شهدت العاصمة السعودية الرياض، أمس، أعمال القمة العربية الإسلامية غير العادية بمشاركة ممثل سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ورئاسة ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والهادفة للخروج بموقف موحد في مواجهة استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع في المنطقة.
ونقل سمو ولي العهد تحيات سمو أمير البلاد للقادة والزعماء المشاركين بالقمة العربية والإسلامية غير العادية وللقيادة السعودية ممثلة بخادم الحرمين وولي عهده، متمنياً سموه أن تحقق أمن واستقرار المنطقة وشعوبها.
وقال الخالد في كلمته: «يلتئم جمعنا مجدداً على أرض الحرمين الشريفين تلبية لدعوة كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي جاثماً على صدر الأمتين العربية والإسلامية منذ عام 1948، ومستشرياً في جسدها نتيجة الانتهاكات الصارخة، وازدواجية المعايير في تطبيق القوانين والمواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة، مما أفضى إلى تأجيج الصراعات، وتقويض الأمن والسلم الدوليين، في تجسيد دقيق لما حذرت منه - ولسنوات عديدة - دولنا كافة».
إبادة جماعية
وأضاف سموه: «ما نشهده اليوم في غزة وباقي أرض فلسطين المحتلة من إبادة جماعية ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، والاستهداف الممنهج لمظاهر الحياة، من خلال التعرض للأعيان المدنية، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، وفرض سياسة التهجير القسري، ومحاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس... أمر يستوجب تكاتف المجتمع الدولي لوضع حد لهذه الانتهاكات».
وتابع سموه: «وعلى نحو متزامن، ها نحن نشهد اليوم تغوّل العدوان الإسرائيلي، وتمدده ليطول سيادة الجمهورية اللبنانية الشقيقة، مستهدفاً شعبه وكل من يوجد على أرضها، بما في ذلك قوات (يونيفيل)، في انتهاك صارخ للأعراف والقوانين الدولية. الأمر الذي بات يحتم على المجتمع الدولي التضامن مع الجمهورية اللبنانية، وتمكينها من استعادة السيطرة على مؤسساتها، وحماية مواطنيها وأراضيها، وتطبيق قرار مجلس الأمن (1701)».
ومضى سموه: «بات لزاماً على قمتنا هذه توجيه رسالة واضحة للمجتمع الدولي ومجلس الأمن - على وجه الخصوص - للاضطلاع بمسؤولياتهم، وإعادة الثقة لدور وفعالية مؤسسات المجتمع الدولي التي أصبحت اليوم على المحك، واتخاذ موقف حازم يفضي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وتوفير الحماية الدولية للمدنيين الأبرياء، وضمان فتح الممرات الآمنة ووصول المساعدات الإنسانية العاجلة، وعدم التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي باعتباره كيانا فوق القانون، أو السماح بأن يسوق على أنه دفاع عن النفس».
وشدد ممثل الأمير على أن «دولة الكويت تدعو إلى ضرورة تحقيق مبدأي المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، والامتثال للفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية، بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات قوى الاحتلال الإسرائيلية في أرض فلسطين المحتلة».
وأكد سموه أن «دولة الكويت تدين قيام الاحتلال الإسرائيلي بإصدار تشريعات تهدف إلى حظر عمل وكالة (أونروا) في أرض فلسطين المحتلة. كما تعرب عن رفضها تصفية الوكالة كمدخل لتصفية القضية الفلسطينية وحق اللاجئين بالعودة، ولأي تعرض لأجهزة الأمم المتحدة أو لأمينها العام في ظل الجهود الحثيثة الرامية لصون الأمن والسلم الدوليين، ودعم مبادئ ومقاصد الأمم المتحدة النبيلة».
ومضى سموه: تجدد دولة الكويت دعمها التام لكل الجهود التي تقوم بها دولة قطر الشقيقة وجمهورية مصر العربية الشقيقة والولايات المتحدة الأميركية الصديقة لوقف إطلاق النار، كما تشيد بالجهود المبذولة من أعضاء اللجنة الوزارية التي توجت بها أعمال قمتنا السابقة.
