منذ أن عرفت مجلس الأمة، وهو يُعدّ شماعة للتقاعس الحكومي، فهناك الكثير من أفراد الشعب كانوا- وللأسف ما زالوا- يحمّلون مجلس الأمة، وهو «الجهة الرقابية والتشريعية»، وزر أخطاء الحكومة، وهي «الجهة التنفيذية»، بل إن بعض أفراد الشعب يُقسِمون بالله أن تعطيل النهضة سببه مجلس الأمة، ولا أعلم إن كانت فوبيا من المجلس أم أن الإحباط بلغ مداه، مما جعلهم يتوهمون هذا التعطيل.
أما نواب مجلس الأمة، فهم بلا شك ليسوا ملائكة جاؤوا للإصلاح، فمنهم من جاء لمصلحته ومصلحة من حوله، ومنهم من تبنّى مطالب بعيدة عن الواقع، مما يعطّل التشريع الذي يُعدّ من اختصاص المجلس، ومع ذلك، هناك الكثير منهم يسعون للإصلاح قدر المستطاع، ولا تتوقف مقترحاتهم حتى إن تعطّلت، لأن في جعبتهم الكثير من القوانين التي تصبّ في مصلحة الشعب، ومع هذا فإن النائب يُحاسَب من قواعده الانتخابية، وأحياناً يُعاقب بحرمانه من الكرسي إلى الأبد وإنهاء تاريخه السياسي، بل إن المجلس بأعضائه جميعاً، إذا لم يأتِ بطموح الشعب ووقف أمام الحكومة الإصلاحية وعرقل مساعيها، فسنجد الشعب كله يتصدى لهذا المجلس ونوابه.
لذلك، فإن التصوّر الشائع بأن المجلس ونوابه هم السبب في تعطيل التنمية هو مجرد وسواس، لأن بعض الوزراء يعزفون عن اتخاذ خطوات جريئة خوفًا من الاستجوابات، وهو ما يشير إلى ضعف الحكومة لا إلى خلل في المجلس، ففي حال كانت الحكومة ذات نوايا إصلاحية جادة، فإن الشعب سيدعمها حتى لو واجهت تهديدات من بعض النواب، وسيقف نداً للمجلس وسنداً لهذا الوزير وسنداً للحكومة متى ما أحسّوا بصدق النوايا الإصلاحية من جهتهم، وهذه حقيقة يُدركها الجميع، فنواب المجلس خرجوا من رحم الشعب، والشعب نفسه قادر على وأدهم، وقد رأينا نواباً تراجعوا عن بعض المطالب بعد تذمر أغلبية الشعب الكويتي، كما رأينا نواباً وقفوا ضد زملائهم في استجوابات رأوا أنها تعرقل الانسجام والتوافق بين المجلس والحكومة على قوانين تصبّ في مصلحة الدولة والشعب.
نقطة مهمة:
متى ما تحطمت «شماعة الأخطاء»، فسيستشعر الجميع المسؤولية- حكومةً ومجلسًا وشعبًا- فالشعب هو مصدر السلطات ويمتلك القدرة على مراقبة أداء المجلس، الذي بدوره يراقب الحكومة، لتتحقق التنمية المنشودة.