في تغريدة استبيانية من الزميل د. حامد الحمود، يسأل عمّا إذا كنّا نفضل التضحية بالحريات السياسية في الكويت مقابل أن نختار الطريق الذي تبنّته دول الخليج من انفتاح اقتصادي تمثّل في السياحة والاستثمار الأجنبي، حين تبنت تلك الدول نهجاً ينظر إلى المستقبل ويحاول - بقدر الإمكان - أن يجد مصدراً رديفاً للدخل القومي فيما لو انتهى عصر الثروة النفطية، وهذا ليس ببعيد.

أفهم من استبيان الزميل حامد أن محل التساؤل هو المفاضلة بين الحريات السياسية والحريات الشخصية، ففي دول الخليج هامش الحريات الشخصية أوسع من الكويت بكثير، بينما الحريات السياسية الوضع مختلف. ويمكن أن نحوّر ذلك الاستفهام حسب القاعدة الشرعية والمنطقية في اختيار أهون الشرّين أو أخف الضررين!

Ad

الاختيار هنا غير ممكن، فنحن لا نملك الحريات السياسية بالصورة الجدية التي يمكن - حسب استبيان الزميل حامد - التضحية بها، فكل ما لدينا هو حرية سياسية نسبية، والديموقراطية التي نتشدق بها هي ديكورية شكلية في الجزء الأكبر منها، ولو افترضنا أن هناك ديموقراطية أوسع من هذه، كأن تكون نظاماً برلمانياً متكاملاً بأحزاب وبرامج وحكومات تشكّل من حزب الأغلبية أو بتوليفة بينها، فكيف سننتهي عندها؟!

تخيلوا - على سبيل المثال - شكل الأحزاب وهويتها السياسية والتي يمكن أن تفوز، وكيف يمكن أن تفهم هذه الحرية بمعناها الواسع، هل يمكن عندها مثلاً: رد قانون إعدام المسيء، كما فعل الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد؟

تخيلوا القوانين التي ستصدر من أحزاب الأغلبية، وهي حتماً ستكون بصورة دينية محافظة موغلة في تشدّدها، لا تقيم وزناً للآخر وتعدمه من الوجود، وبهذه الصورة، فهي ديموقراطية صناديق اقتراع فقط، فلا ديموقراطية حقيقية ما لم تتبَنَّ الحد الأدنى من مفاهيم الليبرالية والاعتراف بالآخر المختلف، فالحرية لا تتجزأ، هي ديموقراطية عدوة لنفسها، هي حكم استبدادي من أغلبية لا شأن لها بمفاهيم الحريات وحقوق الإنسان، وبعيدة كل البعد في واقع الدولة الريعية عن وضع تصوّر اقتصادي سياسي تنموي للغد.

نحن بهذا القدر الضئيل من الشكل الديموقراطي، لم نسلم من مشروعات الأكثرية (المعارضة بالأمس) من النواب في هذا المجتمع العشائري، الذي لم يتحول حقيقة إلى مجتمع ينطوي لبداية الدولة/ الأمة، بسبب غياب الرؤية أساساً من السلطة السياسية.

نوابنا بالأمس واليوم - إذا تجاوزنا المجلس الأول حتى منتصف الستينيات من القرن الماضي - يقدمون لنا صورة كاريكاتورية للتمثيل النيابي؛ سواء تمثّل اليوم بالمشروعات الهزيلة من نواب المعارضة المحافظة التي ستفلس حتماً ميزانية الدولة، بعد أن أفلسنا بدورنا من القدر اليسير المتبقي من الحريات الشخصية وحقوق الإنسان، فماذا نختار؟!

دعونا نلتهي بالـ «ونتر لاند» وكيف نتجسس ونلاحق خلق الله في سلوكهم وأسلوب حياتهم كما يريد نواب الكرب وحكومة «مع الخيل يا شقرا».