واجه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تحديات كثيرة في تعييناته خلال ولايته الأولى، وقد اصطدم مع شخصيات جمهورية رصينة انضمت إلى إدارته واضطر لتغيير عدة مناصب، بما في ذلك في وزارتي الخارجية والدفاع، ووصلت الخلافات إلى نائب الرئيس مايك بنس الذي تحول بعد أحداث 6 يناير 2020 إلى أحد منتقدي ترامب.

ومع عودته المثيرة للإعجاب إلى الحكم، وحصر الجمهوريين الأغلبية في غرفتي الكونغرس، كذلك وجود أغلبية محافظة في المحكمة العليا بسبب تعيينات ترامب، بدأت التكهنات حول الأسماء المطروحة لتكون ضمن إدارته الجديدة، لدى تسلمه السلطة رسمياً في يناير المقبل وكيف سيكون شكل الإدارة الجديدة.

Ad

وكان الحزب الجمهوري وضع نفسه نسبياً على مسافة من ترامب بعد أحداث 6 يناير، ما أغضب ترامب الذي بقي يحتفظ بتيار قوي لكن هامشي داخل الحزب، لكن مع اقتراب موعد الانتخابات، وإظهار ترامب نيته الترشح، عادت المياه إلى مجاريها بين الرئيس المنتخب وشخصيات نافذة ورئيسية في الحزب مثل السيناتور ليندسي غراهام وغيره.

وسيكون على ترامب الموازنة في التعيينات بين الشخصيات المحسوبة على المؤسسة الجمهورية وبين طبقة جديدة متضخمة من المؤيدين الأوفياء له، الذين دعموه عندما كان في عزلة نسبية.

وقال موقع «أكسيوس»، إن الرئيس المنتخب يريد أن يضع وجوهاً مألوفة في فريقه للأمن القومي بعد أن تعرض للحرق خلال فترة ولايته الأولى. ونقل عن مصادر إن ترامب لا يريد جنرالات سابقين في فريقه للأمن القومي ويفضل رجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين لكنه يفكر أيضاً في تشكيلة من الموالين في مناصب بارزة في العاصمة.

وكانت مدينة بالم بيتش بولاية فلوريدا ليلة الأربعاء ــ الخميس تعج بالأعضاء المحتملين لإدارة ترامب الثانية، الذين يتنافسون على وضع أنفسهم في منصب، وكان العديد من المرشحين في حفلات النصر التي أقامها ليلة الثلاثاء ـ الأربعاء وأرجأوا رحلاتهم أو عدلوا جداول سفرهم للبقاء في المنطقة.

وذكرت حملة الرئيس المنتخب، أمس الأول، أن ترامب سيبدأ اختيار أفراد للعمل في إدارته الجديدة «خلال الأيام المقبلة». ونشرت تقارير إعلامية مختلفة عدداً من الأسماء المرشحة لوزارات مهمة في الإدارة، مثل الخارجية والدفاع والخزانة، بجانب مناصب محتملة لم يتم تحديدها بعد، لكل من الملياردير والداعم القوي لترامب، إيلون ماسك، والمرشح الرئاسي السابق روبرت إف. كينيدي الابن.

وكان ترامب أكد أنه ينوي تكليف ماسك، الذي أنفق أكثر من 110 ملايين دولار من ثروته على حملة الحزب الجمهوري، بإجراء «عملية تدقيق شاملة» في الإدارة الأميركية بغية إصلاحها جذرياً. وهي مهمة قبلها أثرى أثرياء العالم. وتحول ماسك في السنتين الأخيرتين إلى ناشط محافظ يميني متشدد مناهض لوسائل الإعلام ومروج لنظريات المؤامرة.

كما تعهد الرئيس المنتخب في خضم الحملات الانتخابية، بأنه سيختار كينيدي، صاحب النظريات الطبية المثيرة للجدل والمناهض للتطعيم والمشكك بجدوى اللقاحات، لمنصب قيادي له علاقة بالصحة، معتبراً أنه «سيعيد أميركا إلى عافيتها».

وقال كينيدي لأنصاره قبل أيام، إن ترامب وعد بمنحه «السيطرة» على العديد من وكالات الصحة العامة، مثل وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، مؤكداً، أن إدارة ترامب ستعمل لإزالة الفلورايد من جميع أنظمة المياه في الولايات المتحدة.

وأشار تقرير لوكالة «رويترز» إلى أن سكوت بينست، المستشار الاقتصادي الرئيسي لترامب، يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره المرشح الأبرز لتولي وزارة الخزانة. بيسنت مستثمر قديم في صناديق التحوط، وقضى سنوات في التدريس بجامعة ييل العريقة، ويمتلك علاقة قوية بالرئيس المنتخب.

ثاني الأسماء المطروحة هو أحد المانحين الرئيسيين لترامب، جون بولسون، الذي ذكرت رويترز أنه أبلغ عدداً من رجال الاقتصاد أنه سيكون «مهتماً» بالمنصب في حال طُرح عليه.

