الهولوكوست الفلسطيني

نشر في 08-11-2024
آخر تحديث 07-11-2024 | 19:57
 حبيب السنافي

يتساءل بعض العرب إن كان يحق للشعب الفلسطيني الذي يتعرض حالياً لإحدى أبشع جرائم الإبادة الجماعية عبر التاريخ بإقامة معرض ومتحف دائم للهولوكوست ضد أبنائه الفلسطينيين، والذي يذكرنا بـ«معصرة غضب الله» المذكورة بالتوراة، تلك المعصرة التي تباشرها إحدى أسوأ وأعتى الحضارات المادية بزعامة الولايات المتحدة وحلفائها من صهاينة أوروبا وإسرائيل، وإن كان التاريخ الإنساني سيطوي صفحة جديدة خاصة بهذا الشعب المكلوم كما طوى من قبل ذلك صفحات للإبادات الجماعية التي ارتكبها جزارو التاريخ وحراس الرأسمالية والعنصريون البيض وغيرهم، ضد السكان الأصليين في العديد من الدول والقارات كأميركا وأستراليا وبريطانيا ونيوزيلندا وجنوب إفريقيا، وأحدث نماذجها مجازر غزة وجنوب لبنان.

الهولوكوست الإسرائيلي بحق الفلسطينيين نسخة مجددة ومطورة عسكرياً وتقنياً لسيناريو الهولوكوست الأميركي بحق الهنود الحمر السكان الأصليين بالقارة– أبيد منهم 112 مليون إنسان– ومن كان محظوظاً بالبقاء حوصر في منعزلات أو معسكرات إبادة تشبه ما يسمى اليوم مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، والتي سيتم إخلاؤها يوماً ما بحسب العقيدة الصهيونية المسيحية.

تقول «وينونا لادوك» المرشحة لمنصب نائب رئيس الجمهورية عام 1996م: ليس الهولوكوست الأميركي تاريخاً مضى وانقضى، إنه واقع يعيشه العالم، وإنه خطر يهدد مستقبل الإنسانية بمصير الهنود الحمر.

الرؤى والنبوءات التوراتية هي قواعد وسنن موجهة للصهيونية المسيحية، وبموجباتها تحدد السيناريوهات الدامية لمشاريع الصهيونية الأميركية والأوروبية والإسرائيلية المشتركة، فتلك الدول توائم سيامية برأس واحد «أيديولوجيا دينية عرقية عنصرية»، ولن تهدأ أو تهنأ إلا بهدم المسجد الأقصى وإعادة إحياء بناء هيكل سليمان ليُوْذن بعودة المسيح وبداية العصر الألفي السعيد (الميلينيوم).

فضائح جرائم الإبادة الجماعية من المحال التسامح معها تاريخياً، والتاريخ لن يغفر «لِونستون تشرشل» تحقيره ضحاياها عندما صرح بأن ما حصل للشعوب الهندية الحمراء في أميركا (400 شعب) وللشعب الأسود في أستراليا لا يعتبر خطأ فاحشاً!!

وقبل أسبوع، كما ورد في جريدة «الجريدة»، هاجمت عضوة مجلس الشيوخ الأسترالي «ليديا ثورب» وهي من السكان الأصليين الملك تشارلز الثالث ملك المملكة المتحدة أثناء حفل استقبال الملك بأستراليا، وصرخت به قائلة: لقد ارتكبتم إبادة جماعية ضد شعبنا، أعطونا ماسرقتموه منا، عظامنا، جماجمنا، أطفالنا وشعبنا، لقد دمرتم أرضنا.

وللتذكير فإن الحرب العالمية الثانية لم تكن سوى اختلاف بين شركاء مستعمِرين، الألمان يرغبون بالتوسع تحت مسمى «المجال الحيوي» في حين الأميركيون مارسوا دورهم الإبادي والاستيطاني تحت مسمى «القدر المتجلي»، إذاً اختلاف في المسميات ووحدة في مضمون الفكر الدارويني العلماني.

back to top