منذ ظهور أزمة المناخ عام 1982، بدأت تتسلل إلى الكويت خلسة شخصيات وعوائل ومجاميع، غير معروفة بالمجتمع الكويتي، وفي غضون سنوات قليلة ازدادت أعدادها، وبشكل لافت صارت كويتية الجنسية!

وحين تدقق فيها بشكل فاحص تفاجأ بخليط مكوناتها بين من هو إيراني أو سوري أو عراقي أو سعودي أو باكستاني، وتستطيع بشكل سريع أن تتعرف على أنها وفدت إلى الكويت حديثاً، من لهجتها أو من مسلكها أو سلوكها، أو حتى من لبسها وأشكالها، والأمر المحيّر والمخيف أن هذه الفئات شقت طريقها بسرعة لتتولى مناصب حكومية رفيعة أو ربما حساسة، وأحياناً دخلت إلى هيئات تمثيلية عبر عضوية المجلس البلدي ومجلس الأمة!

Ad

وقد صار لهم تأثير مباشر للضغط على مؤسسات الدولة ودوائر القرار فيها، وفيهم مجموعة كبيرة لديهم جرأة واندفاع وتسابق لاستباحة الأموال العامة والاستيلاء عليها بشتى الطرق وتوريط من يسهّل لهم أمورهم، بل إنهم فتحوا مجالات التسلل إلى المجتمع للآلاف من الناس من خلال العمالة والتوظيف والإقامة والتجنيس، سواء كان ذلك بالاحتيال والتزوير أو بالمال والتغرير!

فانتشرت الزيجات الصورية لكسب الجنسية أو لاستنزاف ثروات البلاد، أو بتغيير الأسماء بانتساب شخص لمن ليس هو بأب له أو لعائلة ليست عائلته أو قبيلته! أو بإضافة أنفسهم إلى ملف الجنسية مقابل المال أو الابتزاز أو الصفقات! وفجأة تفاقمت ظاهرة التجنيس السياسي! والتي كانت لفترة زمنية محدودة وقاصرة على بعض أبناء الأسرة الحاكمة، وفجأة صارت بيد السياسيين والنواب والمتنفذين والضباط والموظفين بالجهات التي تعمل في مجال الجنسية أو المرتبطة بها مباشرة!

وبعد التحرير، وما أدراك بفترة ما بعد التحرير، صارت هذه الظاهرة هي الأصل، فقراءة الإحصاءات الخاصة بنمو السكان بخصوص الكويتيين تكشف أنه دخل في الجنسية الكويتية منذ عام 1994 حتى عام 2024 نحو 968 ألف كويتي تقريباً، أي ما يعادل نحو ضعف عدد الكويتيين عام 1992!

وعند تفحّص هذه الأعداد يتبين أنه حتى بفرضية النمو الطبيعي للكويتيين وهي 2.38 بالمئة، فإن الزيادة منذ 1994 وحتى 2024 لا يمكن أن تتجاوز 389 ألفاً تقريباً، وهو ما يعني بشكل جليّ ومباشر أنه قد تسلل للجنسية الكويتية بشكل غير مشروع نحو 579 ألف كويتي على أقل تقدير! هؤلاء فقط منذ عام 1994!

فإذا أضفنا إليهم من تسلّل للجنسية الكويتية بشكل غير مشروع في ما قبل 1990، وعددهم - حسب الدراسة الإحصائية لنمو السكان - 251.643 كويتياً! فإن مجموع من تسلل للجنسية الكويتية إحصائياً على أقل تقدير هو 830.643 متسللاً!

ولئن كانت هذه أساليب التسلل للجنسية التي ذكرنا أمثلة لها بالنصف الأول من هذه المقالة، فإنها زادت وتطورت، وتم ابتكار طرق أخرى تذهل من يقف عليها ويعلم عنها!

ونحمد الله أن قائد سفينة الكويت وربانها، صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد، قد جعل تطهير هذا الملف على رأس قائمة الأولويات الوطنية، ويتولى سموه بشخصه الكريم متابعة ودعم الجهود التي تعمل على تطهيره من العبث والتزوير والتلاعب والفوضى التي كانت تعيث فساداً بهذا الملف! وحرص سموه على أن يتم سحب وإسقاط الجنسية عن كل غير مستحق أو مزور أو مندس على الجنسية، حتى تعود الكويت لأهلها!

نعم، حتى تعود الكويت لأهلها، فمن كانوا يمثلون الأمة بمجلس الأمة عدد كبير منهم من أولئك المتسللين! ومثلهم بالمجلس البلدي، ومثلهم بالمناصب والمراكز والوظائف القيادية! وكذلك هم من أخذوا الوظائف من مستحقيها من المواطنين والبعثات والعلاج بالخارج والرعاية الإسكانية وغيرها من المرتبات والمزايا والدعومات!

نعم... كل هذا التطهير الذي نشهده اليوم بخُطى حكومية حثيثة ومتتابعة، تنفيذاً لتوجيهات سمو الأمير، هو لإعادة الكويت إلى أهلها، بعد أن تم اختطافها لما يقارب 40 سنة!