• حدثينا عن الهدف من زيارتك الكويت.
- هذه أول زيارة لي إلى الكويت، وكنت محظوظة جداً لأنني تمكنت من مقابلة العديد من المسؤولين في وزارتي الداخلية والعدل، والهيئة العامة للقوى العاملة، وعدد من ممثلي الهيئات الحكومية وجمعيات النفع العام، بما في ذلك الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، ثم التقيت أيضاً ممثلي بعض المنظمات الدولية مثل المنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة العمل الدولية، وأتيحت لي الفرصة للحصول على صورة جيدة وكاملة عن جهود الكويت في مكافحة الاتجار بالأشخاص.
• كيف تقيّمين جهود الكويت في مكافحة الاتجار بالبشر ومدى التزامها بالقوانين والتشريعات؟
- لقد وجدت أن التشريعات الكويتية جيدة جداً، فهي تجرّم فعلياً كلا من الاتجار بالبشر والعمل القسري، وقد قيّم مكتبي العقوبة بأنها تتضمن السجن فترات طويلة، وهو أمر جيد.
وأعتقد أن الكويت تنفّذ تشريعاتها بالكامل، وقد شهدنا تقدماً جيداً في هذا الملف، فعلى سبيل المثال، لاحظنا في العام الماضي أنه كانت هناك محاكمة وإدانة واحدة فقط، شملت 5 متهمين، وهذا أمر جيد، وهو أفضل من لا شيء. ولكن أعتقد أن الكويت يمكنها العمل أكثر في هذا الجانب، وربما محاولة السعي إلى إجراء المزيد من التحقيقات والملاحقات القضائية والإدانات، لأنني أعتقد أن مساءلة المتاجرين بالأشخاص أمر مهم.
• وماذا عن التزام الكويت في مجال مكافحة الاتجار بالبشر؟
- لقد ذكرنا هذا في تقرير أصدرته وزارة الخارجية الاميركية حول الاتجار بالبشر في يونيو 2024، أن الكويت لديها خطة عمل وطنية، وهو أمر جيد. واعترفنا بأنهم وفّروا مركز إيواء وخدمات لعدد غير قليل من ضحايا الاتجار بالبشر من الإناث. لكن إحدى توصياتنا الرئيسية كانت توفير مركز إيواء وخدمات للذكور من ضحايا هذه الظاهرة، وأحد الأشياء التي أتيحت لي الفرصة لرؤيتها خلال زيارتي هذه المرة هو أننا قمنا بجولة في مركز الإيواء الذي سيتم افتتاحه قريباً لضحايا الاتجار بالبشر من الذكور تحديداً.
ودعوني هنا أشيد بهذا المركز الرائع الذي يحوي غرفة كبيرة توفر الاستجمام وممارسة الرياضة في الأماكن المغلقة، وأعتقد أن أكثر ما أعجبني فيه هو أن هناك مساحة مخصصة للمنظمات غير الحكومية للتواجد في المركز، وأعتقد أن وجود منظمات غير حكومية ومنظمات المجتمع المدني في مركز إيواء تديره الحكومة هو حقاً أفضل الممارسات، لذلك كنت متحمسة لرؤية الغرف المخصصة لتلك المنظمات غير الحكومية.جهود تستحق الثناء
* كيف تقيّمين الجهود التي يبذلها رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف وإصراره على دفع أجور العمال في الوقت المحدد إضافة إلى جميع جهوده التي بذلها ويبذلها؟
- أعتقد أن الدفع الفوري للأجور في الوقت المحدد ودفع الأجور التي تم الاتفاق عليها تعاقدياً أمر مهم جداً، ونحن نعلم بالتأكيد أن عدم دفع الأجور أو التأخر في دفعها هو استغلال للعمالة، ويمكن أن يكون عامل خطر للعمل القسري، لذلك أعتقد أن قرار وزير الداخلية الذي يقضي باتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد الشركات التي لا تلتزم بدفع أجور العمالة وتركيزه على ضمان حصول العمال على أجورهم العادلة في الوقت المناسب أمر يستحق الثناء والتقدير حقاً. وأنا أعلم أن مركز الإيواء يخضع لإشراف وزارة الداخلية، لذلك أعتقد أن افتتاحه للرجال أمر يستحق الثناء حقاً، وهو تحت رعاية الشيخ فهد اليوسف، كما أتيحت لي الفرصة للقاء بعض ممثلي «الداخلية» التي تقوم بإنفاذ القانون، وأعتقد أنه من المهم التأكد وتحرّي الدقة في حالات الاتجار بالبشر. وأعتقد أنه يتم تحديد المزيد من الحالات هذا العام، وهذا أمر يستحق الثناء أيضا، ولا شك أن وزير الداخلية يبذل جهوداً حثيثة في هذا الجانب.
