الوسمي لـ «الجريدة•»: «العقوبات البديلة» يمتد إلى جرائم الجنح والجنايات
مشروع القانون بعهدة «الفتوى» لإقراره قريباً على طريق تحويل العقاب إلى إصلاح
• تخمة في السجون جراء حبس المدانين بجرائم بسيطة مع عتاة المجرمين
• القانون ذو الـ 58 مادة بات في عهدة «الفتوى والتشريع» تمهيداً لإقراره قريباً
كشف وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، د. محمد الوسمي، أن قانون «العقوبات البديلة» سيتم تطبيقه في جميع الجرائم الخاصة بقضايا الجنح والجنايات مع وجود بعض الاستثناءات التي لا ينطبق عليها هذا القانون، الذي يهدف للتحول من السياسة العقابية إلى الجزائية الإصلاحية، بهدف العمل على إصلاح المتهم وإعادة تأهيله ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع، مشيراً إلى أن المشروع تم إرساله إلى الإدارة العامة للفتوى والتشريع، بعد استطلاع آراء الجهات ذات الصلة، تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء، وإقراره قريباً.
وقال الوسمي، لـ «الجريدة»، إن المذكرة الإيضاحية للمشروع أكدت أن السياسة التشريعية الجزائية الوطنية من أهم السياسات التشريعية في حماية المجتمع من خطر الجريمة من ناحية، والمجرم من ناحية أخرى، حيث دأبت التشريعات الجزائية المقارنة كالقانون «الفرنسي والإماراتي والقطري والبحريني»، على الانفتاح نحو آفاق جديدة ونظريات مستحدثة في التعامل مع جنوح الأفراد نحو ارتكاب الجريمة، ومن ضمن تلك التوجهات العالمية المستحدثة إعادة النظر في السياسة العقابية للمجرم والعمل على إصلاحه وتأهيله ليكون عضواً فاعلاً في المجتمع.
وأضاف الوسمي: «وأمام قدم قانون الجزاء الكويتي وقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، فإن السياسة التشريعية الجزائية لم تخضع لإعادة النظر نحو التحول من السياسة العقابية إلى السياسة الجزائية الإصلاحية، مما ترتب عليه كثرة صدور أحكام بالإدانة على المتهمين في الجرائم البسيطة إلى المتوسطة، مما ساهم في تخمة أعداد المدانين في المؤسسات العقابية وهو ما زج بالمحكوم عليهم بالجرائم البسيطة والمتوسطة في تخوم السجون مع عتاة المجرمين والضالعين في الدائرة الإجرامية، مما يعزز من تبادل الخبرات الإجرامية من ناحية، وزيادة الخطورة الإجرامية من ناحية أخرى للمحكوم عليهم بالجرائم البسيطة إلى المتوسطة، مشيراً إلى أن المشروع بقانون يعطي القاضي خياراً آخر بتطبيق العقوبة البديلة على المتهم بحسب نوع قضيته.
المشروع يهدف إلى التحول من السياسة العقابية إلى الإصلاحية
وتابع: يضاف إلى ذلك الكلفة الاقتصادية العالية على الدولة من كثرة أعداد المحكوم عليهم في المؤسسات العقابية، وضرورة توفير المتطلبات اللازمة من العناصر البشرية والخدمات الأمنية والمستلزمات الغذائية والدوائية والبنى التحتية.
وقال: وأمام تلك المبررات والمعطيات جاء المرسوم بقانون في شأن الإجراءات والعقوبات البديلة ليقدم سياسة تشريعية جزائية حديثة تواكب القوانين المقارنة من جهة، وتعزز من المفاهيم الإصلاحية للجانحين من جهة أخرى، سعيا نحو إعادة دمجهم في المجتمع وتعظيم الشعور في المسئولية المجتمعية.
وأوضح أن المرسوم بقانون جاء بفلسفة جزائية مستحدثة ترتكز على هدفين رئيسين، أولهما العمل على إصلاح المتهم أو المحكوم عليه في الجرائم البسيطة إلى المتوسطة من خلال إقصائه عن دائرة السجون والاختلاط بأصحاب السوابق الإجرامية وعتاة المجرمين وإبقائه في وسطه الاجتماعي الطبيعي، مع فرض التزامات وإجراءات عليه خلال مدد محددة، إما تصدر بقرار من خلال الإجراءات البديلة عن الدعوى الجزائية أو بحكم من المحكمة المختصة بنظر تلك الدعوى.
وأضاف الوسمي: أما ثانيهما فهو إعادة النظر في مفهوم الملاحقة الجزائية والتي كانت فيما مضى محصورة في نطاق حفظ التحقيق أو الإحالة إلى المحاكم المختصة، وهو ما أدى إلى تكدس القضايا أمام القضاء الوطني وبطء الفصل بها، وهو ما دعا المرسوم بقانون الماثل لاستهداف هذه المعضلة من خلال إقرار الإجراءات البديلة عن الدعوى الجزائية وإنهائها في أروقة جهة التحقيق بعد تصديق المحكمة المختصة.
