يُصادف اليوم السادس من نوفمبر الذكرى الـ33 لإطفاء آخر بئر نفطية أشعلتها القوات العراقية قبيل انسحابها من الكويت إثر هزيمتها من قوات التحالف الدولي في فبراير عام 1991.
وتستذكر الكويت في كل عام ذلك اليوم من عام 1991 وهو اليوم الذي قام فيه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح بإطفاء آخر بئر نفطية مشتعلة معلناً بذلك تجاوز البلاد لآثار تلك الكارثة وعودتها مجدداً لأداء دورها الرائد بعزيمة أبنائها وجهودهم وتفانيهم.
وقبيل اندحارها من الكويت أقدمت قوات الاحتلال العراقي الغاشم على إشعال النيران في المئات من آبار النفط وتدمير آبار أخرى مما تسبب في حدوث ما اعتبر أكبر كارثة بيئية شهدتها المنطقة عبر تاريخها.
فقد أشعلت تلك القوات النيران في 737 بئراً نفطية ودمرت رؤوس 54 بئراً أخرى مما أدى إلى تحويلها إلى آبار نازفة فيما قدرت كميات النفط المتسربة من تلك الآبار بنحو 23 مليون برميل في حين بلغت الخسائر اليومية للكويت نحو 120 مليون دولار أميركي.
وتعرّضت ثمانية مراكز تجميع في مرافق حقول شركة نفط الكويت للتدمير التام خلال ذلك العدوان فيما تباينت مستويات التدمير في 18 مركزاً للإنتاج ما بين التدمير الكامل أو التدمير الجزئي.
وتدفق النفط من بعض الابار التي تم تفجيرها ولم تشتعل ليكون ما يعرف بالبحيرات النفطية شديدة الخطورة على البيئة والحياة البشرية بينما أنتجت الكميات الهائلة من أعمدة الدخان التي غطت سماء الكويت مستويات عالية من الملوثات والتي بلغت أطناناً مخلفة أخطاراً جسيمة على الصحة العامة.
وتعددت الآثار السلبية على المنشآت النفطية في مختلف مناطق البلاد بشكل تطلب مدة طويلة لإعادة التأهيل فيما أثرت هذه الخسائر المادية على الاقتصاد العالمي على مدار سبعة أشهر.
وعقب تحرير الكويت انطلقت جهود عدد من الجهات المعنية لإعمار القطاع النفطي عن طريق إعداد لجان لدراسة مدى الأضرار التي لحقت بمنشآت ذلك القطاع والحلول المناسبة لمعالجتها ومواجهة التحديات الأخرى الناجمة عنها فضلاً عن تلبية احتياجات الأسواق العالمية من النفط الكويتي.
وكانت أولى الخطط لإعادة إعمار القطاع النفطي ومنشآته المتنوعة تتمثل في هدفين أساسيين الأول إطفاء الآبار في أقرب وقت ممكن والآخر تجهيز بعض الآبار للعودة إلى الإنتاج السريع وإصلاح بعض المنشآت السطحية.
وتضمنت جهود إطفاء الآبار مراسلة ما يُقارب 30 شركة من الشركات العالمية المتخصصة في إعادة إعمار المنشآت النفطية من جراء الحرائق والعوامل الأخرى حيث جرى اعتماد العديد من الشركات العالمية التي تمتلك خبرات متميزة في هذا المجال.
وانطلقت جهود إطفاء تلك الآبار بالتعاون بين الشركة العالمية وعدد من الكوادر الوطنية العاملة في القطاع النفطي الذين كانوا يواصلون الليل بالنهار ويعملون في ظروف بيئية صعبة جداً من أجل إنهاء مهمتهم الوطنية في أقرب وقت ممكن حتى تمكنوا من إطفاء الآبار خلال ثمانية أشهر فيما تستغرق هذه العملية عادة نحو خمس سنوات.
وبلغ عدد المعدات والعربات التي شاركت في عمليات الإطفاء 5800 قطعة بما يُمثّل ثاني أكبر أسطول معدات غير عسكرية في العالم وأكبر أسطول يتم تجميعه في مكان واحد في وقت أذهل فريق الإطفاء الكويتي العالم بإنجازاته البارزة في سرعة إطفاء الحرائق.
وفي هذا الصدد، قال مدير مجموعة تأهيل التربة في شركة نفط الكويت سامي الياقوت لـ«كونا» اليوم الأربعاء إن هناك عدداً من الخطوات سبقت عملية إخماد آبار النفط تمثلت في تجهيز الموقع الذي يحيط بالبئر المشتعلة وتقدير الاحتياجات الخاصة من معدات وآليات ثقيلة.
وأضاف الياقوت انه في التاسع من سبتمبر عام 1991 تم تشكيل فريق الإطفاء الكويتي التابع لشركة نفط الكويت المكون من 30 عضواً من العاملين في الشركة للمساهمة في عملية إطفاء الآبار رغم قلة الإمكانات والخبرات وعدم توفير كميات مياه مناسبة.
وذكر أن عملية إطفاء الآبار كانت تتضمن إعداد بحيرة من المياه بالقرب من كل بئر مشتعلة إضافة إلى تجهيزات أخرى، مشيراً إلى الجهود الحثيثة التي بذلت لإطفاء البئر الأخيرة وهي «برقان 118» من خلال ضخ كميات كبيرة من المياه من عدة جوانب.
من جانبه، أشاد كبير آمري الإطفاء الأسبق في شركة نفط الكويت إسحاق القائد لـ«كونا» بالدور الحيوي الذي بذله فريق الإطفاء في الشركة في إطفاء 41 بئراً على الرغم من قلة الخبرة في ذلك المجال.
وقال القائد إن عمل الفريق في إخماد آخر بئر مشتعلة وهي «برقان 118» استمر نحو سبعة أيام، مضيفاً أن الفريق تمكّن بعدها من تركيب الصمامات الخاصة برأس البئر تجهيزاً للاحتفال الخاص في إطفائه الذي حضره سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه.
وتضمنت جهود إعادة إعمار مرافق القطاع النفطي أيضاً وضع رؤوس جديدة لنحو 779 بئراً نفطية إضافة إلى إصلاح معظم الآبار التي دمرت أثناء الغزو وإعادتها للإنتاج وإعادة 18 مركز إنتاج للعمل وتشغيل 14 مركز تجميع بما فيها ثمانية مراكز خربتها القوات العراقية.