بعد إدانته بتهمة قتل مواطن مسلم عمداً.
ويُعدّ إعدام مواطن يهودي بتهمة قتل مسلم في إيران حدثاً نادراً، وقد أثار جدلاً واسعاً، خصوصاً أن منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، التي تتخذ من النرويج مقراً لها، كانت قد أكدت سابقاً أن قهرماني كان يبلغ من العمر 18 عاماً، حين وقعت المشاجرة التي أفضت إلى القتل.
ووسط توجّس غربي إزاء تعزيز العلاقات العسكرية وتبادل الأسرار الصناعية بمجال صناعة الصواريخ والطائرات المسيّرة بين روسيا وإيران، أعلن سفير الجمهورية الإسلامية لدى روسيا، كاظم جلالي، أن القمرين الصناعيين الإيرانيين «كوثر» و«هدهد» سيتم وضعهما في مدارهما فجر اليوم، في إطار تطوير التعاون العلمي والتكنولوجي بين طهران وموسكو.
مصر وتركيا
على الصعيد الإقليمي، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبدالعاطي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، ضرورة اتخاذ كل الأطراف بالإقليم خطوات تسهم في منع التصعيد بالمنطقة وتحقيق التهدئة.
وناقش الوزير المصري مع عراقجي الأوضاع الإقليمية المتأزمة والتطورات في لبنان وغزة، في إطار المساعي المصرية لخفض التصعيد بالشرق الأوسط وإنهاء العدوان الإسرائيلي.
وشدد عبدالعاطي على ضرورة الحذر من استدراج المنطقة إلى حرب إقليمية لن تحقق مصلحة أي من الأطراف وتؤدي إلى تداعيات خطيرة على شعوب المنطقة.
وجدد إدانة مصر لكل الإجراءات الأحادية والاستفزازية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة وتؤدي إلى تأجيج الوضع بها، بما ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة واستقرارها.
في السياق، حذّر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، من أن الكيان الصهيوني قد يزيد من خطواته العدائية في المنطقة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة اليوم، مما يزيد من خطر امتداد الصراع إلى دول أخرى.
ولفت إلى أن نتنياهو قد يتخذ خطوات للقضاء على القدرات النووية لإيران، وإذا حدث ذلك فسيزداد خطر انتشار الصراع إلى دول أخرى.