كشف مصدر في مكتب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لـ «الجريدة»، أنه بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، تغيّرت دينامية العلاقات بين واشنطن وطهران، وباتت إيران تتلقى رسائل تحذيرية شديدة من إدارة الرئيس الحالي جو بايدن التي تريد العمل على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان قبل تنصيب ترامب في 20 يناير المقبل، وكذلك من فريق الرئيس المنتخب ترامب الذي يتعهد بإعادة حملة الضغط القصوى على طهران في حال لم تتعاون معه في تطبيق خططه للمنطقة.
وأفاد المصدر بأن طهران تلقت الخميس الماضي رسالة أميركية من إدارة بايدن عبر السفارة السويسرية الراعية للمصالح الأميركية في إيران، تطلب فيها إلغاء الرد الإيراني على الهجوم الصاروخي الذي شنته إسرائيل على الجمهورية الإسلامية في 26 أكتوبر الماضي، لعدم التأثير سلباً على جهود الإدارة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بغزة ولبنان في غضون الأسبوعين المقبلين.
في المقابل، فُتحت قناة تواصل بين فريق الرئيس ترامب وطهران، عبر وسطاء لبنانيين، أبرزهم مسعد بولس (والد صهر ترامب)، الذي بدأ الترتيب للقاء قد يُعقَد الأسبوع المقبل في إسطنبول بين شخصية إيرانية مقربة من بزشكيان وإحدى الشخصيات البارزة في فريق الرئيس المنتخب.
وأشار المصدر إلى أن فريق ترامب أبلغ الإيرانيين كذلك أن الرد الإيراني المرتقب على تل أبيب لن يسهم إلا في عرقلة الجهود للتوصل إلى تفاهمات بين إدارة ترامب المقبلة وطهران، وأن الرئيس المنتخب لديه تصور للتوصل إلى سلام مع إيران وإنهاء العداوة بين البلدين، وسيقدم لطهران امتيازات مغرية جداً في حال اقتنعت بتغيير سياساتها، تتجاوز بأشواط الامتيازات الواردة في الاتفاق النووي الموقع في 2015، والذي انسحب منه ترامب خلال ولايته الأولى.
ولفت إلى أن طهران تلقت كذلك اتصالات من دول عربية وأخرى أوروبية تطالبها بوقف الرد العسكري وإعطاء فرصة للجهود الدبلوماسية، والاستفادة من الأجواء الجديدة التي نتجت عن فوز ترامب لوقف حربي غزة ولبنان.
وذكر المصدر انه حسب المعلومات كان مقرراً أن تنفذ طهران هجومها الانتقامي خلال الأسبوع الجاري مع انتهاء الانتخابات الأميركية، لكن بزشكيان، وبناء على كل هذه الضغوط، طلب من المرشد الأعلى علي خامنئي تأجيل الخطوة أسبوعين لإعطاء فرصة لإدارة لبايدن لتنفيذ وعودها، ولإبداء حسن النية تجاه فريق ترامب.
وبحسب المصدر، فإن خامنئي طلب عقد اجتماع عاجل للمجلس الأعلى للأمن القومي برئاسته، ليل الأحد ـ الاثنين، لبحث طلب بزشكيان وكيفية تعامل إيران مع المستجدات. ورغم ذلك نبّه خامنئي إلى أنه لا بُد من الرد لأن الإسرائيليين يريدون كسر توازن الردع، وإذا ما لم ترد طهران هذه المرة، فإن ذلك سيشجع تل أبيب على مهاجمتها مجدداً.
نفي وتحذير
إلى ذلك، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الاتهامات التي وجهتها وزارة العدل الأميركية لبلده بالضلوع في مخططات اغتيال في الولايات المتحدة استهدفت بصورة خاصة ترامب، قبل الانتخابات الرئاسية، وقال إنها «لا أساس لها إطلاقاً».
واعتبر بقائي أن «المزاعم التي تفيد بأن إيران ضالعة في محاولة اغتيال تستهدف مسؤولين أميركيين سابقين أو حاليين عارية تماماً عن الأساس».
وكانت وكالة أسوشييتد برس قد كشفت عن اتهامات جنائية، رُفعت في محكمة اتحادية في مانهاتن، تزعم أن مسؤولاً في «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ «الحرس الثوري» الإيراني، كلّف شخصاً في سبتمبر الماضي بوضع خطة لمراقبة وقتل ترامب الذي أمر خلال ولايته الأولى، 2017 ـ 2021، باغتيال قاسم سليماني.
في موازاة ذلك، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أنه إذا لم يتم كبح إسرائيل، فإن الحرب بغزة ولبنان ستتوسع في المنطقة، مؤكداً في الوقت ذاته وقوف بلاده مع «حزب الله» اللبناني وحركة حماس في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال عراقجي: «على العالم أن يعلم أن الحرب، إذا انتشرت فإن آثارها الضارة لن تقتصر على منطقة غرب آسيا فقط» في إشارة إلى الجمهورية الإسلامية.
ورأى أنه إذا توسعت الحرب فلن تنحصر في غرب آسيا، ويمكن أن ينتشر انعدام الأمن إلى مناطق أخرى حتى إلى أماكن بعيدة، لاسيما بعد الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، بل يمكن أن تمتد إلى مختلف دول العالم.
واعتبر أن إسرائيل تهدد أمن العالم كله وليس المنطقة فقط، وترتكب جرائم حرب، مؤكدا أن «المقاومة هي الطريق الوحيد للوصول إلى العدالة».
وشدد على أن وقف إطلاق النار وإرسال المساعدات إلى لبنان يجب أن يكونا أولوية بالنسبة إلى المجتمع الدولي.
كما حذّر رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف من أن العملية العسكرية التي تشنها الدولة العبرية على غزة ولبنان ستتوسع «إذا لم يتم كبح إسرائيل».
وفي تلميح ضمني لإمكانية التريث بشنّ الضربة الانتقامية التي يخشى من إشعالها مواجهة شاملة قد تجر الولايات المتحدة، أكد قائد «الحرس الثوري» اللواء حسين سلامي أن توقيت تنفيذ «الوعد الصادق 2»، موجة القصف الثانية التي شنتها إيران ضد إسرائيل في أبريل الماضي، قد تأخر عدة مرات، لكنه تحقق في اللحظة المثلى، حيث كانت ضربة قوية لثقة الكيان الصهيوني في نفسه، مما أجبرها على العودة إلى حجمها الحقيقي على الأرض. وقال إن «العدو قد دخل الساحة بكل ما لديه من إمكانات وقدرات على جميع الصعد، في حين أننا نخوض المواجهة معه بجزء من قدراتنا فقط».
ودعا مساعد الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف ترامب إلى أن يظهر انه «لا يرتكب الأخطاء السابقة نفسها، فسياسة الضغوط القصوى أوصلت تخصيب اليورانيوم في إيران من 3.5 إلى 60 في المئة، إضافة إلى رفع عدد أجهزة الطرد المركزي».
كاتس وأوستن
على الجهة المقابلة، بحث وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، يسرائيل كاتس، مع نظيره الأميركي لويد أوستن «التنسيق لمواجهة إيران ووكلائها بالمنطقة، فضلاً عن إعادة الرهائن من غزة». وأكد أوستن التزام الولايات المتحدة الراسخ بـ «أمن إسرائيل ودعم حقها في الدفاع عن نفسها».