وأردف: جاء هذا المرسوم بقانون في 3 أبواب منفصلة احتوت في مجملها على 58 مادة، حيث جاء الباب الأول في مادة واحدة تتضمن التعاريف ذات الصلة في القانون وعددها 10 تعاريف، كما احتوى على بابٍ خاص للإجراءات البديلة عن الدعوى الجزائية (الباب الثاني)، والذي استلهمه المرسوم فلسفته الجزائية من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي، مع المحافظة على الضوابط والمبادئ الدستورية الواردة في دستور دولة الكويت.
وتابع: «حيث إنه وفقاً لقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي، فإن المشرع قيّد خيارات التصرف بالتحقيق لجهة التحقيق بين اثنين لا غير، فإما حفظ التحقيق أو مباشرة الدعوى الجزائية عبر الإحالة إلى المحكمة المختصة، في حين أن المرسوم بقانون في شأن الإجراءات والعقوبات البديلة أوجد طائفة جديدة من خيارات التصرف بالتحقيق، وهي مباشرة الإجراءات البديلة عن الدعوى الجزائية، وهي مرحلة وسطى بين حفظ التحقيق والإحالة إلى المحكمة المختصة».
المراقبة الإلكترونية بديل الحبس الاحتياطي
خصص القانون الفصل السابع منه للمراقبة الإلكترونية واحتوى الفصل على فرعين، ووضعت المادة (33) من المرسوم بقانون مكنة إلزام المتهم أو المحكوم عليه بوضعه تحت المراقبة الإلكترونية سواء كإجراء بديل أو كإجراءات احتياطية إزاء المتهم على ألا تزيد مدة تنفيذ الالتزام عن السنة، كما ألزمت المادة أن يكون إجراء المراقبة الإلكترونية مقروناً بإجراء بديل آخر لأن المراقبة الإلكترونية ليست إجراء مقصوداً لذاته إنما يأتي للتأكد من تنفيذ المتهم أو المحكوم عليه الالتزامات الواقعة عليه كحظر الارتياد أو حظر الاقتراب أو الإقامة الجبرية، وأجازت المادة التحقيق الادعاء أو المحكمة بحسب الأحوال تقرير المراقبة الإلكترونية بديلاً عن الحبس الاحتياطي.
سلامة الصحيفة الجنائية
أشارت المادة (8) من القانون إلى الطبيعة القانونية للإجراءات البديلة باعتبارها لا تشكل سابقة جزائية ولا صورة من صور الإدانة الجزائية ولا تسجل في الصحيفة الجزائية للمتهم إنما لا تعدو أن تكون إجراءات قانونية إصلاحية لتقويم سلوك الجانح، كما أشارت إلى أن تمام تنفيذ الإجراءات البديلة من المتهم بشكل تام سبب من أسباب انقضاء الدعوى الجزائية.
تقارير دورية
ألزم القانون الجهات المعنية بتنفيذ الإجراءات البديلة على المتهم أن تتقدم بتقارير دورية لجهة التحقيق حول مدى امتثال المتهم للالتزامات الواقعة عليه، وعلى ضوء تلك التقارير تقرر جهة التحقيق باستبدال الإجراء البديل أو تحريك الدعوى الجزائية إذا جاءت تلك التقارير سلبية بشأن التزام المتهم بتنفيذ التزاماته وكان راجعاً لسوء نيته.
إمكانية السفر للخارج
أخذ القانون في الاعتبار الحالات التي يتصور حاجة المتهم للسفر للخارج كما في الظروف الطارئة أو العلاج أو غيرها بحيث يتطلب الأمر موافقة جهة التحقيق على الإذن بالسفر للمتهم، وفي حال رفضها الطلب المقدم يتوجب على جهة التحقيق تسبيب قرارها، كما أشارت المادة في حالة موافقة جهة التحقيق على الإذن بالسفر أن تحدد ميعاده وسببه وميعاد العودة مع إلزام الخاضع للإجراءات البديلة بإخطار جهة التحقيق في حال عودته، وقررت المادة ألا تكون مدة السفر من ضمن المدد المنفذة للإجراء البديل المقرر على المتهم.
ونص المشروع على «حظر الارتياد أو الاقتراب» من نطاق جغرافي محدد، كما نص كذلك على «حظر التعرض أو الاتصال أو التواصل». وحظر المشروع أن يكون تنفيذ الإجراء الوارد في حظر الاتصال من خلال وسائل التنصت أو التجسس على المكالمات أو الرسائل بكافة أشكالها سواء البريدية، أو البرقية، أو الهاتفية، أو الإلكترونية، أو غيرها إلا في حدود القانون وبإذن من النيابة العامة بصرف النظر عن جهة التحقيق المختصة في مباشرة تطبيق الإجراء البديل الوارد في هذا الفصل.