ومن بين الأسماء أيضاً، يأتي لاري كودلو، أحد إعلاميي شبكة «فوكس نيوز» البارزين، الذي عمل مديراً للمجلس الاقتصادي الوطني خلال أغلب فترة رئاسة ترامب السابقة. ومن المرجح أن يشغل منصباً اقتصادياً بارزاً، وهناك احتمال ضئيل أن يتولى منصب وزير الخزانة.

وهناك كل من روبرت لايتهايزر، الذي عمل مع ترامب خلال رئاسته الأولى في عدة مناصب، بجانب هاورد لوتنيك أحد الداعمين المتحمسين لترامب من نيويورك، ويدعم سياساته الاقتصادية، خصوصاً فيما يتعلق بالرسوم الجمركية.

وزارة الخارجية

وبالنسبة للخارجية، هناك 3 أسماء بارزة تحدثت عنها «رويترز»، على رأسهم روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي خلال الولاية الأولى لترامب، الذي يتمتع بعلاقة وثيقة بالرئيس المنتخب، ويتناقش الثنائي بشكل متواصل بشأن قضايا الأمن القومي. الاسم الثاني هو بيل هاغرتي، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تينيسي، الذي ساعد ترامب خلال حملته الانتخابية عام 2016، ويمتلك علاقات قوية بالحزب الجمهوري، مما يجعل من السهل تمرير إجراءات اختياره للوزارة عبر مجلس الشيوخ. أما الاسم الأخير فهو عضو مجلس الشيوخ من فلوريدا، ماركو روبيو، الذي كان مرشحاً للرئاسة عام 2016 ضمن الانتخابات التمهيدية للجمهوريين. تتوافق سياساته بشكل كبير مع ترامب، وكان مثل هاغرتي مرشحاً محتملاً لمنصب نائب الرئيس.

وزارة الدفاع

وظهر اسم وزير الخارجية الأسبق، خلال ولاية ترامب الأولى، مايك بومبيو لوزارة الدفاع. وكان الأخير قد تولى أيضاً منصب مدير وكالة الاستخبارات إبان حكم ترامب. وربما يكون بومبيو مرشحاً لمناصب أخرى تتعلق بالأمن القومي أو الاستخبارات أو الدبلوماسية. أيضاً هناك مايك والتز، ضابط سابق وعضو بالكونغرس يمثل ولاية فلوريدا، اشتهر بأنه أحد أبرز النواب الذين «واجهوا الصين»، وفق الوكالة. ومن أبرز مشاريع القوانين المختلفة المتعلقة بالصين التي دعم تمريرها، تلك التي صممت لتقليل اعتماد الولايات المتحدة على المعادن الحيوية المستخرجة في الصين.

ثالث الأسماء هو توم كوتون، خريج كلية الحقوق بجامعة هارفارد والضابط في الجيش قبل التحول إلى العمل بالكونغرس، كعضو في مجلس الشيوخ عن ولاية أركنساس. يحظى كوتون بشعبية كبيرة بين مانحي ترامب، وهو مرشح جاد لمنصب وزير الدفاع، وكان من بين المرشحين بقوة لتولي منصب نائب الرئيس.

في سياق متصل، ذكر موقع «بانشبول»، نقلاً عن عدة مصادر لم يسمها، أن الرئيس المنتخب يدرس تعيين مدير المخابرات الوطنية السابق، جون راتكليف، لقيادة وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) في إدارته الثانية.

كما تطرق تقرير رويترز إلى أسماء مرشحة لمنصب الأمن القومي، مثل كاش باتيل الذي شغل مناصب رفيعة المستوى مختلفة، في مواقع الدفاع والاستخبارات خلال فترة ولاية ترامب الأولى.

وحسب وكالة «فرانس برس» تم تداول اسم ريتشارد غرينيل، السفير السابق للولايات المتحدة في ألمانيا والمدافع الشرس عن ترامب، لمنصب وزير الخارجية أو مستشار الأمن القومي.

وقد تتبوأ سوزي وايلز التي تولت تنظيم حملة ترامب الانتخابية منصب رئاسة مكتب الرئيس. وتشير تكهنات إلى إمكانية منح حاكم ولاية داكوتا الشمالية داغ بورغوم حقيبة الطاقة. وفيما يتعلق بوزارة الأمن الداخلي، هناك أسماء مثل توم هومان وتشاد وولف ومارك غرين.

ولم يتضح اذا كان ترامب سيعيد تعيين أفراداً في عائلته، بعد أن احتلت ابنته ايفانكا وزوجها جاريد كوشنير مساحة كبيرة في الولاية الأولى. أما كنّته لارا ترامب، التي ظهرت على الساحة في هذه الانتخابات على حساب إيفانكا، فهي تشارك في رئاسة الحزب الجمهوري.

ومسؤول سابق آخر من ولاية ترامب الأولى قد يحصل على منصب كبير في السياسة الخارجية والأمن القومي في الإدارة الجديدة هو براين هوك، الذي كان مبعوث ترامب إلى إيران، وسيقود فريق انتقال وزارة الخارجية للإدارة الجديدة. وقال مصدر إن هوك قد ينتهي به الأمر في منصب كبير في الوزارة.