وتابع: وتعرب الكويت مجدداً عن دعمها للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي تقوده المملكة العربية السعودية الشقيقة، مشيدة في الوقت ذاته بالخطوات الشجاعة التي اتخذتها عدد من الدول الصديقة بالاعتراف بدولة فلسطين، داعية بقية دول العالم الصديقة المؤمنة بمبادئ العدل والإنصاف والمساواة، لاتخاذ خطوات مماثلة، وصولاً إلى تمكين دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة.
وأشاد سموه بكل الجهود التي توجت بالتوصل لآلية تنسيق مشتركة بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي، بهدف دعم القضية الفلسطينية.
وختم سموه بأن «الكويت تشدد على موقفها المبدئي الثابت والتاريخي المساند للشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ونيل حقوقه السياسية المشروعة كافة، وإقامة دولته المستقلة على أرضه في حدود الرابع من يونيو للعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً للمرجعيات والقرارات الدولية ذات الصلة».
جرائم الاحتلال
وفي الكلمة الافتتاحية، أكد ولي العهد السعودي، أن القمة تنعقد في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على غزة ولبنان، مشدداً على أن المملكة تجدد رفضها القاطع للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، كما ترفض انتقاص دور السلطة الفلسطينية.
واعتبر الأمير محمد بن سلمان أن إمعان إسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني يعوق جهود السلام»، وشجب منع الاحتلال وكالة (أونروا) من القيام بدورها وإعاقة عمل الوكالات الإنسانية في غزة.
ولفت إلى أن فلسطين مؤهلة لعضوية كاملة بالأمم المتحدة، والسعودية أطلقت مبادرة عالمية لدعم حل الدولتين، وتحشد الجهود الدولية لإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
ودعا المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل بالوقف الفوري للحرب. وقال ولي العهد السعودي: «ندين العمليات العسكرية التي تستهدف أراضي لبنان ونرفض انتهاك سيادته، مطالباً بوقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان.
وفي موقف لافت، شدد بن سلمان على «رفض الهجمات على الأراضي الإيرانية». وقال: ندعو المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل باحترام سيادة إيران الشقيقة».
عباس وميقاتي
واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن «الواجب العربي والإسلامي والإنساني يفرض علينا أمام كل التحديات وفشل المجتمع الدولي في وقف العدوان الإسرائيلي أن نتحلى بأعلى درجات التعاون لتنفيذ قرار مجلس الأمن القاضي بوقف العدوان الإسرائيلي وتأمين وصول الاحتياجات إلى غزة وانسحاب الاحتلال من القطاع وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها السيادية»، مؤكداً وجوب إعادة النازحين والانطلاق في الإعمار ورفض المخططات الإسرائيلية في فصل غزة عن الضفة والقدس، ووقف الاستيطان والاحتلال وجرائم القتل وإرهاب المستوطنين».
وطالب عباس «المجتمع الدولي بتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة ما لم تلتزم بالقانون الدولي والاتفاقيات، وندعو دول العالم لمقاطعة دولة الاحتلال ووقف التطبيع معها».
وأكد دعم التحالف الدولي الذي بدأ أعماله مؤخراً في الرياض لتجسيد دولة فلسطين والحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وتطبيق مبادرة السلام العربية.
من جهته، أكد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن «أزمة تاريخية مصيرية غير مسبوقة» تعصف بلبنان. وقال إنه «لا يجوز ولا يمكن أن تستمر إسرائيل في عدوانها المتمادي على لبنان وشعبه، وانتهاك سيادته وتهديد علة وجوده من دون حسيب أو رقيب».
وشدد على أن «الأساس يبقى وقف العدوان المستمر على لبنان فوراً مع تأكيد التزام الحكومةً اللبنانية الثابت والراسخ بالقرار الدولي الرقم 1701 بكل مندرجاته».
ولفت أيضاً إلى «تعزيز انتشار الجيش في الجنوب وبالتعاون الوثيق مع القوات الدولية لحفظ السلام، والعمل على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل الحدود المعترف بها دولياً».
مفترق طرق
بدوره، حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أن «مستقبل المنطقة والعالم أصبح على مفترق طرق»، متعهداً «صراحة بالوقوف ضد جميع مخططات تصفية القضية الفلسطينية، سواء التهجير أو تحويل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة».
