يتسلم ترامب منصبه في يناير المقبل، وسط عالم أخطر مما كان عليه عندما تولى ولايته الأولى عام 2016، وتوقع مسؤولون أن يتخلى عن «سياسة بايدن التي لم تكن مخيفة بما فيه الكفاية»، حسبما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال، متوقعة أن يستعرض ترامب القوة الاقتصادية والعسكرية الأميركية، حتى ينجح في تحقيق السلام، أو على الأقل منع المزيد من التصعيد في أوكرانيا والشرق الأوسط.
في هذا السياق، رجح روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي السابق لترامب، أن «تكون هناك عودة للسلام من خلال القوة»، مؤكدا أنه «ستتم استعادة الردع حتى يدرك خصوم أميركا أن الأشياء التي أفلتوا منها على مدار السنوات الأربع الماضية لن يتم التسامح معها بعد الآن».
غير أن مسؤولا سابقا بالبيت الأبيض أوضح أنه ليس من السهل تنفيذ مثل هذه السياسات، خاصة مع اندماج روسيا وإيران وكوريا الشمالية في تحالف عسكري غير رسمي، يتمتع بالدعم الاقتصادي والدبلوماسي من الصين التي تعيد تسليح نفسها بسرعة.
وعلى عكس بايدن، الذي لم يتحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ فبراير 2022، أشار ترامب إلى أنه يهدف إلى التفاوض على تسوية للحرب بأوكرانيا، في خطوة اعتبرها الفريق المتقاعد كيث كيلوغ «مفيدة في إضعاف المحور الجديد المناهض لأميركا».
ومن المرجح أيضا أن يتعرض حلفاء واشنطن لضغوط جديدة، كما توقع مدير البرنامج الأميركي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، جيريمي شابيرو، مشيرا إلى أن «ترامب يعتبر الحلفاء مثل الأقارب الذين يأتون إلى منزلك لاقتراض المال ثم يبقون طوال اليوم ويستخدمون حمام السباحة الخاص بك».
ولفت إلى أنه استعدادا لعلاقة جديدة مع الولايات المتحدة، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس الماضي، من «الأطلسي الساذج»، فضلا عن أن ترامب كافح خلال ولايته الأولى لإقناع الأوروبيين بإيقاف وارداتهم التكنولوجية من الصين، لاسيما شركة هواوي، خوفا من إمكانية التجسس، لكن حربه التجارية ضد أوروبا جعلت بعض القادة أقل استعدادا للعمل مع واشنطن.
وإذا شعرت الحكومات الأوروبية بأن إدارة ترامب الجديدة تهدد أمنها من خلال مساندة روسيا بشأن أوكرانيا، فقد يميل حلفاء الولايات المتحدة إلى تحسين العلاقات مع الصين، حتى لو كان ذلك يعني الانفصال عن واشنطن.
خط متشدد
ومن المتوقع أن يضاعف ترامب نهجه المتشدد تجاه الصين، كما قال مسؤولان سابقان، ورجحا أن يعود إلى الحرب التجارية التي ميزت إدارته الأولى ويستثمر أكثر في الاستعداد العسكري لصراع محتمل في المحيط الهادئ.
غير أن السيناتور الديموقراطي كريس كونز حذر من أن أي سوء تعامل من جانب ترامب مع الحلفاء الأوروبيين قد يثبت أنه نعمة جيوسياسية لبكين، وقال: «لقد كان الصينيون ينتظرون ذلك ويستعدون له، ومن الأفضل لنا أن نتحدى التقدم التكنولوجي للصين وهيمنتها المقصودة بالشراكة مع حلفائنا».
على الصعيد العسكري، رجح مسؤولون أن يحاول القائد الأعلى القادم إشراك نفسه دبلوماسيا، ربما أكثر مما فعل بايدن في الصراعات بأوروبا والشرق الأوسط، مع تقليص الالتزامات العسكرية الأميركية في الخارج، على غرار ولايته الأولى.
وذكر مسؤول سابق: «ان ترامب يريد إشراك الولايات المتحدة في كل صراع بالعالم، للتوسط والتوصل إلى حلول دبلوماسية. سيكون هذا محورا رئيسيا لما يفعله، كونه وسيطا للسلام في جميع أنحاء العالم».
وبخصوص تعهد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا، اكتفى مستشاره السابق للأمن القومي روبرت أوبراين بالقول إن الرئيس المنتخب «سيفعل ما يلزم لإنهاء الحرب والقتل»، فيما أشار مستشارون إلى أن ترامب سيكون أكثر صرامة مع إيران، وسيعود لسياسة «الضغط الأقصى»، خاصة إذا اقتربت طهران من الحصول على أسلحة نووية.
وكشف أحد المسؤولين السابقين أن ترامب لا يزال على استعداد للتحدث مع إيران، لكن طهران ستدفع ثمنا باهظا جدا على طاولة المفاوضات. وقال مقربون من الرئيس المنتخب إنه وزميله في الترشح جيه دي فانس لا يريدان الحرب مع طهران، لكن هذا لا يعني أنه سيقف مكتوف الأيدي إذا قررت إيران بناء أسلحة نووية.
وخاض ترامب حملة طويلة ضد ما أسماه الحروب التي لا نهاية لها، وقد يسحب أخيراً القوات الأميركية من سورية والعراق، بينما رجح أندرو تابلر، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن «يستخدم ترامب الدبلوماسية والعقوبات، فضلاً عن التهديد بالقوة العسكرية لمحاولة التوصل إلى نتائج».
دعم إسرائيل
وعلى الرغم من طلبه من رئيس الوزراء الإسرائيلي «فعل ما يجب فعله» فيما يتعلق بإيران ووكلائها، من غير المرجح أن يحظى نتنياهو بدعم أميركي غير محدود لمواصلة العمليات العسكرية في غزة ولبنان، بالنظر إلى الخسائر المدمرة التي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين واللبنانيين، خاصة أن ترامب ينظر إلى الناخبين المسلمين والعرب الذين صوتوا له مقابل تعهده بإنهاء المذبحة المروعة في غزة.
في هذه الأثناء، أعلن ترامب أنه لن يدعو السفيرة الأميركية السابقة في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، أو وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، إلى الانضمام لإدارته الجديدة، بينما يعتزم الرئيس الأميركي جو بايدن استقباله في البيت الأبيض الأربعاء المقبل، بعد تعهده بانتقال سلمي ومنظم للسلطة.
من جهة أخرى، شهدت عدة مدن أميركية كبرى، مثل نيويورك وسياتل وواشنطن العاصمة، مسيرات احتجاجية ضد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وفق تقارير إعلامية، مشيرة إلى أن مئات المتظاهرين من جماعات حقوق العمال والمهاجرين والنساء عبروا عن إحباطهم من إعادة انتخاب المرشح الجمهوري، ورفعوا لافتات تدعو إلى «محاربة الفاشية».