هل أصبحنا فقراء في الإبداع؟ هل غدونا ضحلين في الابتكار إلى هذه الدرجة؟ هل عقرت الكويت من الشباب المبدع والمصممين أصحاب الأفكار المتجددة حتى نضطر إلى العودة إلى الماضي؟ ولا نكتفي بذلك بل نشوهه بهذه الصورة الممجوجة؟
يبدو أننا كذلك، والدليل «هيدو» تعويذة بطولة «خليجي 26» التي كُشف عنها النقاب خلال حفل سحب قرعة البطولة الذي أقامته اللجنة المنظمة العليا مساء السبت الماضي والمكررة أو المعادة إلى الحياة بعد 42 عاماً، فبعد هذه السنين لم تجد اللجنة المنظمة شعاراً غير «هيدو» أو الجمل الذي لا يمت، لا من قريب أو بعيد، إلى كأس الخليج، بل ارتبط بظروف معينة وزمن مختلف، وكان لا بد أن يبقى كذلك محافظاً على صورته الجميلة في الأذهان، لا أن يُجدَّد بهذا الشكل ويُستغل لاستدرار العواطف، وبالتالي قد يكون عرضة للاستهزاء والاستخفاف إذا ما صادف مشوار المنتخب في البطولة فشلاً، لا قدر الله، فالجماهير تعودت أن تربط «التميمية» أو التعويذة بأداء المنتخب ونتائجه، ولنا في «أزيرق خليجي 16» أسوة.
ثم لنأتِ على حفل سحب القرعة، فما مفهوم أن يأتي أي حفل لقرعة أو افتتاح لبطولة ما مبسطاً وقصيراً بل يكاد هذا أن يصبح عرفاً في الكثير من البطولات على مستوى العالم سواء كانت إقليمية أو قارية أو حتى عالمية، لكن غير المفهوم ولا المقبول أن يأتي فقيراً وخالياً من الإبداع، وهذا هو تحديداً ما يمكن أن نصف به حفل قرعة «خليجي 26»، الذي بدا باهتاً وافتقر إلى الكثير والكثير من عناصر الجذب، التي كان يمكن أن تضفي عليه روحاً أخرى، وكانت كفيلة بأن تمنح ما سُمي بـ «الحفل فهو أبعد عن ذلك بكثير» الحيوية اللازمة.
ومن دون أن نتطرق إلى الفوضى التنظيمية غير المبررة التي صاحبت عملية الدخول أو تحديد مكان وجود وسائل الإعلام بعد نهاية القرعة في مكان أقل ما يوصف بأنه ممر لنبدأ بالتكريم «الاسمي»، الذي أُعلن عنه خلال الحفل للمدربين من أصحاب البصمة الذين نجحوا في تحقيق لقب البطولة، والذي لا نعلم السبب الذي دعا القائمين على الحفل أو اللجنة المنظمة إلى الاكتفاء بإعلان أسمائهم فقط وعدم دعوتهم أو مَن ينوب عنهم للصعود على المسرح وتكريمهم بصورة حية أمام الحضور وكاميرات التلفزيون وبقية وسائل الإعلام، والسؤال إذا لم يكن لدى اللجنة نية لتكريمهم بالشكل الذي ذكرناه فلماذا حمّلتهم مشقة الحضور، إذ كان يمكنها إبلاغهم أن أسماءهم ستُكرَّم خلال الحفل «وخلاص»؟.
وقبل أن نختم حديثنا عن الحفل العقيم لا بد أن نأتي على الفيلم الوثائقي التسجيلي القصير والسخيف، الذي اعتمد على السردية واللقطات المكررة، ولم نفهم الهدف منه، وما إذا كان يتحدث عن الترويج السياحي للكويت أم الإنجازات الرياضية أم المستقبل الخليجي المرتبط ببعضه بعضاً.
بنلتي
يقول المثل «عط الخباز خبزه لو أكل نصه»، لكن مع الأسف، كان حفلنا ناشفاً بلا خبز ولا خباز، بارد بلا روح... لذلك نتمنى صادقين أن ينجح القائمون على البطولة بتغيير تلك الصورة القاتمة حتى الآن «اللي تخلينا نحط اليد على القلب ونقول الله يستر»، لأن الكويت هي اللي في الوجه، ولا شك لدينا في أن إخلاصهم لها يفوق أي شيء آخر.