«على الأسفلت»... هاني راشد يرسم لوحاته بريشة ساخرة وبأسلوب عميق
يعتمد في معرضه الجديد على الخيال الجامح ولا يقع في فخ الهزل
يسلِّط «غاليري مصر» الضوء على إبداع الفنان التشكيلي المصري هاني راشد، من خلال معرضه الذي يستضيفه حاليًا تحت عنوان «على الأسفلت»، ويحظى بإقبال واسع من الجمهور والنقاد، لمتابعة لوحات الفنان الذي يمتاز بأسلوبه الساخر العميق، وفي الوقت ذاته بعيد لا يقع في فخ الهزل، معتمدًا منهج الإسقاط لتوصيل رسائله إلى المتلقي بأسلوب فني راقٍ.
المعرض ينقل مشاهدات ترصدها عين الفنان هاني راشد وريشته لعالم يسير ويتحرك في ديمومة مستمرة على الأسفلت، ما بين الباعة المتجولين والسيارات، وما قد يستخلصه المتلقي من تفاصيل ساخرة وعميقة لما يدور من حوله في الشوارع والطرقات يوميًا، والأسفلت في اللوحات هو عالم يطوي كل الحكايات كطي السجل، وفي كل مرة نراه ينوع المشهد الرئيس المنغمس في الأسفلت رمادي اللون، فهذا بائع فشار وهذا سائق عربة «توكتوك»، وهذه سيارة محملة بأغراض كثيرة، وذاك سائق دراجة نارية يمضي مسرعًا في طريقه، وكلها مشاهد تنطوي على حكايات تتداعى إلى الذهن وتختلف تأويلاتها من متلق لآخر، لكنها في كل الأحوال تحمل إسقاطات معينة تستدعي مشهدًا فنتازيًا تدركه على الفور كل عين.
فاتنازيا التصوير
مدير «غاليري مصر» الفنان محمد طلعت، يقول إن الفنان هاني راشد يجيد اللعب الإسقاطي على الأشياء معتمدًا على الخيال الجامح الذي تنطلق منه فانتازيا المشهد التصويري لديه، بعد إضفاء رؤيته وإحساسه الشخصي على هذه الأشياء، فهو فنان بارع في كسر هيمنة العلاقات المألوفة لخلق مشاهد تم تحريفها وتجريدها من صفاتها الأصلية لتكتسب دلالات خيالية أكثر رحابة ومثيرة للفكاهة وفي الوقت ذاته تجسد قدرته الإبداعية.
سخرية مرحة ولاذعة
فيما يقول الناقد ياسر سلطان عن هذه التجربة: «إذا أردنا الدخول إلى عالم الفنان هاني راشد علينا أولًا تقبُّل هذه المبالغات البصرية التي تزخر بها أعماله، والتهيؤ لقدر لا بأس به من السخرية المرحة أو اللاذعة أحيانًا. ولا بُد أن نشير هنا كذلك إلى أن المحتوى الساخر في أعمال هاني راشد يخلو من الهزل، فهو محتوى يعتمد على المفارقة والتشويه والجمع بين المتناقضات. وأظن أن هذا هو السبب في افتتان الفنان بالشارع القاهري، فليس هناك مساحة أوفر حظًا بالتناقضات من شوارع هذه المدينة المهولة والمترامية الأطراف».
أشكال فنية متنوعة
بدأ الفنان هاني راشد مسيرته الفنية في عام 1995، ومنذ ذلك الوقت اتخذت أعماله أشكالًا متنوعة، حيث استخدم وسائل مختلفة مثل الفيديو، والطباعة، والرسم، والتصوير، والنحت وأعمال بوسائط متعددة. وتلقي مشروعاته الفنية الضوء على حياته وتجاربه الشخصية، درس في استوديو الفنان المعروف محمد عبلة بدءًا من عام 1994 ومنذ ذلك الوقت اجتهد في تنمية مهاراته بالإطلاع والبحث والدراسة الشخصية، ويعتمد في كثير من أعماله على الكولاج والتصوير الفوتوغرافي كمصدر للإلهام، ويستخدم السخرية والتشويه كأدوات بصرية للنقد وللتعبير عن أفكاره.
معارض فردية وجماعية
وأقام هاني راشد العديد من المعارض الفردية، وعرضت أعماله دوليًا في باريس، ولندن، ودبي، وفيينا. كما شارك في معارض جماعية في إيطاليا، وألمانيا، وإسبانيا، والدنمارك، وهولندا، والسويد، وفنلندا، وتم اقتناء أعماله في متحف Tate Modern بإنكلترا، و»متحف الفن المعاصر» ينتشوان، بالصين، ومتحف الفن الحديث بالقاهرة، كما عُرضت أعماله مرتين في قاعة سوثبي للمزادات العالمية بلندن، وشارك في بينالي ثيسالونيكي باليونان، وبينالي داكار بالسنغال وبينالي كيب تاون بجنوب أفريقيا، وبينالي الإسكندرية.