• ما تقييمك لفكرة تدشين الخدمات الإلكترونية مثل تطبيق «سهل»؟
- نعتقد أن أي جهود تسهّل على العمال الذين قد يتعرضون للعمل القسري أو الإساءة للوصول إلى الخدمات وتلقيها أمر يستحق الثناء، وأي فرصة ممكنة للتأكد من توفر المساعدة التي يمكن للعمالة الوصول إليها لطلب المساعدة، وأعتقد أن النظام الإلكتروني قد يكون مفيدا بشكل خاص لعاملات المنازل اللاتي قد لا يتمكن من الوصول الفعلي إلى مراكز الإيواء والخدمات.
وأعتقد أنه من المهم أن يكون التطبيق أو المنصة متاحين لغوياً، وحالياً المنصة متاحة باللغتين الإنكليزية والعربية، لكنني أعتقد أن العديد من الأشخاص الذين قد يحتاجون إلى هذه الخدمة أو يستخدمون هذه الخدمة قد يتحدثون لغات أخرى، لذلك أعتقد أن الحكومة قد تفكر في تقديمها بلغات أخرى.
• هل تعتقدين أن وجود العمالة في الخليج بشكل عام يشكل بيئة خصبة للاتجار بالبشر؟
- أعتقد أن العمل القسري يمثل مشكلة في مختلف أنحاء العالم، ومن المؤكد أن هذا يشكل مصدر قلق هنا في الخليج وفي الكويت، ولكن في واقع الأمر فإن العمل القسري يمثل مشكلة في كل مكان. وفي واقع الأمر، أشارت منظمة العمل الدولية إلى أن العمل القسري يتزايد بالفعل، بل لقد شهدنا أشكالاً جديدة منه، وأعتقد أنه من المهم لنا جميعاً أن نراقب وكالات ومكاتب التوظيف للتأكد من أنها توفر للعمال المعلومات الصحيحة، وعدم حصول هذه العمالة على عروض احتيالية، لذا أعتقد أن هناك الكثير مما يتعين علينا جميعاً القيام به في قضية العمل القسري.
إلغاء نظام الكفيل
• هل يوجد أي تنسيق بين بلادكم ودول الخليج أو مع السلطات الكويتية فيما يتعلق بإلغاء نظام الكفيل؟
- كما وثقنا في تقريرنا عن الاتجار بالأشخاص على مدى سنوات، فإن بعض جوانب نظام الكفيل، الذي تتبعه بعض الدول للعمال يمكن أن يزيد من تعرض العمال للاتجار بالبشر، لأنه يحد من قدرتهم على ترك ذلك العمل، إذا لم يكن مناسباً جداً، أو إذا كان مسيئاً، أو إذا كان استغلالياً، وبالتالي يمكن أن يحد حقاً من قدرتهم على المغادرة.
لذلك لدينا بالتأكيد مخاوف موثقة منذ فترة طويلة بشأن نظام الكفيل. وحتى خلال مناقشاتي هنا في الكويت، أشرت إلى ذلك واقترحت أن تنظر الكويت في إجراء تعديلات بديلة لهذا النظام، وفي الواقع سمعنا من جمعيات النفع العام هنا أن هناك اهتماماً بالنظر في طرق بديلة لإصدار التأشيرات والتوظيف.
إجراءات الحماية
• كيف تقيمين إجراءات الحماية التي تتخذها الكويت عند استقدام العمالة المنزلية؟
- نحن نعلم أن شركات ومكاتب التوظيف قد تكون في دولة يتم البحث فيها عن عمالة لجلبهم واستقدامهم إلى الكويت، وقد لا تتمكن الكويت من التحكم في شركات التوظيف في الفلبين أو الهند، ونعتقد أن الفلبين بحاجة إلى القيام بعمل جيد للتأكد من أن شركات التوظيف لديها صادقة، وأن الهند بحاجة إلى القيام بعمل مماثل، لكنني أعتقد أن الكويت يمكنها زيادة رقابتها وإدارتها لوكالات التوظيف هنا على أراضيها.