وأشار الملك الأردني عبدالله الثاني إلى أن «المنطقة تعيش مأساة لا يمكن السكوت عنها ويجب كسر الحصار على غزة ووقف التصعيد بالضفة ودعم سيادة لبنان لتحقيق السلام ب المنطقة ومنع الحرب الشاملة».
ودعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى «عزل إسرائيل دولياً ما لم تنه عدوانها على غزة ولبنان»، مطالباً بتشجيع مزيد من الدول على الاعتراف بدولة فلسطين».
من ناحيته، اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن الأولوية يجب أن تكون لإيقاف المجازر والإبادة والقتل والتطهير العرقي في فلسطين ولبنان. وقال: «نمتلك الأدوات رسمياً وشعبياً ونملك تنفيذها إذا لم ينفذ الكيان ما ورد في بياناتنا حول وقف العدوان»، وتساءل: «ما هي خطتنا التنفيذية؟ هل نغضب أم نسير في المقاطعة، وغير هذا فإننا نشجع استمرار الإبادة لأننا لا نتعامل مع دولة لها المعنى القانوني للكلمة بل هي مجموعة من القتلة والمجرمين».
القمة الإسلامية - العربية تدعو لوقف فوري للنار في غزة ولبنان
البيان الختامي يحذر من خطورة التصعيد في المنطقة ويدعو لإلزام إسرائيل بوقف سياساتها العدوانية
أكد البيان الختامي للقمة الإسلامية ـ العربية غير العادية، التي عقدت أمس بالعاصمة السعودية الرياض، على مركزية القضية الفلسطينية والدعم الراسخ للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حقه في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على «خطوط الـ 4 من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
ودان البيان بشدة جرائم الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في غزة، وسياسة العقاب الجماعي واستخدام سلاح التجويع في القطاع، داعيا الى قرار أممي يلزم إسرائيل بوقف النار بغزة «تحت الفصل السابع»، ومحملا إسرائيل مسؤولية فشل مفاوضات وقف اطلاق النار، في وقت جدد دعم جهود مصر وقطر بالتعاون مع الولايات المتحدة لإنجاز صفقة تبادل أسرى ووقف النار.
وطالب البيان جميع الدول بحظر تصدير أو نقل الأسلحة لإسرائيل، وتعهّد بحشد الدعم الدولي لتجميد مشاركة إسرائيل في الأمم المتحدة، مطالباً مجلس الأمن بالاستجابة للإجماع الدولي بأن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة، في وقت أكد دعم الدول الإسلامية والعربية لتنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بشأن غزة.
ودعا البيان المجتمع الدولي الى إطلاق خطة تجسيد الدولة الفلسطينية، ودول العالم إلى الالتزام بالقرارات الدولية بشأن القدس، مديناً الإجراءات العدوانية الإسرائيلية التي تستهدف المقدسات.
وندد بجريمة الإخفاء القسري التي ترتكبها قوات الاحتلال منذ بداية العدوان تجاه آلاف المواطنين الفلسطينيين.
وأكد البيان على قرارات القمة السابقة وتجديد التصدي للعدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة ولبنان، وحذّر من خطورة التصعيد الذي يعصف بالمنطقة، مطالباً مجلس الأمن بإلزام إسرائيل بوقف سياساتها العدوانية والمجتمع الدولي بالتحرك بفاعلية لإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي واستنكار ازدواجية المعايير في تطبيقه.
وقال البيان إن الدول الإسلامية والعربية تدين العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتدعو الى وقف فوري لإطلاق النار بهذا البلد، مؤكداً ضرورة دعم المؤسسات اللبنانية في ممارسة سلطتها، ودعم الجيش اللبناني باعتباره الضامن لوحدة البلاد، وأهمية الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة استناداً للدستور وتنفيذ اتفاق الطائف، متعهداً بتقديم المساعدات الإنسانية للحكومة اللبنانية.
وحذر البيان من خطورة انتهاك سيادة سورية وإيران دون اكتراث من المجتمع الدولي، وبتخاذل من الشرعية الدولية، وأكد ضرورة حماية الملاحة في الممرات البحرية.