المتقاعدون
المتقاعد هو ذلك الموظف الذي أنهى خدمته بمحض إرادته، أو أنهيت خدمته من العمل بعد بلوغ فترة من الزمن، وقد وجد بعض المتقاعدين في التقاعد فترة راحة من العمل المضني أو العمل الممل، وبعضهم الآخر افتقد العمل الممتع الذي تخصص فيه وقضى معظم حياته فيه واكتسب خبراته منه، كل حسب ظروفه والجهة التي كان يعمل فيها، وبسبب نظام التقاعد المعمول به في الكويت، عاد معظم المتقاعدين والمتقاعدات إلى البيوت والبقاء فيها معظم الوقت ومتابعة الأحداث من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كل حسب ميوله وإمكاناته وتأهيله العلمي.
وقد استطاع بعض المتقاعدين أن يستثمر خبراته ومهاراته العلمية والعملية في عمل مفيد له ولأسرته ولمجتمعه، أما البعض الآخر من المتقاعدين فقد أصبح عالة ومعوقاً لنمط الحياة اليومية المعتادة في البيت، وكذلك عالة على المجتمع، وتختلف أعمار وخبرات وقدرات المتقاعدين من شخص لآخر، وأغلب هؤلاء المتقاعدين والمتقاعدات يشتركون في صفة واحدة وهي إهمال الدولة ومؤسساتها لهم ولاحتياجاتهم الحياتية اليومية، وعدم استثمار قدراتهم وخبراتهم وإمكاناتهم في سد نقص العمالة بالجهاز الحكومي!
إن العنصر البشري أهم عناصر الإنتاج، وعند إهمال هذا العنصر، فإن الدولة لا تفوّت فرصة مهمة في الاستثمار بالعنصر الوطني فقط، بل تسهم بطريقة غير مباشرة في إيجاد بعض المشاكل النفسية والاجتماعية للمتقاعدين وأسرهم، وتزيد التكلفة الاجتماعية والمالية والعلاجية على مستوى الدولة، لذا أرى أنه من الأهمية بمكان الاستفادة من المتقاعدين في العديد من الوظائف الفنية والإدارية البسيطة والتخصصية في الجهاز الحكومي للتقليل من الاعتماد على العمالة الأجنبية، خصوصا في مجال الأمن والحراسة، لا سيما حراسة المدارس والمنشآت والإدارات الحكومية، وفي الوقت نفسه إشغال وقت المتقاعدين الراغبين في العمل بهذه الوظائف، وكذلك الاستفادة من المتقاعدين في بعض الوظائف التخصصية كالتدريس والتدريب والتمريض والهندسة، وهي وظائف لا تزال الدولة تستورد العمالة الأجنبية فيها، ويمكن سد النقص في هذه الوظائف وغيرها من خلال العمل الكلي Full Time أو العمل الجزئي Part Time.
إن التفكير في إمكانية عمل المتقاعدين والمتقاعدات (ولو من خلال العمل الجزئي المؤقت في المدارس الحكومية، في مجال الأمن والحراسة، وكذلك الإشراف على انتقال الطلبة والطالبات من مدارسهم وإليها، في حال طبق نظام النقل الجماعي للطلبة والطالبات) يمكن أن يسهم في خلق العديد من الفرص الوظيفية، وكذلك في تقليل الاعتماد على جزء من العمالة الوافدة، ويخفف من الازدحام المروري اليومي الذي يعانيه الجميع ويقلل من حدة بعض المشاكل الاجتماعية التي نتجت عن بقاء المتقاعدين في المنازل مدة طويلة.
نحن على علم ودراية بأن هناك بعض التشريعات والقوانين والأنظمة الإدارية التي تحد من الاستفادة من عمل المتقاعدين والمتقاعدات، ولكن مصلحة الدولة تتطلب تغيير هذه التشريعات والقوانين والأنظمة والإجراءات العقيمة، لأن مصلحة الوطن والمواطنين تتطلب ذلك، فهناك العديد من الأفكار والمقترحات التي يمكن من خلالها أن تستفيد الدولة من المتقاعدين والمتقاعدات، وكذلك مساهمتهم في تطوير وتنمية بلدهم، فهل نحن مستعدون للاستفادة من هذه الأفكار والمقترحات؟
أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت لمن يهمه أمر هذه الشريحة من المواطنين... ودمتم سالمين.