تطرقت في الجزء الأول من هذا المقال إلى سوء الفهم والقصور والخلط لبعض مفاهيم عملية التقييم الأكاديمي عند بعض المسؤولين في الأجهزة الحكومية الرسمية والمؤسسات التعليمية العليا بدولة الكويت، لعملية تقييم الجامعات الأجنبية، وسأستعرض في هذا الجزء من المقال أنواع الاعتماد الأكاديمي للجامعات والمؤسسات التعليمية حتى تتضح الصورة بشكل أكثر للمهتمين بهذا الموضوع.

بشكل عام هناك نوعان من الاعتماد الأكاديمي للجامعات والمؤسسات التعليمية:

Ad

1- الاعتماد المؤسساتي (Institutional Accreditation) الإقليمي للكليات والجامعات النوعية، ويتم فيه تقييم الكلية أو الجامعة ككل

والاعتماد المؤسساتي يستلزم تقويماً شاملاً للجامعة في أدائها وإدارتها والتحصيل الأكاديمي لطلابها والخدمات الطلابية وعدد الكتب المتوافرة في مكتبة الجامعة ونسبة الطلبة لكل دكتور، وعدد حملة الدكتوراة من هيئة التدريس والأبحاث المنشورة لهم في المجلات العلمية المحكمة ومدى مشاركة الجامعة أو المعهد بالخدمات الاجتماعية على مستوى المدينة أو الولاية الموجودة فيها وغيره.

2- التقييم الأكاديمي أو الاعتماد المتخصص (Specialized Accreditation) يكون لبرامج أكاديمية محددة مثل برامج إدارة الأعمال والهندسة، وتقوم به جهات اعتماد متخصصة أو مهنية مثل (AACSB) و(ABET) على التوالي، وتضم معايير (ABET) ثمانية محاور هي: الطلاب، والأهداف التعليمية للبرنامج الهندسي، ومخرجات البرنامج وتقييمها، والتطوير المهني، وأعضاء الهيئة التدريسية، والامكانات والمنشآت والدعم المؤسسي والموارد المالية، والمعايير الخاصة بالبرنامج الهندسي.

وبشكل عام فإن الاتجاه السائد في كثير من جهات الاعتماد الأكاديمي كما هي الحال عند منظمات (AACSB) و(ABET) هو إدخال ما يعرف بقياس عوائد التعلُم «Learning Outcomes Assessment»، وهي طريقة حديثة للتقويم تكفل الرقي بعملية تطوير التعليم والتعلُم، يتم خلالها تحديد مدى فعالية البرنامج الأكاديمي في تهيئة الطالب لملاءمة سوق العمل وتحقيق الأهداف المرجوة.

وهناك بعض الجامعات العالية المستوى، ولكن ليس جميع الكليات أو البرامج فيها معترف بها أكاديميا، حيث إن بعض الجامعات وبعض المعاهد التعليمية تكون متميزة في كلية من كلياتها وغير متميزة في بعض الكليات فيها! وربما تكون متميزة في أحد البرامج الأكاديمية في إحدى كلياتها ولكنها غير متميزة على مستوى جميع البرامج وجميع الكليات! ومن هنا يأتي الخلط بعض الأحيان بشأن سمعة الجامعة ومستواها الأكاديمي بشكل عام!

ومع الأسف الشديد هناك فرق بين مستوى الجامعة والمؤسسة التعليمية من حيث علو المستوى التعليمي أو تدني المستوى التعليمي للجامعة أو المؤسسة التعليمية وبين ماذا كانت الجامعة غير معتمدة non-accredited، وكذلك بين الممارسات والسلوكيات التي تتم في بعض الجامعات والمؤسسات التعليمية من خلال الغش أو شراء الشهادات العلمية، فهذه ممارسات وجرائم يمكن أن تحدث في أي مؤسسة سواء كانت تعليمية أو غير تعليمية، أضف الى ما سبق أن هناك جامعات ومعاهد تعليمية عليا تمنح الشهادة الجامعية وشهادات الماجستير والدكتوراه الوهمية في مختلف التخصصات العلمية مثلها مثل الشركات المنتشرة في جميع أرجاء العالم.

ومن الجدير بالذكر أنه يمكن أن يتم حظر الدراسة في بعض الجامعات والمعاهد العلمية ليس بسبب تدني مستواها التعليمي أو الأكاديمي إنما لأسباب سياسية ودينية! فعلى سبيل المثال تعتبر جامعة بن غورين الإسرائيلية جامعة محظورة ليس لتدني مستواها التعليمي والأكاديمي ولكن لأسباب سياسية ويمكن أن تكون لأسباب دينية!!

أتمنى أن أكون قد وضحت بعض الأمور والقضايا التي تلتبس على البعض في مجال التقييم للجامعات والمؤسسات التعليمية، التي يتمترس وراءها بعض الجهلة وضعاف النفوس والمتسلقين ومستغلي الظروف بسبب هذا الالتباس وعدم الوضوح.

ودمتم سالمين.