الوضع في الشرق الأوسط وصل لقمة الجنون كما يبدو، وقد نفاجأ بما لا نتوقع مع عودة السيد ترامب المظفرة لسدة قيادة العالم، ويخيل إلي وبعد استنفاد كافة المحاولات المنطقية أنه لا أحد يستطيع تفكيك وفهم الحالة التي نعاصرها إلا مصاب بمرض الجنون، ولا نعني هنا إلا آخرهم وأعظمهم وهو الرئيس العقيد الراحل معمر القذافي ملك ملوك إفريقيا، والذي لم يترك القضية الفلسطينية من دون أن يفيض عليها بواسع علمه وحكمته ونور بصيرته.
فمنذ حوالي ربع قرن أصدر الأخ العقيد كتابه الأبيض مقترحاً فيه ما أسماه بحل الدولة الواحدة «إسراطين» التي تجمع الفلسطينيين والإسرائيليين مع منح الجميع حق المواطنة الكاملة ومساواتهم بالحقوق والواجبات السياسية، وبعيداً عن تسريحة شعر الأخ العقيد فإن الفكرة قد تبدو أكثر قابلية للتسويق والتنفيذ من فكرة الدولتين التي لا تكفيها مساحة الأرض أصلاً، كما يمكن مقارنة وضع الفلسطينيين مع الأفارقة في جنوب إفريقيا مما سيزيد الضغط على الإسرائيليين في هذه الحالة.
القذافي أصدر كتابه ونسيه وانتقل لفكرة عظيمة أخرى، أما جمهورية إيران «الإسلامية» الشقيقة طبعاً، فقد استمرت لسنوات طويلة تحركها نواياها الطيبة لتتدخل في الدول العربية وتنشئ الأذرع وتضحي بالبشر وتصرف الملايين وتفجر هنا وتزرع الخلايا هناك في سبيل تحرير كامل التراب الفلسطيني كما هو معلن ويباع لدينا بالأسواق، لكن بعد أول ضربة إسرائيلية فقط لا غير، طرح وزير الخارجية الإيراني رؤية بلاده الجديدة والتي تتمثل في رفض مشروع الدولتين ودعم إقامة دولة واحدة يتعايش فيها جميع السكان الأصليين، مسلمين ومسيحيين، جنباً إلى جنب مع اليهود، ولتذهب الشعارات والشهداء والأموال وفيلق القدس إلى الجحيم، ليجعلنا بعد كل ذلك نتساءل بحق: هل ظلمنا القذافي؟! ومن المجنون بالضبط؟!