رغم التفاؤل الأولي، واجهت حملة كامالا هاريس هزيمة حاسمة، حيث أعطى الناخبون الأولوية لقضايا مثل التضخم والهجرة على حساب شخصية دونالد ترامب. ورغم أن آخر ظهور انتخابي لها في فيلادلفيا كان يرمز إلى صعودها، فإن نتائج الانتخابات كشفت فجوة كبيرة بينها وبين الناخبين. ركزت حملة هاريس على تسليط الضوء على شخصية ترامب، لكنها فشلت في جذب اهتمام الناخبين الذين حمّلوا إدارة جو بايدن مسؤولية المشكلات الاقتصادية في البلاد وقضايا الحدود. وعدم قدرة هاريس على الابتعاد عن الرئيس بايدن وتقديم حلول واضحة كانت من الأسباب الأساسية لخسارتها.

كما واجه الحزب الديموقراطي عقبات بسبب عدم الانتقال السلس من بايدن إلى جيل جديد، وهو وعد كان قد تعهد به لكنه لم يلتزم به. ودخول هاريس المفاجئ إلى السباق الرئاسي ترك حملتها غير مستعدة لمواجهة خصم قوي مثل ترامب، الذي كان يتمتع بتأييد واسع بين الناخبين. كما أدت الخلافات الداخلية بين مستشاريها إلى تعقيد رسائل حملتها، خصوصا فيما يتعلق بكيفية تصوير ترامب. محاولات هاريس للتعامل مع المخاوف الاقتصادية باءت بالفشل، حيث لم تتمكن من طرح حلول واضحة تُرضي الأسر المتعثرة، في حين قدم ترامب خططًا ملموسة لعودته.

Ad

جهود هاريس للوصول إلى الناخبين من السود واللاتينيين والطبقة العاملة في الولايات المتأرجحة جاءت متأخرة جدا. علاوة على ذلك، تسببت حملة هاريس بتقاربها مع سياسات تقدمية مثل «إلغاء تمويل الشرطة» وتحرير سياسات الحدود في نفور بعض الناخبين المعتدلين. وشهدت التحولات الديموغرافية دعمًا أكبر من بعض الناخبين السود واللاتينيين وأصحاب الدخل المنخفض للجمهوريين.

زادت الأخطاء الداخلية في الحملة، مثل تأخير الإنفاق على الإعلانات والخلافات حول الرسائل، من صعوبة المنافسة. وفي النهاية، أقرت هاريس في خطاب تنازلها بضرورة التطلع إلى المستقبل، لكن الحزب الديموقراطي واجه أزمة وهو يحاول مواجهة تداعيات الهزيمة ودور بايدن في تحديد نتيجة الانتخابات.

وأشاد بايدن أمس الاول بنائبته عقب خسارتها. وقال في بيان: «ستظل هاريس قائدة يتطلع إليها أبناؤنا لأجيال قادمة وهي تضع بصمتها على مستقبل أميركا»، مشيرا الى انها «كانت شريكا رائعا وموظفة عامة مفعمة بالنزاهة والشجاعة والشخصية».

وتابع: «في ظل ظروف استثنائية، تقدمت وقادت حملة تاريخية جسدت ما هو ممكن عندما تسترشد ببوصلة أخلاقية قوية ورؤية واضحة لأمة أكثر حرية وعدالة ومليئة بالمزيد من الفرص لجميع الأميركيين».

وكانت هاريس قد أقرت بالهزيمة في الانتخابات في خطاب ألقته في واشنطن.

ويهيمن القلق على كثيرين من مؤيدي الحزب الديموقراطي في أنحاء الولايات المتحدة بعد الهزيمة التي لحقت بهاريس وبالحزب في الكونغرس، ويخشى بعضهم من أن تكون الانتخابات أظهرت أن قيمهم، التي تميل لليسارية والليبرالية الاجتماعية، أصبحت الآن تمثل أقلية بين الأميركيين في حملة انتخابية مثيرة للانقسام. ويشعر آخرون بالإحباط إزاء قيادة الحزب الديموقراطي التي قالوا إنها لم تتواصل مع قطاع كبير من الناخبين الذين كانوا يريدون مساعدة في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.

وباستثناءات قليلة، أبدى الديموقراطيون قلقهم بشأن مستقبلهم وعائلاتهم وأصدقائهم بعد أن كشفت نتائج الانتخابات عن تحول واضح للناخبين نحو اليمين السياسي.

ووعد ترامب، الذي سيطرت لغة استقطابية على حملته الانتخابية، «بإصلاح الأخطاء» خلال خطاب ألقاه أمس الأول. وقال «لكل مواطن، سأقاتل من أجلك، من أجل عائلتك ومستقبلك، كل يوم سأقاتل من أجلك بكل نفس في جسدي». وبكل بساطة، لا يصدقه العديد من الديموقراطيين. وقالت جوان أرو (29 عاما)، التي دافعت عن هاريس في أريزونا، إنها بكت وتناقش مع زوجها ما إذا كان ينبغي عليهما المغادرة إلى كندا.

وأثار خطاب ترامب المناهض للهجرة قلق ألين ميزا، وهو اختصاصي اجتماعي (34 عاما) في سميرنا بولاية جورجيا، كان يخشى استهدافه بسبب لون بشرته كونه ابنا لأب أميركي من أصل إفريقي وأم مهاجرة من المكسيك.

وحتى شهر مارس جرى تسجيل نحو 45 مليون ناخب كمنتمين للحزب الديموقراطي مقارنة بنحو 35.7 مليون منتم للحزب الجمهوري و32.5 ناخب مستقل في دولة يقدر عدد سكانها بنحو 330 مليون نسمة. وظل الحزب الديموقراطي يفوز بالتصويت الشعبي في كل انتخابات رئاسية منذ عام 2008. لكن ترامب تقدم في التصويت الشعبي بنحو خمسة ملايين صوت. وكانت بعض أكبر مكاسبه في المدن الكبرى وضواحيها وهي المناطق التي كانت حاسمة لانتصارات الديموقراطيين فيما مضى.

وكانت هاريس، وهي أميركية من أصل آسيوي، ستصبح أول امرأة تتولى منصب رئيس الولايات المتحدة لو فازت. ورأى بعض الديموقراطيين أن هزيمتها تنطوي على تمييز على أساس الجنس أو العرق.