• ما ردّك على الانتقادات والدعوات التي وجهتها دول أخرى إلى الولايات المتحدة للتوقف عن تسييس حقوق الإنسان كجزء من التدخل في شؤونهم؟
- من السهل الإجابة عن هذا السؤال، لأن مكتبي مطالب بموجب القانون بإجراء هذا التقييم في كل بلد، فنحن لا ننتقي بلداً واحداً أو منطقة واحدة، بل يقوم مكتبي بتقييم الجهود الحكومية في 188 دولة بعناية، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وعندما أقرت الولايات المتحدة قانون الاتجار بالأشخاص عام 2000، كانت سباقة نوعا ما، وأرادت أن يكون هذا القانون بمنزلة دعوة عالمية للعمل، لذلك نحن نقيّم جهود كل حكومة منذ ذلك الحين، ونحن على وشك الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين، وكما قلت نحن نقوم بتقييم جهود 188 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، وأعتقد أن سرد الولايات المتحدة وتوصياتنا وتقييمنا هو الأطول في التقارير.• ما تقييمك للتقرير الذي أصدرته الولايات المتحدة بشأن حقوق الإنسان هذا العام بالنسبة للكويت مقارنة بالسنوات الأخرى؟
- أصدرنا تقريرنا في يونيو 2024 وغطى ذلك التقرير العام التقويمي السابق. لقد قيّمنا بأن الكويت زادت من جهودها ولكن هذا سمح لها بالبقاء على نفس المستوى الذي كانت عليه، فلم يرتفع تصنيفها ولم ينخفض، بل حافظت على ذات المستوى الذي كانت عليه في العام الماضي. ومن المثير للاهتمام أن الحكومات يجب أن تظهر جهوداً متزايدة لمجرد البقاء في مكانها، لأننا نريد للحكومات أن تفعل المزيد باستمرار وأن تفعل ما هو أفضل، لذلك من أجل الحفاظ على ذات التصنيف يجب على الحكومات أن تبذل جهوداً متزايدة.
• ما أكثر أنواع الاتجار بالبشر التي وجدتها هنا في الكويت وفي المنطقة؟
- نشهد زيادة في العمل القسري ليس فقط في الكويت، ولكن على مستوى العالم، وأعتقد أن هذا كان بالتأكيد تقييماً مكتبياً، نحن نحاول حقاً تتبع الاتجاهات وأفضل الممارسات، وقد شهدنا زيادة في العمل القسري. كما أن بعض المنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية أفادت أيضاً بالشيء نفسه، لذلك أعتقد أننا نشهد زيادة في العمل القسري بشكل أساسي. ولكنني متفائلة حقاً بأن هذه الزيارة وزياراتي إلى أربع دول أخرى، تهدف حقاً إلى زيادة الجهود لأن هذا أمر نكافح جميعاً من أجله ونحاول حقاً زيادة التعاون والتنسيق في هذا الشأن.
منع الجريمة... وحماية الضحايا
رداً على سؤال عن المطلوب من دول مجلس التعاون الخليجي عموماً والكويت خصوصاً للحد أو لتجنب الاتجار بالبشر؟ قالت السفيرة داير: يجب علينا أن نعود إلى التزاماتنا الدولية وتعهداتنا الدولية، فالكويت وجميع الدول الخليجية، كذلك الأمم المتحدة والولايات المتحدة، أطراف في بروتوكول باليرمو «بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخصوصاً النساء والأطفال وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو». وأضافت أنه لا يوجد حل سحري لمشكلة الاتجار بالبشر لسوء الحظ، «وأعتقد أن الحل أولاً، يكمن في المعايير الدولية التي تركّزعلى محاولة منع الجريمة والتي قد تتضمن تعديلات محتملة على نظام الكفالة، وثانياً أعتقد أيضاً أنه يجب علينا زيادة الوعي، وزيادة إشرافنا على وكالات ومكاتب التوظيف. لكن هذا وحده لا يكفي، نحن بحاجة إلى حماية الضحايا، وبالتالي فتح مراكز ايواء وتقديم خدمات للضحايا الذكور إلى جانب مركز ايواء النساء، ثم ثالثًا، نحن بحاجة إلى رؤية الملاحقة القضائية والمساءلة».
وتابعت أنه «لا ينبغي أن يقتصر الأمر على تحقيق العدالة للعمال الذين كانوا ضحايا للاتجار، بل يجب أن يشمل ذلك مساءلة الجناة، حيث سيستمر هؤلاء في استغلال الآخرين، وبالتالي لن نتمكن أبداً من تجاوز الجريمة ما لم يتم تطبيق المساءلة، وأعتقد أن البلدان بحاجة إلى القيام بكل هذه العناصر الثلاثة، ومن المفروض أن نضع كل مواردنا وجهودنا في اتجاه واحد فقط، وأعتقد حقاً أن اتباع نهج متوازن بين العناصر الثلاثة أمر بالغ الأهمية، ولكنني سأذكر أيضاً العنصر الرابع غير المعلن، والذي رأيته هنا في الكويت، وهو الشراكة».
وأوضحت أن أحد الأمثلة على ذلك هي الشراكة بين المنظمات غير الحكومية والحكومة، والرغبة في إجراء حوار ومناقشات صعبة بين المجتمع المدني والحكومة، إضافة إلى أن الشراكة مع مجتمع الأعمال مهمة أيضاً، لذلك، عندما ننشر جهودنا عبر كل هذه العناصر، سنكون ناجحين.