تطرّق مجلس الأمة، أكثر من مرة، إلى موضوع التجسس على الهواتف، ففي التسعينيات تناول النائب سامي المنيس، (يرحمه الله)، خطورة هذا التجسس، وكان الخوف أيامها من تجسس أجهزة المباحث على المواطنين، فتم الإصرار على وجوب موافقة النيابة العامة، وبناءً على تحريات جادة بوجود جريمة لكي تسمح النيابة بالتنصّت على أي هاتف.
لكنّ الأمر لم يعد الآن محصوراً بالحكومة وأجهزتها، بسبب دخول أجهزة الاتصالات الذكية وشيوعها بين الناس، فأصبح التنصت والتسجيل متاحين، كما بينت إحدى الأخوات المتخصصات في هذا المجال.
في حكومة 2001، وبناءً على توجيه الشيخ صباح الأحمد، (يرحمه الله)، تم تقديم مشروع قانون بعنوان «إساءة استخدام أجهزة الاتصالات الهاتفية»، الذي صوّت عليه مجلس الأمة فيما بعد برقم 9 لسنة 2001، ثم تم تعديله لمزيد من التفصيلات بالقانون 40 لسنة 2007.
ورغم اهتمام الحكومة ومجلس الأمة بهذا الأمر الذي يخالف الشريعة الإسلامية وحريات المواطنين وخصوصياتهم، فإن حالات تنصّت وتسجيل وتجسس تطالعنا كل فترة ويتداولها الناس في الدواوين بين رافض ومرحّب وساخط ومستحسن، وآخرها التسجيل الذي قام به ونشره أحد المتهمين لمكالمة النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية.
ولا شك في أن ما قام به هذا الشخص مرفوض، حتى وإن صرّح الوزير بأن «كلامه واحد ما يتغير في السر والعلن»، مما أدى إلى هجوم بعض الأعضاء السابقين على ما ذكره الوزير عن أعضاء المجلس، وردّ عليهم آخرون بأن بعض الأعضاء السابقين كانوا أيضاً يستخدمون عبارات مسيئة، ولا شك في أن جميع هذه الأطراف أخطأت، وكل ذلك لم يكن ليحدث لو تم احترام الأحكام الشرعية والقانونية.
لذلك، على الحكومة أن تطبّق القوانين بحزم، وتعمل على ضبط أجهزة التنصت التي وصلت إلى أيدي بعض الجهات التي تتربص بالبلاد شراً، وهذا ممكن باستخدام الأجهزة الحديثة التي تستطيع معرفة مصدر التنصت، وأن تعمل على تطبيق القانون ومعاقبة كل مَنْ يسجل لغيره وينشر الكلام الخاص.
كما أن عليها أن تطلب حجب بعض الحسابات الوهمية والمواقع المسيئة التي تتجسس أو تخالف القانون أو تنشر الأكاذيب التي تقوّض استقرار الوضع الاجتماعي والسياسي، كما فعلت بعض الدول الأخرى، ولا يجوز الاحتجاج بأنها مواقع خارجية ولا يمكن منعها من دخول البلاد.
كما أن على المتخصصين، الذين ملأوا الفضاء الإعلامي بالندوات عن المهارات الرقمية وتكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، أن يسهموا بجهودهم في الشرح والتعاون، بل والضغط على الحكومة لمعرفة كيفية اكتشاف مصادر التجسس والحسابات العدوانية وحماية البلاد من أخطارها.